الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضد الأسرلة

سامر خير احمد

2007 / 6 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


سادت الروح الماضوية، التي لا تتجاوز البكائيات كثيراً، في "إحياء" العرب الذكرى الأربعين لهزيمة عام 1967. وبدلاً من الانطلاق مما وصلنا إليه من واقع قائم مؤسف ومزرٍ وكئيب وانهزامي، من الأجل التطلع للمستقبل والتفكير بالانقلاب عليه وتغييره، رحنا نقيّم الأثر التاريخي الكبير لحرب حزيران! صحيح أن أثر تلك الحرب لا يزال حاضراً في حياتنا اليومية كأفراد وشعوب ودول، لكن الدنيا تغيّرت، ومعها تغيّرت مفاهيمنا، ومن ذلك التغيير في المفاهيم استطاع أن ينسل كثير من المرجفين والمنافقين والانتهازيين ليمارسوا علينا الحكمة بأثر رجعي، ويقدموا لنا حلولاً جديدة لآثار تلك الكارثة، وهي حلول تستغل تلك الآثار الكارثية لفكرة المواجهة، لتهاجم فكرة المواجهة نفسها وتسمها بالعدمية، متناسية أن الكارثة حلّت بسبب سوء إدارتنا للمواجهة، لا بسبب فكرة المواجهة نفسها، فقد أثبتت الأيام –كما في جنوب لبنان- أن المواجهة ليست عدمية بالضرورة.
بمناسبة حزيران، يحسن بنا أن نلاحظ ليس فقط ما استخلصناه بالتجربة من انعدام فرص السلام مع إسرائيل، وليس فقط ما أفشلناه من محاولات البعض إغراقنا في "تطبيع" معها، وإنما –وهذا هو الأكثر إلحاحاً اليوم- كيفية تعاطينا مع المنافقين الذين يستغلون استمرار الهزيمة وتواصل آثارها، كي يقدموا انتهازيتهم وأنانيتهم على أنها وطنية و"وجهة نظر" أخرى من أجل الأمة والتحرير والمستقبل.
يحسن بنا أن نلاحظ أن هؤلاء المرجفين ليسوا محاصرين ومفضوحين كما يجب، لا بل وبينما نعرفهم جميعاً، لأن انتهازيتهم ليست سراً فهم يقدمون عليها علناً وبحجة خدمة القضية، فإن الشرفاء والوطنيين ونظيفي اليد (وهؤلاء بالمناسبة ليسوا هم ذواتهم أصحاب الرؤوس الحامية الذين يمارسون الخطاب الرجعي المتعفن الذي تجاوزه الزمن) لا يفعلون ما يجب لمحاصرة هؤلاء الانتهازيين ونبذهم، فهم مثلاً يظهرون معهم في المناسبات العامة، ويجلسون إلى جانبهم على المنصات، وقد يتبادلون معهم المصافحة والسلامات، وكأن شيئاً جللاً لا يحدث في خلفية المشهد، وكأن عملاً ذليلاً بكل المقاييس التاريخية لا يديره هؤلاء المنافقين، المتبطحين على عتبات الكنيست، المتمولين من مؤسسات إسرائيل ورعاة إسرائيل، فوا أسفاه، بل وا ويلتاه!
لقد بتنا اليوم، في الذكرى الأربعين لهزيمة حزيران اللعينة، بحاجة قبل الحديث عن التخلص من الهزيمة العسكرية، للحديث أولاً عن التخلص من التمدد الإسرائيلي داخل مجتمعاتنا، وفي أوساط من يفترض أنهم مثقفونا. إننا بحاجة لمواجهة هذه "الأسرلة" التي تنساب بيننا كالماء، قبل الحديث عن مواجهة التطبيع المكشوف أو التفكير بالانعطافة التاريخية الكبرى التي نحتاجها.
يقال أنه لا تطبيع اليوم لأن مجتمعاتنا تصدت له منذ أوائل التسعينات، ولأن تقوّض فرص السلام قوّضت معها فرص الإقبال على التطبيع. الأمر ليس صحيحاً ما دام المتبطحون على عتبات الكنيست يجلسون على المنصات ويتحدثون للناس، وما داموا يكتبون في صحفنا ويخاطبوا قرّاءنا، وما داموا يتصلون بشرفائنا فلا يتنبه هؤلاء لضرورة إغلاق كل خطوط الاتصال معهم، وسد الأبواب في وجوههم، ذلك أن المقياس للتعامل مع الناس يجب أن يكون اليوم محدداً بمدى المسافة التي تفصلهم عن إسرائيل. الأسرلة هي اليوم مشكلتنا الحقيقية في مجتمعاتنا التي تتخبط في التاريخ.
ننتهز مناسبة الذكرى الأربعين لهزيمة حزيران، وهي المناسبة الغالية على قلوب كل المنافقين والانتهازيين والأنانيين، لنذكّر شرفاء اليد واللسان بأن مقاطعة هؤلاء المتأسرلين ليست تطرفاً، كما أن التعاطي معهم ليس وسطية، ولا علاقة له بالحس الديمقراطي، فهؤلاء يمثلون اليوم مشكلة حقيقة نخشى أن تتطور مستقبلاً إن لم نعالجها كما يجب، فتصل حالة مستعصية. علينا اليوم أن نلفظهم ونقذفهم في سلال مهملاتنا، وعندها فإن عتبات الكنيست ستقذفهم هي الأخرى في سلال مهملاتها، إذ ما حاجتها بقذارة لا تصيب مجتمعاتنا ورجالنا الشرفاء؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب أوكرانيا.. معركة خاركيف وتقهقر الجيش الأوكراني |#غرفة_ال


.. حماس تفتح جبهة جباليا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعمليته في ر




.. قوات فاغنر على الحدود المالية الموريتانية . |#غرفة_الأخبار


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في




.. غزة.. ماذا بعد؟| خلافات بين المستويين العسكري والسياسي واتها