الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخادمة

سعيدة لاشكر

2007 / 6 / 11
الادب والفن



مزجت مسحوق الغسيل مع الماء, تركته وانطلقت تستنشق الهواء الرطب وتتأمل المنازل المقابلة, هي الآن فوق سطح العمارة التي تتألف من شقق و عند سكان واحدة من هذه الشقق تشتغل كخادمة بأجر زهيد , تأملت حسنية الأفق الواسع وملأت رئتيها بهواء نقي صافي وما إن تناهى لسمعها بعض الضجيج, حتى اقتربت من الجدارأكثر, لتتفرج على الأولاد الصغار وهم يلعبون ألعابا حفظت تفاصيلها من كثرة تأملها لهم وبدأت الغبطة تجد الطريق لنفسها مجددا وهي تتتبع كل واحد منهم تشجعهم, تفرح مع الفائز, وتأسى للخاسر وما تلبت أن تتحسر على نفسها وتقول طوبى لهم على طفولتهم الممتلئة والمتدفقة بالبراءة واللعب والدراسة, في سنهم هذه كانت هي تتكبد العناء وتواجه الويلات داخل البيوت.


لضعف الحالة المادية لأسرتها في البادية اقتلعها والدها من محيطها, من بين أشقائها و أصدقائها, ومن حضن أمها وهي في أمس الحاجة إليه حينها ليرمي بها في بيوت الغرباء علها تساعد قليلا في المعيشة المضنية التي خلفها الجفاف وقلة الأمطار والغلاء المتزايد في المنتوجات.
وفي هذه البيوت قاست حسنية الأمرين, عانت من التعب وكثرة الأشغال والتأنيب حتى أنها ضربت كتيرا وأما إن كسرت أحد الأطباق أو الصحون فحسابها عسير جدا, تحرق فوق يديها الصغيرتين لكي تربى وتتعلم أن لا تستهين بالأواني غالية كانت أم رخيصة, عرفت البرد وهي صغيرة, عرفت معنى الحرمان وهي طفلة, وعرفت معنى الغربة وهي وحيدة بين أربعة جدران, رتت لحالها, تمردت مع نفسها, تألمت وحيدة, مرضت وحيدة, وخاضت مراحل حياتها وحيدة, وأحيانا تتساءل لماذا هي دونا عن كل الناس لماذا لم تكن مكان مشغلتها, أو ابنة مشغلتها التي تذهب للمدرسة كل صباح وتعود لتجد مائدة الغداء تنتظرها تأكل ما طاب لها تم تجلس أمام التلفاز تتفرج على ما تشتهيه نفسها وتأمرها أن تحضر لها كذا وكذا تتساءل كتيرا, وتتمرد كثيرا, لكنها تعود وتستغفر ربها لتواجه مصيرها بصبر.


ذهب الأطفال لحالهم أو أنهم انتقلو لشارع آخر ليكملو لعبهم, وتوجهت هي للماء الذي وضعت به المسحوق, جلست وبدأت تغسل في الملابس, كومة كبيرة من الملابس تنتضرها ربما ستستغرق ساعات, راحت تفرك بيديها الملابس وتجتر بقلبها وتلوك طفولتها الضائعة, ومراهقتها المتزعزعة وشبابها المنسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس