الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سندي شيهان تكتشف أن أمريكا بلد الحزب واحد

ناجح شاهين

2007 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


سندي شيهان فقدت ابنها في الحرب، وبوصفها عضوا في الحزب الديمقراطي الأمريكي فقد قامت بدور فعال في الحملة ضد الحرب وضد الجمهوريين الذين ساهمت في إخراجهم من الكونغرس ومنح السيطرة شبه المطلقة للديمقراطيين على جناحيه. كانت تظن أن الديمقراطيين متلهفون للخروج من العراق. أما الفكرة التي ينادي بها اليسار "المتطرف" والتي تنص على أن الولايات المتحدة ديكتاتورية تتزيى في ثياب ديمقراطية، فقد كانت تظنها جزءا من تطرف شيوعي عفا عليه الزمن. وللإنصاف نذكر أنه حتى في صفوف بعض أنصار العدالة الإجتماعية في هذا البلد ممن " يستلطفون " الأفكار اليسارية، لا يتم التعامل بجدية مع فكرة أن النخب السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة والموزعة بين الحزبين الوحيدين تتبنى موقفا موحدا تقريبا فيما يخص كل القضايا الأساس. وأن الفرق بين استراتيجية الحزبين هي أقل مثلا من الفرق بين سياسة ايران وسياسة حزب الله، أو بين سياسة حزب الليكود وسياسة حزب كاديما اللذين يشتركان من بين أمور كثيرة في أن القائد الفذ شارون صاحب الصيت الذائع في عالم الاستيطان والمجازر، كان بطلهما معا وكان لاعبا أساسيا في لعبتهما السياسية.
لكن الولايات المتحدة ليست أي بلد آخر. والسيطرة المطلقة للحزبين والتي لم ينازعها منازع منذ ولدت الولايات المتحدة بوصفها بلد مستوطنين ظلت ترسخ نفسها في ذهن المواطن الناخب باعتبارها شكلا رائعا للديمقراطية والتعددية. والأمر في المبتدأ والمنتهى لا يخضع لعدد الأحزاب: فالولايات المتحدة فيها حزبان أحدهما يميني ويلخص في منتهى الأمانة برنامج اليمين، وفيها حزب يساري يجسد كل تطلعات اليسار. من هنا فلا حاجة لأكثر من حزب. هذا الكلام الهراء بالنسبة للقارئ العربي، يبدو حقيقة مطلقة هنا لا يتطرق لها الشك. ولذلك فإن المواطن الأمريكي الغاضب – وإن يكن بدرجة من الإعتدال – من الحرب في العراق قام بطرد اليمين الذي يطبل للحرب وأتى باليسار الذي يريد السلم. حتى عضو الحزب شيهان فكرت أن حزبها الديمقراطي سوف يأتي بكل الخير إنشاء الله. وعندما كانت تناظر من أجل الحزب الديمقراطي وأكدت لها بوصفي عربيا اعتاد وجهه حد الإدمان على لطمات الولايات المتحدة بحزبيها، أنه لا يوجد في أمريكا إلا حزب واحد، وأن الديمقراطيين إنما يستعملون موضوع الحرب لكسب الإنتخابات، وعندما يصلون سوف يقولون بأن موانع هائلة تحول دون سحب القوات –وليس من العسير التفكير في شيء منها-، ردت بابتسامة طيبة وواثقة أنها تتفهم "غضبي" ولكنني قريبا سأرى. والحق أن "قريبا" كان أقرب مما تخيل الجميع. لقد أعلن الديمقرطيون بعد مماحكات محدودة تهدف على الأرجح إلى رفع العتب، أنهم مع تمويل الحرب حتى النهاية. وهكذا دخل المواطن الأمريكي الذي يغرق في تفاصيل الحياة اليومية في دورة سبات عميقة وعقيمة بعد أن فعل ما عليه لتغيير الوضع، ولكن الوضع – لسبب عصي على الفهم - لم يتغير.
طبعا سندي شيهان التي تحترف السياسة ليست مواطنا يسهل خداعه واستثمار انشغاله بفعل كل الأشياء ضد ارادته بالذات مع ايهامه أنه يصنع السياستين الداخلية والخارجية على السواء. ولأنها كانت مخلصة بالفعل، ولم تكن ضمن جوقة مروجي الأكاذيب في الحزب الديمقراطي، فقد أعلنت استقالتها من ذلك الحزب. وبدأت المرأة المسكينة التي قتل ابنها كيسي في العراق، تتعرض لكافة أشكال التهديدات والمضايقات من معارضي " معارضة الحرب " أي من عشاق الحرب وضاربي طبولها. وتتابعت الصدمات عندما اكتشفت أن معارضي الحرب في جلهم لم يكونوا معارضين بالفعل؛ كانوا فقط يسعون لاقتناص مقاعد في الكونغرس والسلام.
لكن مثلما يسأل المواطن الأمريكي الأكثر براءة، ما العمل؟ إذا مارس المرء حقوقه الديمقراطية فالنتيجة أن ديكتاتورية رأس المال تواصل العابها المعتادة: حروب، نهب محلي وخارجي، تلويث البيئة، مطاردة الأحرار في الداخل والخارج…الخ وإذا فكر في ان يقول " لا " بطريقة أعمق وابلغ اثرا وجد نفسه على الفور في قبضة قوانين و " غياب القوانين " التي تحكم ممارسات مكافحة الإرهاب، فيجنح للسلم وينتظر جودو. لا جرم إن الولايات المتحدة هي البلد الأكثر سيطرة في التاريخ، ليس على شعوب العالم المنهوب فحسب، ولكن على شعبها بالذات. وليس من العسيرعلى المراقب أن يستنتج أن التغيير في هذا البلد لن يتم بجهود أبنائه بمفردها. لا بد من ضغط يتحقق في الخارج بشكل فعال يؤدي إلى تضعضع هيمنة النخب الحاكمة مما يقوي مركز المعارضة التي لا تملك حتى اللحظة ولو موطئ قدم صغيرة في ملعب السياسة الأمريكية الشرعي – الكونغرس- أوغير الشرعي على السواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد يختبران مدى التوافق بين عمار وريم ????


.. بحثا عن غذاء صحي.. هل المنتجات العضوية هي الحل؟ • فرانس 24 /




.. خروج مستشفى الأهلي المعمداني عن الخدمة بعد العملية الإسرائيل


.. إسرائيل قطعت خدمات الاتصالات على قطاع غزة منذ نهاية شهر أكتو




.. أمهات المحتجزين الإسرائيليين ينظمن مسيرة في الكنيست