الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن امام مأزق من نوع جديد؟

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2007 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


حتى الآن تبدو الصورة ذاتها منذ أربع سنوات، لكن هاجسا ما ينتاب العراقيين هذه الأيام، أن ما ينتظرهم أسوء مما مرعليهم طيلة تلك السنوات بكل تفاصيلها المريرة.
تراجيديا الوضع العراقي آخذة أكثر فأكثر بالوضوح والتميز، إذ يبدو الأمر وكأنه وصل إلى نهاياته، لا نحو الحلحلة بل نحو التدهور أكثر فأكثر، وإلى أن يُبت في مستقبل الوجود الأمريكي العسكري في العراق على يد الديموقراطيين، وإلى نتائج ما تتعرض له الحكومة العراقية من ضغوط إن من الرئيس بوش أو من المعارضين لأدائها من داخلها ومن داخل البرلمان، فإن جميع القوى الناشطة على الأرض العراقية سواء منها المحلية أو الإقليمية ستجد المجال الواسع والمناخ المناسب لتكريس وجودها كقوى لها اشتراطاتها ومطالبها وحصصها عند تقطيع الذبيحة ولا نقول عند تقسيم الكعكة كما هو الحال عندما تحيل الدبلوماسية المصطلحات إلى صياغاتها الأنيقة وبلباقة عالية.
ففي الأجواء الداكنة الرطبة تنبت الفطريات وتستطيل فتتموضع، وكلما ازدادت حجما ومساحة كلما ازدادت هشاشة، لكن ما يبدو للناظر منها يبقى مؤثرا الأمر الذي يمنحها مهابة ربما وصلت حد التخويف.
إن صناعة الخوف وتسويقه عبر عمليات الاغتيالات والقتل المنظمين بشكله الصادم الذي نراه ونسمع به يوميا، هو إحدى سمات تلك المنظمات الهشة، إلا انها في النهاية ورغم هشاشتها ستقضي بواسطة هذه الصناعة على أية فرصة أو محاولة لإعادة اللحمة الى المجتمع العراقي، بل وستمنع نشوء مثل هذه الفرصة وستحول دون أية محاولة لتعديل المسار وتدارك السقوط النهائي في الهاوية، فهي لا يمكنها الاستقواء والسيطرة والهيمنة إلا في ظروف الرعب الذي تنثر بذوره في كل مكان، والا في اعتماد منهجية للتجهيل تقوم على العصبية.
في هذه الأجواء تواجه القوات الأمريكية ضغوطات شديدة للانسحاب من العراق بعد أن أخذت خسائرها تتنامى كلما امتد وجودها أكثر، وكلما آلت العملية السياسية في العراق إلى الفشل أو تعثرت وكلما استعصت الأساليب الأمريكية المعلبة على التطبيق.
القوات البريطانية التي طالما تبجحت وتباهت بسيطرتها على الأوضاع في المناطق المتواجدة فيها إنها مناطق آمنة حتى صدق ذلك الكثيرون،أصبحت هي الأخرى هذه الأيام تخطط للهرب من مواجهة أعمال مسلحة آخذة في النمو والانتشار في تلك المناطق.
وهذه العلاقة الطردية ما بين مصير الوجود الأجنبي المسلح في العراق، وتزايد نشاط القوى المسلحة ونموها المرعب، هي ما جعل البعض حتى ممن كانوا يدعون الى انسحاب القوات الأجنبية من العراق وبينهم دول في المنطقة ان يتريث في دعوته هذه الآن ويستبدلها بعبارات أكثر دبلوماسية.
العالم كله وليس منطقة الشرق الأوسط وحدها تبدو وكأنها ميدان قتال مفتوح ما بين أميركا وحلفائها من جهة وبين ما تبقى من "محور الشّر" والقاعدة من جهة أخرى.
الأمر لا يقتصر على الساحة العراقية حسب فأفغانستان ولبنان وفلسطين والصومال والسودان جميعها تبدو وكأنها ساحة قتال واحدة إضافة الى العلاقة القلقة جدا بين واشنطن وطهران على خلفية المواقف الإيرانية من مشكلات المنطقة وتبنيها الصناعة النووية وإصرارها على السير بها الى نهايتها رغم التحذيرات والتهديدات.
ليس من مصلحة الجميع سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، عراقيين أو غيرهم ، أن تستقر الأوضاع في العراق، فاستقرارها يعني نجاح المشروع الأمريكي، وهذا ما لا يريده أحد من تلك الأطراف أن يحصل .
إنها الحرب التي أشعلها بوش عام 2003 وأعلن عن انتهاء عملياتها من على ظهر إحدى حاملات الطائرات في الخليج العربي، لكنه لم يكن ليعلم أن إنهاء عملياتها وإعلان (انتصاره!) كان من طرفه هو وحده وأن هناك في كل حرب طرفان وكان الطرف الآخر يعيد ترتيب أوضاعه استعدادا للجولة اللاحقة بعد أن خسر الجولة الأولى فيما توهم بوش أن الطرف الآخر قد استسلم وانتهى الأمر.
وبإمكان أي أحد أن يتعرف على الطرف المقابل في المعادلة بمجرد إعادة قراءة أهداف الإدارة الأمريكية التي قررت من أجلها احتلال العراق!!
فليس بالضرورة أن يكون ذلك الطرف منسجما مع مكوناته ليصبح طرفا له ملامح محددة، فقد تلتقي تلك المكونات على هدف أو بضعة أهداف لتشكل ما يشبه جبهة قد تختلف في الكثير من التفصيلات وتتقاطع في الكثير من القضايا لكنها تتفق في الهدف المشترك .
لا نعلم حتى الآن لماذا لا تعترف الإدارة الأمريكية أن الحرب التي أشعلتها ما تزال مستمرة وأنها لم تحسم حتى الآن، لتعيد النظر في تكتيكاتها في التعاطي معها.
فمنذ أربع سنوات وحتى الآن لم تتبلور لدى الإدارة الأمريكية أية صيغة نهائية جديدة للتعاطي مع الوضع العراقي الشائك والمعقد، غير تلك التي كونتها نتيجة معلومات مضللة اعترفت مؤخرا أنها كانت خادعة، وإلى تصورات دفعت إليها الرغبة في تغيير شكل وهوية المنطقة، دون دراسة معمقة للمتغيرات التي تنشأ عادة كردات فعل نتيجة لرغبة جامحة من هذا النوع.
الآن وبعد فشل جميع المحاولات لاحتواء الأزمة أو على الأقل التخفيف من وطأتها، يعترف تقرير لشبكة الأمن القومي الأمريكية بكل وضوح بـ"أن إدارة الرئيس جورج بوش فشلت في تلبية المعايير التي وضعتها من اجل التقدم في العراق"...!
أما الليفتانت جنرال دوجلاس لوت وهو الذي وقع عليه اختيار الرئيس الأميركي جورج بوش لتولي إدارة الحروب الأميركية في العراق وأفغانستان، فيقول:"إنه يمكن التفكير في انسحاب القوات من العراق لزيادة الضغط على الحكومة العراقية".
انه اذن الاستعداد لانسحاب (مشرف!) ولو جاء على حساب جميع من في المنطقة دون استثناء ومنهم الحكومة العراقية ذاتها.
خاصة وان هذه الاعترافات تأتي بعد فشل جميع الخطط التي كان يُظن أنها قد تعالج الأمر، ليدخل العراق وتدخل المنطقة والإدارة الأمريكية في متاهة لا حدود لها.
فالجميع يتأهب الآن ويستعد بكل ما يملك من قوة وطاقات لخوض المعركة الكبرى في هذه الحرب التي قد تدوم طويلا لتجهز على ما تبقى من إمكانات عودة الحياة إلى طبيعتها وإن بعد حين وإن في أضيق نطاق.
فهل يعي العراقيون والعرب والإيرانيون والأتراك ما سيتمخض عنه استمرار هذا الصراع وتصعيده على المنطقة بأكملها!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق