الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غوانتانامو: أرض مغتصبة.. وانتهاك لحقوق الإنسان

رشيد قويدر

2002 / 2 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات




غوانتانامو، خليج من خلجان جمهورية كوبا الجميلة..
ولا شيء أجمل من شواطئ كوبا. دخلت هذه المفردة القاموس اليومي للشعوب، بينما تحكي قصة حظ الإنسان من جشع أخيه الإنسان.. سجين اللعنة الأولى.. المؤتمر بالشر الكامن فيه..
وكوبا المحاصرة جوراً منذ عقود طويلة، تواصل حلمها بإقامة مجتمع العدالة، نموذجاً للشعوب المقهورة والمهملة بل والمكافحة. وهي الشاهد الحيّ دوماً على التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية، تتناول به «حقوق الإنسان» في حوالي 170 بلداً، باستثناء الولايات المتحدة ذاتها، وتوزع به ميداليات ذهبية هنا، وتهماً ولوائح سوداء هناك. تقع كوبا في شقه الثاني النابع من الازدواجية الأخلاقية.. ومن أصولية صندوق النقد الدولي، والذي أحرق الأخضر واليابس في أميركا اللاتينية، القارة التي يعيش نصف مواطنيها تحت خط الفقر. مؤشرات الوفيات بين الأطفال في القارة عشرين ضعف عما هو عليه في كوبا، موضوعة لها سوابق هامة تخرج منها الحقوق الأساسية بالصحة والغذاء والتعليم، ومشكلة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

تبلغ مساحة القاعدة الأميركية 117.6كم2 من الأرض الوطنية الكوبية، تم احتلالها عام 1903، وفرضت معاهدة خاصة، وقعت بين حكومة الولايات المتحدة وحكومة كوبا، والتي لم تتمتع عملياً بأي استقلال، إثر تدخل واشنطن في حرب الاستقلال التي خاضها الشعب الكوبي ضد الاستعمار الإسباني.
تم توقيع المعاهدة أولاً في هافانا، ثم في واشنطن، في شباط (فبـراير) من عام 1903، ومحصلتها أن غوانتانامو محطة للتزويد بالفحم والمستلزمات كمحطة بحرية. ولم يصل الأمر أبداً إلى إقامة قاعدة بحرية أو أية أغراض عسكرية أخرى. وفي 29 أيار (مايو) 1934، وفي ظل إدارة الرئيس روزفلت، تم توقيع معاهدة جديدة للعلاقات المشتركة بين البلدين، أُعيد التأكيد بها على سريان النظم التي تحكم الاتفاقية، والتي بقيت سارية المفعول، حيث نصت المادة الثالثة «ما دام الطرفان المتعاقدان لم يتوصلا إلى اتفاق بشأن تعديل أو إلغاء نصوص المعاهدة الموقعة من قبل كل من رئيس جمهورية كوبا، في 16 شباط (فبـراير) 1903، ورئيس الولايات المتحدة الأميركية، في الثالث والعشرين من ذات الشهر والسنة بصدد تأجير أراضٍ في كوبا للولايات المتحدة الأميركية، من أجل إقامة محطات التزود بالوقود، أو بحرية، تبقى نصوص هذه المعاهدة سارية المفعول بشأن محطة غوانتانامو البحرية، وفيما يتعلق بهذه القاعدة، يظل سارياً أيضاً بذات الأشكال والظروف، التعديل الإضافي المتعلق بالمحطات البحرية أو الخاصة بتزويد الفحم، المنجز بين الحكومتين في الثاني من تموز (يوليو) 1903. وما دامت الولايات المتحدة الأميركية لم تتخل عن محطة غوانتانامو تلك، وما دامت الحكومتان لم تتفقا على تعديل لحدودها الحالية، تواصل شغلها للمساحة التي تشغلها الآن بحدودها القائمة لدى توقيع المعاهدة الحالية».
ونص التعديل الإضافي أن تدفع واشنطن لهافانا كبدل استئجار 117كم2، وهو يشمل جزءاً كبيراً من أفضل خلجان كوبا مبلغ ألفيّ دولار سنوياً، بصكوك سنوية ترفض كوبا أن تقبضها من منطلق الكرامة الوطنية. أما الصكوك فموجهة إلى أمين صندوق جمهورية كوبا، وهما منصب ومؤسسة لم يعد لهما وجود منذ زمن طويل، أما القيمة فتبلغ 34.7 سنت للـهكتار الواحد.
بعد انتصار الثورة الكوبية، تحولت القاعدة إلى نقطة انطلاق وتخريب على الثورة، وقامت واشنطن بطرد عشرة آلاف عامل كوبي واستبدلتهم بعمال من بلدان أخرى، وتتكرر حوادث إطلاق نار وتجميع العناصر المعادية للثورة بها، وتم تجميع عشرات الآلاف من المهاجرين الهايتيين أو المحليين الكوبيين، ممن يحاولون الهجرة إلى الولايات المتحدة بوسائلهم الخاصة، وعلى مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن، جرى استخدام هذه القاعدة لغايات عديدة، لم يدرج أي منها في الاتفاق الذي يبـرر وجودها. كما لم يتوفر لحكومة هافانا بحث هادئ ودبلوماسي بغية التوصل إلى الحل المنطقي العادل والطبيعي، والذي تراه حكومة كوبا الوحيد؛ أن يعاد لها هذا الجزء من أراضيها الوطنية المحتلة رغم إرادة الشعب الكوبي.
لقد عملت الحكومة الكوبية على وضع غوانتانامو، ضمن قضايا الخلافات العديدة والخطيرة القائمة بين البلدين. ففي شباط (فبـراير) من عام 2000 وردت غوانتانامو بالصيغة التالية في بيانها «في اللحظة المناسبة كونها لا تشكل هدفاً ذا أولوية في هذه اللحظة، رغم أنها نعم تشكل حقاً لشعبنا عادل جداً ولا يمكن التخلي عنه، الأراضي المحتلة بطريقة غير مشروعة من غوانتانامو، يجب إعادتها لكوبا». ومن الجدير التنويه أنه في عام 1994، استخدمت واشنطن عدداً كبيراً من مهاجري القوارب، والذين دفعت بهم وراكمتهم في ذلك المكان، ومحاولات العديد منهم اجتياز الأراضي المزروعة بالألغام. ويضاف لها الأمطار الغزيرة وطوفان الأنهار في تلك المنطقة، حيث جرفت المياه ألغاماً ومحت إشارات حقولها، الأمر الذي يتسبب بأوضاع خطيرة.
لقد سطع اسم غوانتانامو لأول مرة في الإعلام العالمي بقوة في السنوات الأخيرة مرتين، الأولى إبان الحملة العسكرية الأميركية على يوغسلافيا عام 1999 والثانية حرب أفغانستان. في الأولى تحول عدد كبير من أبناء كوسوفو إلى لاجئين، واستناداً إلى التزامات مقطوعة اتخذت واشنطن من القاعدة مأوى لهؤلاء، وتم إبلاغ هافانا بالقرار المتخذ مع عرض الدوافع، والتي كان ردها بناءً رغم معارضتها لتلك الحرب، بل عرضت التعاون وتقديم خدمات العناية الطبية، ولكن لم يتم إرسالهم إلى غوانتانامو.
وفي الثانية تم إنزال أسرى حرب أفغانستان ودون أن تُسأل هافانا عن رأيها، ولكن جرى إبلاغها مسبقاً وبإسهاب بالخطوات التي ستقوم بها واشنطن، في 7 كانون الثاني (يناير) 2002، بما فيه تعزيز الطاقم العسكري بالقاعدة من أجل المهام التي ستنفذ والإجراءات المرسومة. ولم تضع حكومة هافانا أية عراقيل أمام هذه العملية، بعدما تم إبلاغها بها، ووعياً منها بأن ذلك يستلزم تحركاً كبيراً وواسعاً للأفراد ووسائل النقل الجوي. وواصلت اتصالاتها مع طاقم القاعدة لاتخاذ الإجراءات التي تمنع مخاطر وقوع حوادث. وعلى الرغم من أن نقل واشنطن لأسرى حرب أجانب إلى منشأة عسكرية لها، تقع على مساحة من الأراضي الكوبية، تراها حكومة هافانا مغتصبة وتمنع من ممارسة السيادة عليها. وهذا الموقف هو من الجهود الكوبية المبذولة من أجل المحافظة على مناخ الهدوء والاحترام المتبادل الذي ساد هناك خلال السنوات الأخيرة

February 17, 2002
الحرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحت غطاءِ نيرانٍ كثيفةٍ من الجو والبر الجيش الإسرائيلي يدخل


.. عبد اللهيان: إيران عازمة على تعميق التفاهم بين دول المنطقة




.. ما الذي يُخطط له حسن نصر الله؟ ولماذا لم يعد الورقة الرابحة


.. تشكيل حكومي جديد في الكويت يعقب حل مجلس الأمة وتعليق عدد من




.. النجمان فابريغاس وهنري يقودان فريق كومو الإيطالي للصعود إلى