الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين

سعيد الحمد

2007 / 6 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


كما أنه لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون هناك علم من دون علماء أو هندسة من دون مهندسين أو طب من دون أطباء‮.. ‬فكذلك لا‮ ‬يمكن أن تكون هناك ديمقراطية من دون ديمقراطيين‮.‬

هذه حقيقة الحقائق في‮ ‬علم السياسة الاجتماعي‮ ‬فلا داعي‮ ‬لأن نخدع أنفسنا ونضلل الآخرين من البسطاء معنا في‮ ‬الحديث السجالي‮ ‬عن الديمقراطية مع شرائح وفئات وقوى لا تعترف بالديمقراطية أصلاً‮ ‬وتعتبرها أصل الداء والبلاء،‮ ‬فظلت تعاديها وتكافحها كما تكافح الأمراض الوبائية الخطيرة‮.. ‬ولا‮ ‬يمكن أن نخدع أنفسنا مرة أخرى فنصدق أن مثل هذه القوى والحركات تحولت بين‮ ‬يوم وليلة الى حركات وقوى ديمقراطية‮.‬

لا‮ ‬يمكن التعويل والاعتماد وتوقع نهضة ديمقراطية حقيقية تؤسس وتنجز مجتمعاً‮ ‬ديمقراطياً‮ ‬أو دولة القانون والمؤسسات في‮ ‬عالمنا العربي،‮ ‬وفي‮ ‬منطقتنا،‮ ‬من مجموعة قوى اعتلت الموجة الديمقراطية العربية والعالمية في‮ ‬انتهازية نفعية ضيقة لتمكين جماعاتها واحتلال المواقع المتقدمة في‮ ‬صنع القرار،‮ ‬بما‮ ‬يصب في‮ ‬مصالحها الخاصة والذاتية ولخدمة مشاريعها التي‮ ‬هي‮ ‬أبعد ما تكون عن الديمقراطية أو عن تهيئة مناخ ديمقراطي‮ ‬مدني‮ ‬عصري‮ ‬يستوعب كل التلاوين ويعترف بكل الأطياف السياسية والمجتمعية بما‮ ‬يفتح فضاءً‮ ‬لقيام مجتمع مؤسساتي‮ ‬تعددي‮ ‬عريض وواسع‮.‬
ثم كيف نقنع أنفسنا نحن العرب بالوصول الى مجتمع ديمقراطي‮ ‬ونحن نمارس أقصى أشكال إلغاء الآخر‮.. ‬بينما الأنظمة العربية التي‮ ‬ترفع شعار الديمقراطية تحاصر الديمقراطيين الحقيقيين وتستبعدهم من دائرة اهتمامها وتعاونها وتفاهمها،‮ ‬لتفتح جسوراً‮ ‬وتقيم قنوات مع‮ »‬الديمقراطيين الطارئين‮« ‬النفعيين والوصوليين منهم والذين‮ ‬يعرفون من أين تؤكل الكتف العربية،‮ ‬فظلوا‮ ‬يأكلون على كل الموائد العربية وفي‮ ‬مختلف ظروفها‮.‬

فيصفقون ويهللون اذا ما صادرت الأنظمة الديمقراطية وألغتها ويترشحون ويفوزون اذا ما أعادت تلك الأنظمة الديمقراطية‮.. ‬فالمهم لديهم أن تظل الموائد عامرة وأن‮ ‬يظلوا‮ ‬يتصدرونها ويأكلون دون الغير فوقها‮.‬
كيف نقنع أنفسنا نحن العرب بالوصول الى مجتمع ديمقراطي‮ ‬تعددي‮ ‬بينما المناخات والأوضاع العربية بعمومها تترصد وتلاحق وتصادر التفكير الحر المستقل،‮ ‬وتجرجره قسراً‮ ‬وقهراً‮ ‬للعودة الى‮ »‬بيت الطاعة‮«‬،‮ ‬فتمنع السؤال لصالح الجواب الجاهز المعلب ليغدو النقل بديلاً‮ ‬أصيلاً‮ ‬للعقل‮.. ‬وتصبح‮ »‬لماذا‮« ‬ممنوعة من العبور ومصادرة من الثغور ومطلوبة في‮ ‬كل المخافر العربية بعد أن تم تجييش وتحريك التظاهرات الشعبية الواسعة ضدها‮.‬

»‬فلماذا‮« ‬التي‮ ‬أطلقتها المرأة العربية وهي‮ ‬تطلب استعادة مواطنتها وحقها وحرية قرارها وخيارها‮.. ‬قمعها وصادرها‮ »‬الديمقراطيون الطارئون‮« ‬فجّيشوا الجيوش ضدها وسارت تظاهرات التنديد بها مستخدمة أعتى وأمضى الأسلحة تلك التي‮ ‬حملت اتهامات‮ »‬التفسيق والانحلال والتفريط‮«.‬

فكيف نقنع أنفسنا نحن العرب بإنجاز مجتمع ديمقراطي‮ ‬تعددي‮ ‬بينما‮ »‬الديمقراطيون الطارئون‮« ‬ينجحون في‮ ‬تدشين عريضة‮ »‬شعبوية‮« ‬تطالب بإعادة محاكمة طه حسين واحراق مجلدات ألف ليلة وليلة وكتب ابن عربي‮ ‬وابن رشد،‮ ‬فيما‮ ‬يحتفلون سراً‮ ‬وعلانية بمدى سيطرتهم على وسائل الاعلام وأجهزة التعليم في‮ ‬عالمنا العربي،‮ ‬وتنفذهم وتمكنهم من أجهزة أخرى‮.‬

ومن هنا نقول لا‮ ‬يمكن اختزال المسألة الديمقراطية في‮ ‬صناديق الاقتراع‮.. ‬فثمة ديمقراطية اجتماعية مفتقدة محاصرة وملاحقة ومصادرة في‮ ‬فضائنا الاجتماعي‮ ‬العربي‮ ‬لصالح وصايات مجتمعية فرضت نفسها على الوعي‮ ‬العربي‮ ‬العام وقادته الى حيث‮ ‬يناصر الديمقراطية لكنه‮ ‬ينتخب أعداءها‮.. ‬وهو وعي‮ ‬عربي‮ ‬معكوس ورهان خاسر فلا ديمقراطية من دون ديمقراطيين‮...‬
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل