الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران في مرمى النيران

حيدر عوض الله

2007 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة خلل استراتيجي في منطقة الخليج لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا الخلل في توازن القوى الذي كان قابلا للسيطرة واللعب عليه، لم يكن في حساب الإدارة الاميريكية التي اعتقدت أن احتلالها للعراق سيؤدي بصورة اتوماتيكية إلى محاصرة إيران ومحاصرة تطلعاتها للعب الدور المركزي في منطقة الخليج، والبدء في تفكيك "الراديكالية الشيعية" بالحصار من جهة وتشجيع قوى "الإصلاح" من جهة أخرى. وها نحن نشهد مرة أخرى وهم القوة المفرطة في قدرتها على معالجة تداعيات استخدامها. ومن الطبيعي والحال كذلك ألا تجري الأمور بذات الإيقاع الذي رغبت الولايات المتحدة بعزفه . فبدلا عن أن يتحول احتلال العراق إلى "فاتحة" لانهيار النظم المارقة بالتعريف الاميركي ، حسب نظرية الدومينو، انكشفت الاستراتيجية الاميريكية على فجوات قاتلة ، جعلتها وبصورة مباشرة عرضة لتآكل الهيبة والقوة والأهداف، وتحولت بطريق دراماتيكية من "مايسترو" إلى جزء من مكونات الأزمة الدامية والحالة المتخبطة في العراق، فيما راحت إيران تدير لعبتها السياسية والاستراتيجية بارتياح وجرأة شديدة ، مستفيدة من الحاجة الاميريكية لها "للسيطرة" على الوضع الدامي في العراق والذي تحول بفعل "الفوضى الخلاقة" إلى مقبرة لأبنائه وللاستراتيجية الاميريكية التي كانت وراء احتلاله . وفي إطار معادلة الربح والخسارة العزيزة على السوق الاميركي ،يبدو أن الثمن المطلوب إيرانيا باهظ جدا، فالإيرانيون يريدون الدخول إلى نادي "النوويين الكبار" والولايات المتحدة لا تستطيع بالمطلق أن تدفع مثل هذا الثمن، لان دفعه يعني ببساطة انهيار الأهداف المباشرة وغير المباشرة لحربها على العراق ، وتحول إيران إلى دولة نووية ومسيطرة في أهم موقع لموارد الطاقة العالمية، وانهيار قوة الردع الإسرائيلية ، وانكشافها على مخاطر هي من وجهة النظر الإسرائيلية والاميريكية مخاطر وجودية. ولا يبدو من وجهة نظر المصلحة الإيرانية أن هناك سببا يدعو لمساعدة الإدارة الاميريكية على هضم نتائج احتلالها للعراق، لان ذلك يعني ببساطة التفرغ لإيران، بكل ما يحمله هذا التفرغ من مخاطر على طموح ومكانة إيران ولسان حال السياسة الإيرانية: إبقاء المارد الاميركي إلى أطول فترة ممكنة ،غارقا ومنشغلا في البحث عن مخرج من الوحل الذي انساق إليه، وهو يواجه قوى عديدة ومتنوعة الأهداف ، يستحيل السيطرة عليها مهما بلغت قوة الولايات المتحدة.
هذا الإيقاع الراهن لحالة الصراع وتشعبه، والعجز عن حسمه، وتآكل مكانة الدولة الأعظم وهيبتها، لايمكن أن يستمر طويلا، لان دولة بحجم الولايات المتحدة ونفوذها ومصالحها المتشعبة لا يسمح بهذا التآكل طويلا، لان اقل أخطاره انثلام مكانتها وغطرستها وتنامي التمرد على هيمنتها . ولا يبدو لي أن الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس جورج بوش قادرة على البحث عن مخرج من المأزق الراهن بالبحث الجذري في سياساتها ونظريتها المعلنة " الحرب الوقائية" أو بتغيير سلوكها الإمبريالي والكولونيالي المباشر، لذلك فان الوجهة الاميريكية في التعامل مع الوضع الراهن يشير إلى تقدم الإدارة الاميركية باتجاه حل عسكري مع إيران ، وتحت ذريعة مباشرة ، لازالت تعد وتهيئ المسرح الدولي لها، ذريعة امتلاك تكنولوجيا السلاح النووي. وعندما نتحدث عن حل عسكري اميركي ، لا نقصد النموذج العراقي ، واغلب الظن أن تتمحور ضرباتها العسكرية المدمرة على المفاعلات النووية وأهداف استراتيجية عسكرية واقتصادية وبتعاون "مخفي" مع الآلة العسكرية الإسرائيلية أو معلن حسب مستوى تخوف الدول المحيطة. وفي سبيل هذه النوايا العسكرية ، تقوم الولايات المتحدة وإسرائيل بتهيئة المناخ الدولي والإقليمي ، مستفيدة من النواقص الكبيرة التي ارتكبتها في احتلالها للعراق. ومن المؤسف أن الدبلوماسية الإيرانية وخاصة تصريحات الرئيس الإيراني تسهّل على الولايات المتحدة مهمة تكتيل القوى الدولية وخاصة الأوروبية إلى جانبها. وبالتوازي مع ذلك كله وبالربط مع التطورات السياسية " الجديدة" في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي ، والإشارات " السلمية" المدعومة بالعصا الغليظة تجاه سوريا ، واجتماع الرباعية المزمع عقده في القاهرة وبحضور الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لمناقشة مبادرة السلام العربية، وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن لعرض " أفكار جريئة" بخصوص المبادرة العربية ، والتخفيف المدروس للحصار المفروض عل الفلسطينيين، وقبلها وفي قلبها العدوان الإسرائيلي عل لبنان والذي حقق ثلاثة نتائج استراتيجية، بالرغم من الفشل الذي اقر به الاحتلال الإسرائيلي نفسه عبر تقرير لجنة فينوغراد وهي: أولا: الردع الاستراتيجي، بمعنى القدرة على إلحاق خسائر فادحة بالشعب اللبناني، تجعل من أية مواجهة جديدة أمر يستحق التفكير والحسابات العميقة، وهذا ما قاله السيد حسن نصر الله عندما قال: انه لو عرف بحجم الرد الإسرائيلي لما أقدم على اسر الجنود الإسرائيليين.
ثانيا: انقسام المجتمع اللبناني انقساما حادا على شرعية سلاح المقاومة
ثالثا: انتشار الجيش اللبناني وقوى دولية على الحدود الجنوبية اللبنانية.
ثم من قبل ذلك أو بالتزامن معه سحب ملف ما يسمى بالإصلاح والديمقراطية في العالم العربي والذي اضطرت الولايات المتحدة أن تطويه بعد التذمر والممانعة الشديدة من قبل أنظمة حليفة وصديقة تقليديا للولايات المتحدة، ومخاطر أن تسمح هذه العملية أي " الإصلاح والديمقراطية" بصعود الإسلام السياسي الراديكالي إلى السلطة بدلا عن نخبها المتعولمة، ناهيك عن مأزقها وتصدع نموذجها الوحشي للديمقراطية في العراق.
هذه المستجدات ، إن صح التعبير، تجاه قضايا المنطقة ، رغم كونها تكتيكية واستعمالية لا يجب الرهان عليها ، لأنها تصب بمجملها في تهيئة المناخ"المناسب" لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران. فالسوريون مدعوون إلى فك تحالفهم مع طهران تحت وعد إطلاق عملية تفاوضية تؤدي إلى "استعادة" الجولان، وعودتهم إلى أحضان المجتمع الدولي وإخراجهم من قائمة الدول المارقة! كما انه يمكن مكافأتهم بالتحكم بوتيرة المحكمة الدولية المحققة باغتيال الشيخ رفيق الحريري وضبط إيقاعها وامتداداتها على وتيرة ابتعاد سوريا عن إيران. وللحقيقة فان لاستدراج سوريا خارج المحور الإيراني فوائد مباشرة وهامة في الهدوء الإقليمي المطلوب لإنجاز ضربة عسكرية "ناجعة" إلى إيران منها: التحكم في مسار الأزمة اللبنانية الداخلية وفرض الهدوء على الجهة الشمالية لإسرائيل من خلال تعطيل قدرة حزب الله على التفاعل مع ضرب إيران لأسباب سياسية وعقائدية ، والسيطرة على بعض القيادات الفلسطينية الموجودة في دمشق بالتزام الهدوء وعدم إشعال الجبهة الفلسطينية بالداخل. أما الفلسطينيين فيكفيهم في هذه المرحلة ، حسب الرؤية الاميريكية – الإسرائيلية المشتركة ، تحريك العملية التفاوضية دون الإيفاء بمتطلباتها ، وفك الحصار المالي عنهم وتخفيف بعض الإجراءات العقابية.." والجائزة الكبرى" التي تنتظرهم هو القبول بالحكومة الجديدة ، والاعتراف الدولي بحماس كحركة سياسية في الحكم؟!.
ويبقى السؤال فيما إذا كانت حسابات الاميركان وفوضاهم الخلاّقة قادرة هذه المرة على الاحاطة بالتداعيات الجيوسياسية في منطقة هشة كمنطقة الشرق الأوسط والخليج تحديدا؟ وفيما إذا لم تسفر هذه الضربة العسكرية عن انهيار التركيبات السياسية القائمة لصالح وضع من الفوضى لا يستطيع احد تحمل تكلفتها؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله