الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإفراج بالكفالة بين مطرقة الشارع وسندان القانون

ليث زيدان

2007 / 6 / 10
القضية الفلسطينية


يشهد الشارع الفلسطيني جدلاً طويلاً ومستمراً على ما يبدو ، حول قانونية وجواز الإفراج بالكفالة عن المتهمين بالقضايا التي تحمل في طياتها خطورة على الأمن العام وخصوصاً جرائم القتل والإغتصاب لما لهذه القضايا من وقع على نفسية الشارع وتعاطفه مع ضحاياها وتساؤله المستمر ( كيف يتم الإفراج عن القاتل أو المغتصب ! ) ، وتبرز أهم تجليات هذا الجدل بالانتقادات الغير مسئولة الصادرة من قبل فئات مختلفة مثل بعض أعضاء المجلس التشريعي وهيئات حقوق الإنسان ...الخ للأجهزة الأمنية ، حول عدم جواز استمرار توقيف المتهم المفرج عنه بكفالة تارةً وعدم جواز الإفراج عن المتهم تارةً أخرى ، وكأن الموضوع يخضع لمزاجية السائل ! .
والحقيقة التي يجب أن تقال هنا أن مشكلتنا ليست مع القضاء الذي يصدر أوامر الإفراج أو الأجهزة الأمنية التي تنفذ هذه الأوامر ، بل إن مشكلتنا الأساسية – في موضوع الإفراج عن المتهمين في القضايا الخطيرة – تنبع من القانون نفسه ، والحقيقة أن قانون الإجراءات الجزائية المعمول به حالياً لا يحمل في جعبته أية مواد مقيدة تمنع إخلاء سبيل المتهمين بالكفالة وبدون أي إعتبار لأنواع الجرائم وفيما إذا كانت جرائم خطيرة بالفعل أو تهز الرأي العام ، وبتقديري أن في ذلك خطأ جسيماً لطالما نادينا ، وفي أكثر من حادث ، بضرورة تداركه وبكل بساطة من خلال تعديل قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بإضافة مواد مقيدة تمنع الإفراج عن المتهمين بالقضايا الخطيرة على الأمن العام ، وذلك لعدة اعتبارات:

1- من البديهي القول بأن القانون يوضع بما يتلاءم مع احتياجات المجتمع وطبيعته ، ومن المعروف بأن المجتمع الفلسطيني كباقي معظم المجتمعات العربية هو مجتمع عشائري تحكمه التقاليد والعادات العائلية ، فهو مجتمع لم يصل إلى مرحلة النضوج القانوني لأسباب خارجة عن إرادته باتت معروفة للجميع ، وحتى ثقافة الطبقة المثقفة لم تتحول ، على ما يبدو ، إلى سلوك ينعكس ويترجم كممارسات عملية يومية ، فثقافة الكفالة ترسخت في المجتمعات الغربية والأنظمة الديمقراطية التي مرت بها الحياة القانونية وإستقر فيها مبدأ سيادة القانون فأصبحت بذلك جزءاً من ثقافتها العامة ، بحيث أن المواطن فيها يعتبر الكفالة أمراً طبيعياً وحقاً مشروعاً للمتهم حتى لو كان الأخير خصمه ، وهو ما يتنافى مع واقع المجتمع الفلسطيني وثقافته القائمة على العشائرية .
2- من المقبول منطقياً الإقرار بمبدأ الكفالة في دول نالت استقلالها وفرضت سيادتها على جميع أراضيها ومواطنيها ومياهها الإقليمية ومجالها الجوي ومعابرها الحدودية ، لمنع المتهم من الهرب من أراضيها ، وإمكانية عقد اتفاقيات تسليم المجرمين في حالة التمكن من الهروب ، وهو ما يتنافى مع واقع السلطة الوطنية الفلسطينية القانوني والسياسي ، وهناك حالات وأمثلة عديدة تمكن المتهمين بقضايا قتل فيها من الهرب بسبب الإفراج عنهم بكفالة .
3- هناك نوعية من الجرائم التي تتسم بالفعل بالخطورة على النظام والأمن العام والإفراج عن المتهم فيها يشكل خطراً جسيماً على المجتمع وأطراف القضية وسير التحقيق والمحاكمة ، وعلى نفسه أيضاً ، مثل جرائم الجنايات بشكل عام وقضايا أمن الدولة .

 والحالة هذه سيبقى هذا الجدل مسيطراً على الشارع الفلسطيني وسيبقى موضوع الإفراج بالكفالة بين مطرقة الشارع وسندان القانون ، إلا أن تجرى التعديلات اللازمة على هذا القانون وبما يتلائم مع متطلبات وإحتياجات وطبيعة وثقافة مجتمعنا الفلسطيني .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من مسافة صفر.. استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة -العمل الفدائي-


.. متظاهر يهتف -غزة- خلال توقيفه بنيويورك في أمريكا




.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب