الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انا بحبك يا مصطفى - مصطفى عبد الغفار درة فى تاريخ الحركة العمالية المصرية

صلاح الأنصارى

2007 / 6 / 10
الحركة العمالية والنقابية


ومرت السنين ..ولازلت فى قلوبنا

ففى يوم 5/9/2003 لم يشيع العمال والنقابيين ونشطاء وقيادات دار الخدمات النقابية وحدهم جنازة مصطفى عبد الغفار ,بل كان جيل كامل يسير فى موكب مهيب .كان هناك عمال ونقابيون ,وكان هناك رجال فكر وكتاب وصحفيون ,ومناضلون سياسيون ,ونشطاء حركة المجتمع المدنى .ما أكثر ما دمعت العيون لفراقه ,وتفجرت ذكريات ربع قرن ويزيد ..كم مرة أجتمعوا فى مظاهرات سياسية , أو فى ساحة معتقل ,أو كتيبة عسكرية ,أو فى تنظيم سياسى أو نقابى ,أو فى كتابة منشور ثورى , أو فى ندوة أو جلسة تدريبية , أو فى لجنة أستماع ,أو فى جدال فكرى , أو تحليل نقدى ,أو أضراب ,أو حركة تضامن مع الأنتفاضة الفلسطينية ,أو المقاومة العراقية ؟؟

طوال حياته كان مصطفى عبد الغفار بينهم , شديد الصلابة , لا يخشى شيئا ولا يعرف الخوف أبدا ..تظن أنه صخرى , ربما لأنه صعيدى محافظ , وربما لأن فكره مرتب ومنظم , وقضيته دائما هى الحرية .ومع ذلك كان من السهل ايلام قلبه ,ومن السهل أن تفيض دموعه .وكم بكى ازاء المذابح التى يرتكبها العدو الصهيونى أو عندما سقطت بغداد.

شديد الصلابة كالجرانيت الصخرى , فلم ندرك ما يعانيه من ألالام المرض.

فقد كان دائما قادرا على كتمان ما يعانيه من عذاب المرض , وكتمان أنفعالاته , بل وأحيانا اظهار عكسها .

وعندما كان هذا التاريخ الحى يسير خلفه لوداعه , لم يكن يودع فيه مرحلة من تاريخ الحركة العمالية المصرية , بل كان يمجد فيه هذه المرحلة التى لم تموت لرحيله , لكنها سوف تبقى حية متجددة بذكراه وذكرى نضاله. أن مصثطفى عبد الغفار , بما يمثله فى تاريخنا , وما كان يتمناه لمستقبلنا , لن يكون (ماضيا أبدا) ..بل هو حاضر فى حاضرنا ومشارك فى رسم المستقبل .

أن الحديث عن مصطفى عبد الغفار هو فى الحقيقة حديث عن مرحلة من أغنى المراحل فى تاريخ مصر , رغم تعقيداتها والمتغيرات التى حدثت فيها .. مرحلة أفرزت مناضلين مثل مصطفى عبد الغفار .. لقد صاغت هذه المرحلة ملامح حياته , كما شارك هو فى صياغة ملامحها , فلم يتوقع أحد أن يكون رحيله على هذا النحو , حتى هو نفسه ..لكنها ارادة الله ولا راد لمشيئته .

بدأ مصطفى معى حياته النقابية فى عام 1979 هو فى شركة الحرير وأنا فى شركة الحديد والصلب ..عمل مع نقابيين ومناضلين نعتز بهم ونذكر منهم على سبيل المثال رشاد الجبالى وسيد فايد.. كان مسلحا للحياة النقابية بأكثر من سلاح .. مسلحا بتاريخ الطبقة العاملة والحركة العمالية والجذور التاريخية لنضال عمال النسيج , مؤمنا بالطبقة العاملة وبرسالتها ودورها التاريخى ,كان يجمع بين الثقافة السياسية والنقابية ولم يكن يدرى أنه يبدأ مرحلة سياسية جديدة تعمل وتناضل من أجل احياء وبعث الفكر الأشتراكى وتعمل وتناضل من أجل قواعد نقابية صحيحة .. مرحلة ثورية جديدة , تختلف تماما عن مرحلة الأربعينات من حيث ظروفها ومعطياتها وأهدافها ..لكنها أستلهمت منها الجذور والقدوة من مناضلين أمثال يوسف درويش ويوسف المدرك ,نبيل الهلالى ومحمود العسكرى , وطه سعد عثمان وعطية الصيرفى وغيرهم من الرواد الذين أختاروا العمل بين صفوف العمال وبين الذين جمعوا بين العمل السياسى والنقابى .. ومثلما نفخر بجيل الرواد نجد أنه من حقنا أيضا أن نفخر بقيادات جيل السبعينات وشهداء الطبقة العاملى من هذا الجيل .. من حقنا ان نفخر بمصطفى عبد الغفار , أحد العلامات المضيئة والبارزة فى تاريخ الحركة العمالية فى فترة السبعينات واليوم وغدا .

ومثلما وجدناه فارسا نقابيا , وقائدا عماليا , وسياسيا مناضلا , شديد الكبرياء , شديد الأنتماء الى العروبة , نجده شديد النقاء ..شديد العشق لأشعار أحمد فؤاد نجم , فؤاد حداد , صلاح عبد الصبور , محمود درويش , وغيرهم , وعندما تتردد أشعار أحمد فؤاد نجم فى أى محفل يرتفع صوته الجهورى مرددا أغانى الشيخ أمام التى يحفظها ويستمتع بترديدها :

حنغنى و دايما حنغنى ..ونبشر بالخير ونمنى

ونلف الدنيا الدوارة ..على صوت النغمة الهدارة

هو أحنا كده.. وحنبقى كده..ماشيين

عارفين ..مع مين ..على مين ..دايما واضحين

مش بين ده وده ..هو أحنا كده

وحنبقى كده

مصطفى عبد الغفار درة غالية ومشرقة فى تاريخ الحركة العمالية المصرية. هونموذج أصيل للمناضل العمالى الذى لايفصل بين فكره وحياته ..بين أراءه ومواقفه وسلوكه ,متسق نع نفسه .. يجعل من رأيه معركة حية .. لايتهم من يختلف معهم أو يختلفوا معه .. لايمارس تصنيف البشر ولم تعرف فكرة المؤامرة طريقا الى سلوكه ..واضحا كالشمس ..شخصية جامعة , لاتفرق ..لذلك ألتفت حوله كل ألوان الطيف السياسى .حتى فى رحيله نجح فى تجميعنا وكأنه يقول :

اه يارفاق ياللى علمتوا الصلابة للحجر

بانده لكم وسط الكأبة والرتابة والضجر

يامقربين الفجر نوره ومطلعه

مدوا المسامع ف المجامع وأسمعوا

صرخة نغنى الحى من جوف العدم

اتجمعوا..اتجمعوا ..اتجمعوا

عاش حياة عظيمة من أجل أهداف عظيمة من اجل تحقيق الديمقراطية والحرية كأوسع وأرحب ماتكون هذه الحريات..من اجل تحقيق العدالة الأجماعية كأعمق وأشمل ماتكون هذه العدالة.

واخيرا ..استقرت سفينة المناضل مصطفى عبد الغفار ..توقف المجداف مكبرا ..ليتسلمه أحد الرفاق ..ظل الموت دائما هو الحقيقة , وثمن الرحلة والطريق..وظلت حياته دائما هى الحب والصراع والمقاومة المستمرة حتى النهاية ..فمن راه رأى نفسه لنه قطعة منا ..ولذلك وجب الأستمرار فى رحلة الحب والبناء والصراع ..والمقامة من اجل وطن ترفرف عليه رايات الحرية .

صلاح الأنصارى












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب


.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي




.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا


.. نقابة الصحفيين الفلسطينيين: 135 صحفيا وعاملا بمجال الإعلام ق




.. 10 طلاب بـ-ساينس بو- يضربون عن الطعام لـ 24 ساعة دعماً لغزة