الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس بالانقلابات والاصطفافات السياسية الضيقة يبنى العراق

علي جاسم

2007 / 6 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


المتتبع للتحركات السياسية التي تجري على الساحة العراقية الآن بتشعباتها وتداخلاتها وبما تحمله من اهداف استراتيجية معلنة وغير معلنة على الصعيدين الداخلي والخارجي وبما انتجته هذه التحركات من سجال وخلاف تارة وتقارب وتوافق تارة اخرى انسجاماً مع التوجهات الآنية والمصلحية الضيقة لهذه الكتلة السياسية اوتلك وبمايزيد من نمو حدة التخندق الطائفي الذي بُنيت عليه العملية السياسية برمتها، يجد بانها سارت باتجاه أقصاء و تهميش دور المواطن العراقي بالمشاركة في صنع القرار السياسي والمساهمة فيه بمايخدم المصلحة العليا للبلاد.
فلا يخفى على احد ان كل كتلة سياسية عراقية وبسبب الصراعات الطائفية التي نشأت كمحصلة للتشنجات السياسية والطائفية بين الكتل السياسية نفسها اصبحت لديها مرجعياتها الخاصة تستند اليها في اتخاذ الموقف السياسي ازاء قضية معينة وسواء كانت تلك المرجعية دينية او سياسية اوانها تتسع الى اكثر من ذلك لتشمل دول اقليمية ودولية.
في الوقت الذي ينبغي فيه ووفق الاعراف الديمقراطية المتحضرة ان يكون الرآي العام العراقي هو المرجع الاساسي الذي يجب ان تستمد منه الكتل السياسية مواقفها قبل اتخاذ القرار كون الشعب العراقي هو المسؤول عن ايصال تلك الكتل الى دفة الحكم.
بل ان بعض السياسيون عمدوا الى عدم اشراك المواطن في المشاورات والمفاوضات السياسية التي تجري من وراء الكواليس بحجة انهم منتخبون وانهم يمثلون صوت المواطن في البرلمان وان هذا التمثيل يعطيهم الحق في صنع القرارات دون الرجوع الى المواطن نفسه .
والمراقب للحدث الامني والسياسي في العراق لاسيما بعد ازدياد دائرة العنف واتساع محيطها يستطيع ان يدرك بان العراقيين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وثقافتهم اصبحوا بعيدين كل البعد عن تلك التحركات والتحالفات بسبب الضبابية التي اتبعها السياسيون في تمرير القرارات والمشاريع لاسيما الاستراتيجية منها ولم يبقى امام العراقيون الا اللجوء الى الاخبار االتي تنشر في الصحف العراقية والعربية والعالمية والتي يفتقر بعضها الى الدقة والموضوعية او ماتتناقله الفضائيات "المعتدلة منها والمأجورة" كمصدر لتلفي المعلومة والاطلاع على مايدور حوله من تحركات وتطورات سياسية .
ولو نظرنا للتحركات التي تجري حالياً في الساحة العراقية على المستويين الاقليمي والدولي بنظرة تحليلة نجدها اتجهت بمسارين متناقضين .
فانها من جهة تمثل تحركات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الساعي الى ايجاد دعم دولي لحكومته من خلال جولاته المكوكية الى دولتين اسيويتين واخرى الى دول عربية وخليجية اضافة الى المؤتمرات الدولية لوزراء خارجية دول الجوار فضلاً عن مؤتمر شرم الشيخ والمفاوضات الامريكية الايرانية التي جرت مؤخراً في بغداد والتي اعطت للحكومة العراقية دفعة سياسية كبير الى الامام من خلال منح الدبلوماسية العراقية دوراً فعال في ادارة وانجاح الحوارات والمفاوضات الدولية.
فضلاً عن زيارة المالكي الاخيرة الى اقليم كردستان والتي تدخل ضمن دائرة التحركات السياسية والتي جاءت كمحاولة منه لتقريب وجهات النظر بين الحكومة العراقية والقيادات الكردية خصوصاً بعد ازدياد الضغط الكردي لضم كركوك الى اقليم كردستان الى جانب قيام المالكي وحسب التصريحات التي تسربت من بعض المصادر الاعلامية باجراءحوارات مباشرة مع عناصر من "المقاومة" في العراق واذا اثبتت صحت هذه الانباء فانها يمكن ان تترتب عليها نتائج خطيرة قد تعيد ترتيب الخارطة السياسية من جديد.
ولكن كل هذه التحركات الحكومية وماافرزتها من نتائج بقيت بعيدة عن الرآي العام العراقي الذي مايزال يجهل ماتحقق من نتائج لتك الجولات ماعدا المعلن منها.
اما الاتجاه الاخر الذي انتهجته هذه التحركات فانه انطلق من كتل سياسية مشاركة في العملبة السياسية تعمل على تشكيل كتلة سياسية جديدة تسعى من خلالها الى اسقاط الحكومة وفق تحالفات واصطفافات سياسية وبمباركة دول اقليمية ودولية ،وكل هذه التحركات تجري عن غير علم المواطن العراقي و دون الرجوع اليه.
ان من ينظر الى تلك التحركات من منظور وطني وموضوعي وحيادي يستطيع تشخيص اهدافها وميولها وتوجهاتها التي تهدف من خلالها الغاء اهم انجازتحقق بعد سقوط النظام السابق والذي يكمن في الية التغير التي حصل عليها العراق بمايمكنه من تغير اي حكومة واستبدالها وفق نهج ديمقراطي يتماشى مع الدستور والاعراف القانونية المعمول بها داخل الانظمة الديمقراطية بل ان هذه الكتل اخذت تلجأ الى تشكيل اصطفافات حزبية وطائفية تسلك النهج الانقلابي الذي يخدم اجندات متعددة الاطراف.
اما الرآي العام فانه وعلى الرغم من تقاطعه مع حكومة المالكي في عددا من الجوانب ولعل اولها ضعف الاداء الحكومي بالجانبين الامني والخدمي وغيرها منالمشاكل الاخرى المتداخلة والمتشعبة الانه يرفضون المساومة على التجربة الديمقراطية التي قدموا في سبيلها الاف الضحايا من الابرياء خصوصاً بعد ان كشفت هذه التحركات عن اغاياتها واهدافها الكامنة في تغير الحكومة العراقية بكل وسيلة ممكنة حتى لوعن طريق الانقلاب المرفوض من الجميع .
لانريد هنا الدفاع عن الحكومة العراقية او التطوع لمساندتها او نكون بوقاً لها انما نريد التمسك بالممارسة الديمقراطية التي تشكلت على اساسها الدولة العراقية الجديدة والتي فقدت محتواها بسبب التخندقات الطائفية التي نخرت كافة مؤسسات الدولة وقوضت عمل الحكومة في اداء مهامها لاسيما في الملفين الامني والخدمي والتي ساهمت الكتل السياسية نفسها الساعية لتغير الحكومة في ايجاد مثل هكذا تخندقات بل ان بعض اعضاء تلك الكتل قضى خدمته البرلمانية في عواصم الدول العربية والغربية بحثاً عن حلفاء لاسقاط حكومة المالكي.
لذلك فان تلك التحركات السياسية التي جرت وبمختلف اتجاهاتها لايمكن ان تاتي بحلول ناجعة طالما ان السياسيون العراقيون مازالوا يصرون على عدم اشراك الراي العام العراقي في صناعت القرار السياسي ويرفضون التخلي عن مصالحهم الشخصية وتبني مشروع وطني موحد تتبلور حوله الافكار والاراء بمايصب في مصلحة الجميع لا مصلحة التخندقات الطائفية الضيقة وبصرف النظر عن رئاسة الحكومة لمن تكون المهم ان تغيرها اوتشكيل حكومة بديلة عنها ينبغي ان ياتي وفق القنواة والممارسة الديمقراطية التي ضمنها الدستور العراقي وبما يتلائم مع متطلابات هذه المرحلة وتداعياتها .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-