الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار طهراني / عادل شيخ فرمان

عادل شيخ فرمان

2007 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


انه حوار كباقي الحوارات لكنه يتميز عنها من حيث أنه حوار دار مابين روحي وبيني في مكان ما أعتدت أن أتواجد فيه وهومنتزه في قلب طهران. كل شيء فيه كان جميلاً ،المناظر جميلة وبركة الماء والنافورات المنتشرة والاضواء والجو الربيعي الهاديء والمراجيح التي التف الاطفال حولها في مرح وترح ، يلعبون ويمرحون .وترى على بعد خطوات منهم شباب يمارسون الحب الطهراني ومثقفون يقرأون ويطالعون الكتب ومارون ينظرون الي وكانهم يتحسسون باني احسدهم ربما لان بلدي يفتقر الى كل ما ذكرته. بيد أنهم لايعرفون من أي بلد أنا ولا يعرفون بأن بلدي هو مهد الحضارات..كأنهم يسألونني بنظراتهم قائلين:
الا تحبون مثلنا ؟
الا تقرأون مثلنا ؟
الا يلعب أطفالكم مثل ما يلعب أطفالنا ؟
الا تؤمنون ؟
اليست لديكم حضارة ؟
كل هذه الاسئلة قرأتها في نظرات عيونهم ! ترى ماذا عساني مجيب على أسئلتهم تلك ! أأجيبهم انا يا قارىء مقالتي ام تجيب على أسئلتهم انت؟ أما إن أجبت أنا فسيكون جوابي بنعم.
نحب..... ولكن الحب عندنا يختلف مفهومه عن مفهوم الحب عندكم ، فربما تحبون بقلوبكم ولكننا نحب بعيوننا.وهو( أي الحب) لا يقاس بالمشاعر والاحساسات إنما بالقدرة على الدفع والوضع المادي للمحبوب!كم يستطيع أن يدفع وهل لديه أن يدفع..!قد أصبحنا نحب دون ان نتكلم! نحب بصمت لان الاختيار ليس اختيارنا والكلام متروك لبعض الاوراق الخضراء ويكون الكلام أحلى كلما ازداد عدد الاوراق التي أصبحت تسمى مؤخراً بالدفاتر.

نقرأ..... نعم نقراء. قرأءنا في الماضي عن العرب وبطولاتهم في القادسية الاولى ، وقرأنا عن انتصاراتهم وانهزاماتهم. قراءنا عن الفرعون وعن هولاكو وجنكيزخان. ماذا فعل كل هؤلاء يا ترى سوى أنهم جلبوا الحروب والخراب والدمار والى اخره من المسميات.
هل تركوا لنا شيء نفرح به أونستفيد منه ..؟وماذا ابقوا لنا سوى كتابات وحروف واسماء نستهين بها وعار لم يستطع التاريخ الى الان غسله.
هذا فيما يخص التاريخ القديم ، أما لو سألتم عن التاريخ الحديث فساقول بأننا قرأنا كتب كثيرة استهلكت نصف عمرنا ان لم تكن قد استهلكته كله.فالكتب التي تحدثت عن القادسية الثانية ( البطل المغوار وحامي البوابة الشرقية ) وبآلاف العناوين والمسميات كانت قد اكتسحت الاسواق وكلها تحكي عن أن فلاناً جاء وفلانا فعل وهكذا قرأنا ونسينا وفي ظل تلك المواويل المتشنجة نسينا أن نقرأ عن الذين صنعوا الامجاد للأنسانية أمثال أفلاطون وأديسون وشكسبير..الخ..أو أن الظروف فرضت علينا أن نلتهي بالزوابع وننشغل عن النسيم العليل وهكذا جاء اليوم كي نقرأ عن شخصيات جديدة تحمل ملامح مختلفة وأسماء مختلفة وأهداف مختلفة وعسى أن تكون مختلفة في سيرتها وحكمها أيضاً عن من سبقها.
أما اللعب فله معنا حكاية مختلفة، ففي ماضينا لم يكن لدينا الوقت لللعب لان الصراع والضغط السياسي اللذين كانا يمارسان على مناطقنا (شمال العراق) كان يستوجب ان نتهيء كل يوم للرحيل ، فالحاكم في ذلك الزمان لم يكن ليؤتمن العيش تحت ظل خيمته وهكذا لم يمنح الاطفال وقتاً لللعب ولا وقتاً للتعارف مع أطفال المنطقة المرحل اليها..
قد مضت الطفولة الى اللارجعة دون أن يتسنى لنا اللعب يوم كان عنفوان الطفولة ينادينا ولكن الى ماذا..؟حتماً لم يكن الى اللعب ، إنما الى البكاء والحسرة عليه..! واليوم وقد مضت سنين طوال ولكن اللعب الهادىء لم يحن وقته بعد، ولست أدري كم من الوقت يجب أن ننتظر وينتظر أطفالنا الذين أصبحوا يلعبون في بلدي وللأسف بالعبوات والاحزمة الناسفة دون أن يكون لهم حتى في اللعب أي خيار.. اليست لعب الاطفال والكبار في بلدي خطيرة؟؟

نؤمن... أجل نؤمن مثلكم ولكننا احترنا من كثرة الايمان وضاع الايمان بين الشك واليقين حيث أن الناس وقبل آلاف السنين آمنت بأول الانبياء ومنذ ذلك الحين والسؤال عن الايمان لم يطرح والسؤال عن الانتماء الديني لم يكن يهدد حياة أحد فالكل كان يعيش في وئام وفي سلام..وهنا بدأت أتسآل عن سر هذا التغيير الذي طرأ على الايمان في بلدي ولماذا يسأل الناس كل يوم عن دينهم وايمانهم وانتمائاتهم..أسئلة لا ترحم المجيب عليها..! وفي عتمة تلك الافكار ومحاولة استنارتها ما تمكنت من الوصول الى أي جواب ولعل خير من يستطيع الاجابة عليها هم القادة في بلدي.فهل جئتم يا سادتي الكرام لتحصوا الديانات ام لتعطونا فدرالية تعيش على اساسها الديانات والقوميات؟
الحضارات... يقولون باننا مهد الحضارات سومر و بابل و اشور واكد وما أقدمها من حضارات.... كل هذه الحضارات عاشت على أرض العراق وما تبقى منها ليس الا بعض الطين والاحجار. فهل تقصدون هذه الحضارات ام أنكم تقصدون حصتنا من هذه الحضارات لان بلد الحضارات تقسم اليوم الى حصص ولا اعرف هل ستكون لنا حصة منها ؟
و حين رفعت عيني عن الكتابة رأيت بانني جالس على مقاعد المنتزه وحدي بعد أن رحل عنه الجميع ،كل الى غايته وبقيت اسال نفسي: هل العراق اليوم بحاجة الى زرع العنصرية بين ابناء البلد الواحد من القوميات والديانات يا ترى أم انه بحاجة الى أن يرعى الاطفال ويدعم الشباب ويحمي النساء ويأخذ بيد المسنين والشيوخ كي يعم الحب في وطننا وتقرأ الشعوب عن حبنا ويلعب الاطفال على المروج الخضر الهادئة فيزداد بذلك ايماننا ونكون قد زرعنا حضارة تضاف الى حضاراتنا السابقة.


عادل شيخ فرمان
طهران 24.04.2007











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان