الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إضاءات على الأزمةاللبنانية

معتز حيسو

2007 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ـــ يتميز الواقع الإجتماعي اللبناني بتنوعه الإثنوغرافي الذي يضفي على المناخ الإجتماعي في حال الاستقرار السياسي حراكاً اجتماعياً وسياسياً متميزاً . لكن عندما تتشكل البنى الإجتماعية على أسس طائفية مذهبية وطائفية سياسية ترتبط بالسياسات الدولية أكثر من كونها تعبيراً عن مهام وطنية وسياسية ذات عمق وبعد داخلي فأنها تحول البنية الإجتماعية إلى بركان خامد قابل للانفجار في أي لحظة .
ــــ وبسبب أهمية الموقع الجغرافي والسياسي اللبناني ، إضافة إلى كونها حتى الآن تعتبر البوابة الديمقراطية التي تهدد استقرار الكثير من النظم السياسية في المنطقة ، و لكونها متجاورة مع فلسطين المحتلة.. تحولت إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية .
ــ إن ما نلحظه حالياً في لبنان من ممارسات عنفية لبعض التنظيمات السياسية الإسلامية ، يجسد عمق الإشكالية السياسية للنظام السياسي الدولي المهيمن. وليس أدل على ذلك من تنامي ظاهرة المد الإسلامي بأشكاله الأصولية ، السلفية ، الجهادية ، التكفيرية ( المنسجمة والمتماهية مع ما جاء في بعض النصوص المقدسة الداعية للجهاد...) بكونها رداً انعكاسياً على السياسة الأمريكية ، وسياسية بعض النظم السياسية في المنطقة، وهذا لايلغي توظيف الولايات المتحدة و بعض النظم السياسية المسيطرة في المنطقة للبعض من التنظيمات الأصولية التكفيرية في لحظات محددة ، وعلاقتهما المباشرة في تشكيل الكثير من هذه الحركات .
إن فتح الإسلام كحركة جهادية ، لايمكن فصلها عن باقي الحركات الإسلامية الجهادية، التكفيرية في المنطقة عموماً، بل تشكل امتدادا موضوعياً لمختلف الحركات الجهادية في المنطقة ، إضافة إلى كونها تجلياً موضوعياً عن ميل يمكن أن نسميه مجازاً ميلاً إسلامياً عولمياً متساوقاً بشكل موضوعي مع العولمة الرأسمالية الراهنة التي يحاول أقطابها الرئيسيون عبر ممارستهم السياسية من خلال المراكز البحثية والإعلامية التأكيد على أن التناقض الدولي في المرحلة الراهنة هو تناقض حضاري بأشكال دينية ، أهدافه المضمرة تقسيم المنطقة مذهبياً وطائفياً وإثنياً تحت شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.
ـــ إن الصراع الدائر الآن في لبنان لايمكن فصله عن الواقع السياسي المتناقض في المنطقة عموماً ، بل هو تعبيراً موضوعياً عن التناقض والصراع الدولي والإقليمي ، وتحديداً في سياق الترابط والتشابك والتناقض الدولي المتمركز حالياً في منطقة الشرق الأوسط بكونها موضوعاً وهدفاً للمشروع الأمريكي ، و يمكن اعتبار فتح الإسلام تكثيفاً وتجلياً وظيفياً للتناقض السياسي الراهن بأشكال تتماهى مع الخطاب الإسلامي بميله الجهادي التكفيري المنسجم مع بنية النص الديني الراديكالي .
وبالتالي يمكننا التأكيد على أن ظاهرة تنامي المد الإسلامي بأشكاله التكفيرية والجهادية على امتداد المنطقة هو تعبيراً عن واقع سياسي متناقض تغيب عنه القوى العلمانية نتيجة الممارسة السياسية للنخب السياسية المسيطرة ، ونتيجة لإشكاليات ذاتية تخص القوى العلمانية نفسها ، وهذا يترابط موضوعياً مع الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها غالبية الشعوب العربية وتحديداً الفئات الشبابية التي توظف نسبياً نتيجة واقعها المأساوي ونتيجة لتغيبها عن الممارسة السياسية في الحركات الجهادية . مما يؤكد ترابط الأزمة السياسية والاقتصادية والثقافية .
ـــ إن ظاهرة فتح الإسلام تشكل امتداداً للحركات الجهادية في المنطقة ، وتعبيراً عن تناقض السياسات الدولية التي حولت لبنان إلى ساحة صراع لتصفية الحسابات والمصالح ، في سياق التناقض الشكلي بين المشاريع الخارجية المعدة للمنطقة والتي تقود إلى تكريس هيمنة المشروع الأمريكي بشكله النيو ليبرالي ، ومشاريع إقليمية تسعى بحكم مصالحها السياسية والاقتصادية إلى المحافظة على وجودها من خلال توتير الأوضاع الأمنية في لبنان والعراق بكونه يمكن أن يشكل مخرجاً لإشكالاتها مع النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي تسعى إلى تدويل الأزمة اللبنانية من خلال المحكمة الدولية التي تشكل أحد أشكال الضغط علي النظامين الإيراني والسوري. وتسعى بنفس الوقت إلى إعادة تشكيل المنطقة بما يتلاءم مع مصالحها الإستراتيجية والحيوية المترابطة عضوياً مع المشروع الصهيوني في المنطقة ، عبر إيجاد تسويات سياسية تضمن الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة ، وتساهم في نفس الوقت في إخراج بعض الأطراف السياسية من أزمتها الراهنة .
ـــ ومن الأسباب التي ساهمت في تفاقم الأزمة اللبنانية الراهنة والتي تنبئ بحرب طائفية جديدة هو ضعف مؤسسات الدولة اللبنانية وتشتتها بين أطراف تتنازعها الإستقطابات الإقليمية والدولية . مما يؤكد على ضرورة توصل الأطراف اللبنانية المتنازعة إلى إيجاد آليات سياسية لحل خلافاتهم البينية بعيداً عن المحاور والأحلاف الإقليمية والدولية . ويبدو هذا في اللحظة الراهنة من الصعوبة بمكان في ضوء سعي بعض الأطراف إلى تصعيد حدة الأزمة بين الفرقاء اللبنانيين ، مما يجعل لبنان وامتدادها الإقليمي عموما ً على تخوم النزاع الطائفي والمذهبي بناءً على ترابط جذور الأزمة السياسية الراهنة ، وبناءً على التنوع الطائفي و الإثني والمذهبي الذي يمكن في لحظة محددة أن يتحول نتيجة لممارسات سياسية لجهات محددة إلى ساحات صراع طائفية . ليكون الشكل العراقي مثالاً مستقبلياً للمنطقة .
وأخيراً يمكننا أن نؤكد بأن:
ـــ المحاصصة الطائفية و الطائفية السياسية في لبنان ، تحول لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات والمصالح الدولية والإقليمية، ضعف مؤسسات الدولة اللبنانية ، التدخلات الخارجية في شؤون لبنان الداخلية ، ارتباط معظم الأطراف اللبنانية مع قوى إقليمية ودولية ، تنامي ظاهرة المد الإسلامي بأشكاله الأصولية ، السلفية ، التكفيرية ، غياب القوى العلمانية واليسارية تحديداً عن ساحة الممارسة السياسية ، تشكيل المحكمة الدولية التي ساهمت في تزايد وتيرة الأحداث في لبنان ، ترابط وتشابك الملفات اللبنانية ، السورية، الفلسطينية ، الإيرانية ، العراقية مما يجعل من حل أحد هذه الأزمات بشكل منفرد على غاية من الصعوبة ، فشل المشروع الأمريكي في العراق .
هذه الأسباب وغيرها كثير ساهم بشكل واضح في تفاقم الأوضاع الأمنية منذرة بدخول لبنان والمنطقة في دورة من العنف الطائفي والمذهبي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله: قصفنا 9 مواقع إسرائيلية وهاجمنا بسرب من المسيرات م


.. أعمال شغب في باريس خلال مناظرة مناهضة لليمين المتطرف




.. احتجاجات -الحريديم- تتحول إلى أعمال عنف في القدس


.. نتنياهو سيعلن خلال أيام نهاية عملية رفح.. ووزير الدفاع يقول:




.. ترقب للجولة الثانية من الانتخابات بين بزشكيان وجليلي| #غرفة_