الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الاستبداد وتحرير الفكر السياسي العربي

أمياي عبد المجيد

2007 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


إن الشعب كمكون أساسي في تفعيل أي تصور مصيري ، لابد أن تتوفر فيه شروط التعاطي الايجابي مع التمظهرات والتجليات الحقيقية التي تهدف الجهة الرسمية على تقريرها في تصوير الواقع الذي يشكل في المحصلة التدبير المنهجي للشأن العام ، لكننا لا نتّفق في إخضاع هذه الآليات لأساليب التقويم والمناقشة ، وجرت العادة في الدول العربية أن يتم وضع الموقف السياسي الرسمي في قالب ضيق جدا لا يكاد ينحصر فيه ذلك التحوير الذي هدفت إليه تلك الجهة ،و بالكاد تتبلور رغبة من جهات مرتبطة بالمؤسسة الرسمية على أساس منفعتي غير مباشر . هذا بكل بساطة إقحام لعنصر التضليل الذي تمارسه الأنظمة العربية بدافع السلطة وحمايتها ، والتمسك في مبدأ الاستعلاء والترفع على الخوض في سياق المطالب الشعبية ،وفي الحقيقة هذا يتم على حساب الشعور المعنوي لدى المواطن بأن إقرار آلية العيش الديمقراطي والتّفعيل التام لمبدأ الموطنة أمر عبثي ، وهذا ايضا ربما في حد ذاته محاولة للقفز على الواقع ، فنحن حتى نكون منطقيين لا نستطيع اليوم في إطار التضييق المستمر على الحريات والأشكال النضالية المختلفة لا يمكن أن ندرك أو حتى أن نحدد مفاهيم عرفتها دول أخرى منذ عشرات السنين بل منذ قرون .
إن هذا التقدير السابق لتطابق المعيار الاستبدادي في الواقع الرسمي يجعلنا أكثر توقعا في تحديد ما يجب تغييره في النظم السياسية العربية ، فهي من باب الواقعية لا تملك إرادة ( الفعل السياسي ) وأقصد هنا بالفعل السياسي هو : إيجاد آليات ذاتية وقدرة على الاقتراح والتطوير المنهجي للعمل السياسي ، بدل التركيبية النظامية المعمول بها، والتي تفضي كما أسلفنا إلى تحقيق مطلب الاستبداد في أجندة جميع التكوينات السياسية ، فحتى الجهات التي نقول عليها أنها معارضة هي تدخل في نطاق التصور الضيق لتطبيق مفهوم المعارضة ، وأنا أتساءل هنا عن جدوى أحزاب المعارضة إن كانت تقبل الخوض في نقاش تدرك مسبقا أن الآلية التي يتم بها ، هي آلية لتفعيل وتدعيم الموقف الرسمي ، ربما لا يوجد تفسير لذلك سوى القول بأن المعارضة كقوة سياسية في سياقها الطبيعي قادرة على تحقيقي مطالب أساسية من ضمنها جرد سلطة الاستبداد من النظم السياسية وتثبيت مبادئ الاقتراح ، لكن هذا بعيد كل البعد عن الحالة العربية وتصبح أحزاب معارضة عديدة دكاكين يتبضع منها النظام الرسمي عند الحاجة .
ما يثير الاهتمام أكثر هو انخراط بعض هذه " القوى " (المعارضة ) في دعم ما يسمى ب " الاستبداد المستنير " ،والكل يدرك أن الخوض في تفصيل هذه النقطة بالذات هي إعادة لتنظيم أوراق التاريخ العربي الحديث وبالتحديد الحقبة التي تلت الحرب الباردة والتي استشرفنا حيثيات تعاظم الاستبداد المستنير بالخصوص في سوريا والعراق ، وتحولت الأنظمة بهذه الكيفية من هياكل قابلة للتغيير إلى أدوات ثابتة تفرض على الشعب بشكل شرعي ( بدعم من بعض قوى المعرضة ).
كيف يمكن تفسير هذه المفارقة بين الاستبداد كآلية لدعم الموقف السياسي الرسمي ،وانخراط المعارضة في دعم هذا الموقف كنصير يظهر في صور مختلفة وباهتة ؟ بلا شك هذا سؤال في اعتقادي يرمي إلى فك عقدة ظلت على الدوام حلقة مفرغة يدور فيها السياسيون كما المنظرون للسياسة ، وهي إشكالية الفكر السياسي ، ففي الوقت الذي نتحدث فيه على التجارب السياسية في الدول العربية فإن استيفاء نظام التكامل على صعيد التجربة يبقى مقتصرا على السطحية والمباشرة في تحليل الواقع العام وتبني الفكر السياسي ، وبالتالي ففي تجارب عدة تحولت نظم سياسية بعينها من تيارات إلى تنظيمات أقرب إلى الجمعيات منها إلى الأحزاب السياسية تسطر الأهداف الهشة لا ترقى أن تكون أهداف مسطرة في أجندتها .
إن الفكر السياسي العربي اليوم يعيش أزمة حقيقية تستدعي إعادة النظر بالخصوص في الآلية التي يتعامل بها السياسيون مع الأيديولوجية حتى تستوفي شروط الممارسة والسياسة ، وأعتقد أن أزمة المشاركة السياسية خاصة عند الشباب جزء بسير من المسؤولية تلقى على هذا التعاطي السلبي مع الفكر السياسي ،فالشاب بطبعه متحمس وعندما يصطدم بهذه المفارقات المنهجية يكون رد فعله هو : العزوف الكلي عن ممارسة العمل السياسي ،نستطيع القول إذن أن التنظيمات السياسية لم ترقى بعد إلى العمل الممنهج وهذا ما يستدعي تحرير الفكر السياسي العربي من أزمته هذه عن طريق تقويم المنهجية العملية .
* كاتب مغربي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على أرجاء قطاع غزة مع اشتداد المعارك في شرق رفح


.. أوكرانيا، روسيا، غزة: هل ستغير الانتخابات البرلمانية الأوروب




.. أوكرانيا: موسكو تشن هجوما بريا على خاركيف وكييف تخلي بلدات ف


.. لبنان.. جدل واتهام للمسرحي وجدي معوض بالعمالة لإسرائيل




.. متاعب جديدة لشركة الطيران الأمريكية بوينغ.. واختفاء مجهول لع