الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعلنت عليكم الحب بطريقتي

هشام بن الشاوي

2007 / 6 / 8
كتابات ساخرة


(تهريج - ربما -لا يعني أحد)

1

قبل رحلتي الى مدينة الرباط ..
وجدتني مدفوعا الى مكاتبة بعض الأصفياء من الأحبة .. الذين رحبوا بلقائي عبر المكالمة الهاتفية أو البريد الالكتروني .. طبعا ثمة نوعية تكتشف رغم كل مساعيك الطيبة .. أنها لاتستحق ثمن إرسال مساج حتى !!
وكان مقررا أن نلتقي لقاء عابرا في الدارالبيضاء في طريق عودتي الى الجديدة ..

2

قبل أن ألتقي “كريم أوشاشا ” في الساعة التاسعة صباحا ..
وجدتني أفكر- بجدية - في الطريقة التي سأتعرف بها على كريم .. لا سيما وأن تعارفنا القصير كان اميلات ومكالمات هاتفية .. ورطة جميلة تنطوي على شيء من الطرافة .. كان قريبا مني ويأتيني صوته عبر الهاتف .. كمن يسيس حصانا .. إلى الأمام ..اقترب ..انظر هناك .. لالالا الجهة الأخرى .. وأتلفت حوالي كبدوي حقيقي لأول مرة يطأ الإسفلت .
بنفس البداوة خفت من الدرج الكهربائي .. وأنا أقترب منه أحسست بالأرض تزتزل من تحتي.. وحتى لا أثير انتباه بعض المسافرين الجالسين بالقرب .. تراجعت إلى الخلف متظاهرا بالعبث بأزرار هاتفي المحمول وآثرت السلامة وصعدت الدرج المجاور ..
كان لقاء حميميا..
وبأحد المقاهي انشغلنا ببعض التفاصيل وانتقلنا إلى أماكن أخرى .. وابتسم كريم حين قلت له :الرباط مدينة تحس فيها بالحميمية والرغبة في التشرد الجميل عكس البيضاء (انطبعت في ذهني من خلال التلفزيون .. صورة العاصمة ذات الملامح الإدارية الصارمة ) .
تبادلت بعض الرسائل القصيرة المشاكسة مع الصديق والمبدع “أبو بكر متاقي” .. وهو يسألني عن قصتي” الخطيئة الأولى ” .. بعد أن اطلع عليها في الفوانيس .. فكتبت إليه أنها نشرت في دروب منذ سنة تقريبا ..

3

في طريق عودتي .. بعد ثلاث ساعات قررت أن أهاتف الصديقة العزيزة القاصة العراقية المقيمة في المغرب “صبيحة شبر” والتي تعرفت عليها في ملتقى أدبيات ومنتدى شروق من خلال متابعاتي لنصوصها .. وكان صوتها يأتيني منطلقا نابضا بأمومة مرحة .. رغم كل أوجاع العراق الجاثمة فوق الصدر.. وأمازحها أن تتكلم بدارجتنا المغربية أو باللغة العربية الفصحى ونغرق في الضحك .. وطلبت منها أن أهاتف زوجها .. سمعت خطواته على الدرج .. وأشاكسها : تعرفين أني أحبه أكثر منك .. فلا تغضبي .. واكتشفت أنه يتكلم بلهجة عرقية قحة لم أفهم منها شيئا … وقلت له توسل : أعد ما قلت والله لم أفهم شيئا ..
وانفجرت ضحكا …
وختمنا المكالمة بتبليغ التحية إلى الأصدقاء بالجديدة .. الذين كانوا يراسلون صفحة الشباب بجريدة الميثاق الوطني قبل إجهاضها .. وهذا سر محبتي العظمى ل “فراس عبد المجيد” .. فهو من احتضن كتاباتي الأولى .. في الوقت الذي كان مصيرها سلة المهملات مباشرة ببعض الجرائد المغربية .. التي تتفنن في الإقصاء والتهميش ونشرالنصوص من خلال الأسماء التي قيست قاماتهم الابداعية سلفا !!
واتجهت نحو محطة الحافلات ..

4

تسرب إلى نفسي ضجر بسبب انتظار انطلاق الحافلة تحت صهد القيلولة وموكب أشخاص احترفوا ممارسة تلك الأشياء في الحافلات .. التسول .. بيع بعض الأدوية السحرية حسب ادعاءاتهم (الحبة االسوداء وليس الزرقاء ذات المفعولات العجيبة ) .. ورغم وضعي لسماعات المذياع الصغير واغاني الشرق خفيفة الايقاع لم تستطع ان تخفف عني ذلك السأم وقلت للمراهق بلهجة جافة أني لا أريد.. وهو يهم أن يضع كتيب حصن المسلم .. وتفوهت بكلمة نابية معبرة عن امتعاضي .. الذي تلاشى بعد صعود ذلك الأمازيغي (الشلح) بائع البسكويت .. وهو يصيح في الركاب .. بطريقة آمرة:” واااالي اللي عندوا واحد ثلاثين ريال يجبدها ” !!…
ظهوره على الحافلة زرع عاصفة من المرح في صفوف الركاب … وفي داخلي . وجدتني مضطرا أن أشتري منه بسكويتا .. وقبل فتحه قلت بصوت مسموع : شكون عندو شي مهراز .. ؟ وهو يقول انه يذوب في الفم وليس كمثل بعض المنتوجات التي تحتاج الى ( دقاقة مهراز) .. !!

وسألته وأنا أقلبه :ألم تكبت عليه رقم هاتفك .. ؟!

5
عند وصولنا مدخل البيضاء أرسلت مساجا إلى حسن برطال … وجاءني صوته بعد نصف ساعة يطلب مني أن أنتظره عند المحطة .. وسألته كيف ستعرفني .. وطمأنني .. فتذكرت أن صوري متناثرة في المواقع كصور المبحوث عنهم دوليا …

أحسست
أن الصور تخدعنا كثيرا ….
وهو يناديني … لا حظت أن سنه أصغر مما في الصور .. من يتأمل صورته يظنه رجلا على مشارف الخمسين .. بملامج جادة أكثر من اللازم .. ووجدتني مذهولا باكتشاف “حسن برطال ” أستاذ الرياضيات بالسلك الثاني .. الطافح رقة وعذوبة وهذه البلوى (الكتابة) التي وحدت بين قلوبنا .. وغرقنا في بعض الثرثرة عن القصة القصيرة جدا وبعض الخلافات الصغرى التي تنشب هنا وهناك بين أحبة الحرف النازف .. وبين الفينة والأخرى أتصل بالصديق “حسن اعبيدو” لكن دون جدوى .. وأسأله عن رقم هاتفه المحمول .. يجيبني أنه زميله بنفس الثانوية لما منذ أكثرمن سبع سنوات ولا يعرف سكنه ولا رقم موبايله .. لأنه لا يحب أن يتدخل في خصوصيات الآخرين .

أتأمل الساعة .. أخبربرطال عن “مصطفى لغتيري” أنه مرتبط بعمل حسب اميله السابق وأنه لن يتمكن من لقائي إلا بعد السادسة مساء .. أرسلت إليه رسالة قصيرة أخبره أني مع حسن .. حتى ألتقيه قبل أن أغادر … وبعض الحزن يترنح في الدواخل .. لعدم تمكني من التواصل مع “حسن اعبيدو” منذ أكثر من ثلاث ساعات …
أرسلت إلى مصطفى أننا في مقهى ماليزيا قرب محطة أولاد زيان .. ردا على رسالته .. بعد انتظار غير هين ..
ارتسمت ابتسامة طفولية على وجه مصطفى وهو يقبل علينا .. كان ثمة بعض الدفء يسري بيننا .. ونحن نتحدث عن بركات سيدي بوصالون وأشياء أخرى .. أية بهجة أن نلتقي بعد صداقة افتراضية ؟؟
- بقيت لي هذه السيجارة وسأغادر !
قالها مصطفى وهو يشعلها ..
- أنت تعد لحظات اللقاء بالسجائر ..إذن ستحترق بسرعة…

في طريق عودتي وحسن .. كنت أحس أننا نعرف بعضنا منذ سنوات ..
مساء يتناثر الأهالي على جنبات الأرصفة وفي انتظارسيارة أجرة قال لي حسن ..
- يمكنك أن تكتب عن هذا …
- عادي جدا أن تشهد المدن الازدحام مساء بعد مغادرة العمل .. كل العصافير تتجه إلى أعشاشها . ما أكثر الأعمال السينمائية التي تعاملت مع كازا كفضاء له خصوصيته.. لكنها تركز على تصويرها كفضاء للدعارة والجريمة .. وتلك ليست كل البيضاء .. فما أكثر النساء اللواتي ينتظرن طاكسي ينقلهن إلى مساكنهن.. ولا شعوريا استحضرت قصتي :امرأة فوق كل الشبهات … وتساءلت بيني وبين نفسي :لم نصر دائما على أن نقحم الجنس بصورة مقززة بحثا عن شهرة زائفة .. كلهن نساء محترمات ولم أر بينهن واحدة من فتيات الكباريهات والاندية الليلية ذوات الخصر العاري والعجيزة المشدودة ؟؟….

6

لعل مرحي مع سائق سيارة الأجرة .. ما جعلها ترسم تلك الابتسامات الخفية رغم الزحام في المقعد الخلفي .. كنت أختلس النظر اليها .. وبي رغبة قوية أن أنحني وأهمس في أذن هذه المرأة التي تحبو نحو الأربعين :” أنت جميلة “! وأطبع قبلة على خذها … مجرد رغبة بريئة كانت !!

ودعنا السائق واعتذر لي إن ضايقني مزاحه .. فأكدت له أني تلقائي جدا و أحب المزاح كثيرا .. ولمح حسن باسما إلى المرأة التي كانت بجواري .. وظلت ملتصقة بي رغم نزول الراكبين .. ذراعها فوق صدري .. ونحن مكومان في ذلك الركن .. والفراغ المجاور لها يفضحنا .. انتبه إلى ذلك من مرآة السقف .. هي من كان يجب أن تبتعد بمجرد نزول الراكب اللأول .. فأخبرته أني انتبهت إلى ذلك وقلت لنفسي :هذه المصيبة شوهتني معها .. لقد أحسست في البداية أن قدمها كانت تمارس طقوسا غريبة .. توهمت أني أزاحمها فأبعدت ساقي عنها … !!
وبقينا نتدر بهذه الحكاية أكثر من مرة …

7

اقترحت على حسن أن نذهب إلى كافي نت …
زرته من أجلها .. من أجل حبيبتي الالكترونية فقط .
حتى لا يطول انتظارها على المسنجر… فبعد يوم متعب بتنقلاته أحتاج إلى بعض عسل بوحها : حبوبي .. قلبي معك مهما غبت … نبغييييييييييك (أحبك بالدراجة المغربية والتي تصر على أن أقولها لها بلهجتي ) .
وكتبت ردا على رسالة “محمد فاهي ” الأبهى بمحبته ونقائه القاص والروائي” .. وهو يسألني عن تفاصيل رحلتي …
أحييك من البيضاء”
حيث تستضيفني
لقد سعدت بلقاء لغتيري وحسن برطال
وأنا في ضيافة برطال الليلة
سأكاتبك لاحقا
محبة كازاوية” .

وأطفأت الجهاز وجلست إلى جوار حسن.. وجربت أن أتصل ب”حسن اعبيدو” لآخر مرة .. بعد أن يئس برطال من أن نقابله… وغادرنا مقهى النت .. وبددنا سأم انتظاره بملاعبته قليلا .. أشار إلى النازل من الطاكسي ..وابتعد .. تبعته من الخلف وهو يلتفت يمينا ويسارا متلهفا … وعند بوابة المقهى تعمدت أن أصدمه دون أن أنظر اليه .. ربما نظرة إلي نظرة شزراء .. وكتمت ضحكي وتبعته وهو يستدير عائدا.. قابل
تلميذين واخترقت تجمعهم متعمدا أن أصدمه مرة أخرى .. وحين لمح برطال.. فطن الى مشاكستي واحتضنني …

في بيت “حسن برطال” .. كان حديثنا دروب وبعض كتاب دروب : شهد الرفاعي – حياة الرايس – أنوار سرحان – كمال العيادي – وفاء الحمري – عبد الغني بنكروم - فاطمة ناعوت – بريهان قمق – هويدا صالح - سعيد الكحل - الهادي الثاتب – زهير الخالدي – فيصل القاسم – عبد الاله صحافي … و بعض الأسماء التي لا تعلق إلا على الكاتبات حتى لو كن مجهولات و ينشرن في دروب لأول مرة .. واستدرك “حسن برطال” أنهن –الزميلات - لا يعلقن على نصوصه .. فقلت له ضاحكا : أنت لا تحيي حتى الصديقات في سيدي بوصالون (الصالون الأدبي) … بسبب خجله طبعا .. إنهن لا يعلقن إلا على من يعلق عليهن …!!

8

حقا كثيرا ما تخدعنا الصور ..
وهاهو “حسن اعبيدو” الذي يبدو كهلا في الصورة .. أفاجأ به شابا حيويا محبا تلقائيا .. عكس الانطباع المخادع لصور جامدة حتى لو كانت ملونة … فشكرا للصدفة (سوء التفاهم العابر ) الذي أكسبني صديقا نقيا من أصفياء القلب ..

ثق أن المحبة أبقى .. يا جميل الروح.
وكما نقول بلهجتنا المغربية : اللي ماعرفك خسرك !

شكرا لكم أيها الأحبة .. فبفضلكم صارت (كازا) فضاء قريبا من نبض القلب.. وقد كانت أشبه بالجحيم .. (لا أقارب ولا أصدقاء ) … لعلها غربة الذات التي تجعلنا نحس بالبعد النفسي قبل الجغرافي .
أحبكم … بطريقتي .
من قبل ومن بعد .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم تسجيلي بعنوان -بوابة الحضارة-


.. إبداع المخرجة نانسي كمال وتكريم من وزير الثقافة لمدرسة ويصا




.. المهندس حسام صالح : المتحدة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى الع


.. الفنان لطفي بوشناق :شرف لى المشاركة في مهرجان الموسيقى العر




.. خالد داغر يوجه الشكر للشركة المتحدة في حفل افتتاح مهرجان الم