الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باتش وورك

عبد الإله بوحمالة

2007 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


أصبح مزاجنا العام مزاجا انطوائيا يهتم بالفروق ويقف عند التمايزات والاختلافات حتى ولو كانت هامشية وبسيطة، وصار الفرق الواحد كافيا وزيادة لأن نبحلق في بعضنا البعض بغباء فنكتشف بأننا مختلفين لا ننتسب لنفس السلالة ولا اللون ولا اللهجة ولا الدين ولا المذهب.. وأننا، بمنطق هذا التناكر، ما كان ينبغي لنا أن نكون معا تحت سماء وطن واحد بهوية واحدة وانتماء واحد كل هذا التاريخ الطويل.
في العراق وفلسطين، وهما النموذجان الصارخان حاليا، أخذت نعرة الترافض راحتها على اللآخر وتجلت بكل أبعادها الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية رغم أن البلدان يمتحنان في قضية مقدسة ويخوضان معركة وجود ومصير..
وفي لبنان تتجه نفس النعرة تدريجيا نحو إعادة إنتاج ذلك الواقع التناحري الذي انتهى في السابق إلى كارثة الحرب الأهلية. أما في باقي الدول الأخرى، فيمكن أن نقول نفس الشيء بلا تهيب بدءا من اليمن مرورا بالصومال والسودان، وصولا إلى مصر والجزائر والمغرب..
إنها نعرة تطن في كل مكان من الوطن العربي، وتضع بيوضها في كل فجوة تجافي وخصام بين الأشقاء.. وقد لا يخلو، في المستقبل، بلد عربي واحد منها تحت أي ذريعة من الذرائع الجاهزة.
واقع محبط بدون شك، لأولئك الذين آمنوا بشيء اسمه الأمة.. ومحبط أكثر لأولئك الذين كانوا يعتبرون أنفسهم واقعيين من دعاة القطرية، لأن هذه النزعة في مجملها نكوص، ( مدفوع ومندفع )، نحو أنظمة قبيلة وعشائرية وأنوية بدائية سابقة حتى على مفهوم الدولة.
إذن، فرق واحد، عنصري أو قومي أو ديني أو لغوي، صار فارقا في مصائر الشعوب والدول والأوطان وفي مستقبل وحدتها ووجودها، ليس لأنه فرق جوهري يسد كل الأبواب الممكنة للتعايش والتساكن والسلام بين حساسيات المجتمع..
وليس لأن وحدة الدول أو الدويلات القطرية، كما عرفناها إلى اليوم، كانت مجرد تجميعات قسرية فرضتها في مرحلة ما قوة السيف والنار وحان الوقت بالتالي لفسيفسائها المتنافرة أن تتخلص من عوامل لحمتها المصطنعة وتتفكك..
وإنما لأن الواقع السياسي العام في الوطن العربي، تحت ضغط التحولات العالمية، أفرز بيئة فكرية وثقافية مشوهة تسيد فيها منظرو الحروب وفلاسفة الفتن وأصبح مصير الدول والأوطان رهين بيد ثلة من رسامي "خرائط الشر" ممن يهندسون للاستعمار الجديد حدود دويلات "الباتش وورك" التي يسهل التحكم فيها والانقضاض على مقدراتها..
إنها النخب السياسية والثقافية الجديدة التي شكلتها حالة العبودية والتبعية المطلقة والهزائم النفسية والمادية المتتالية من سلالة الانفصاليين النافخين في النار الحاطبين للحرائق، أولئك الذين يطربون لطنين النعرات والذين حيثما حلوا حلت الفرقة والتشتت وحيثما وجدوا اشتغلت الأسافين في الخدوش مؤسسة لمشاريع التشظي والتفتت والانقسام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ