الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية المتجددة الحلقة الثانية

حسقيل قوجمان

2007 / 6 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ننتقل الان الى ما اعطاه النظام السوفييتي الى العامل/ الفلاح/ المثقف السوفييتي. قبل كل شيء اود ان اسألك عن اي اتحاد سوفييتي تتحدث؟ فمن المعروف اليوم لدى كل انسان يتتبع التاريخ بصورة موضوعية ان الاتحاد السوفييتي مر في مرحلتين مختلفتين ومتناقضتين في تاريخه. المرحلة الاولى من ثورة اكتوبر الى سنة ۱٩٥۳ والمرحلة الثانية من ذلك التاريخ الى الانهيار التام للاتحاد السوفييتي وتحوله الى دويلات راسمالية تتناحر فيما بينها. المرحلة الاولى كانت مرحلة بناء المجتمع الاشتراكي والمرحلة الثانية كانت مرحلة تدمير المجتمع الاشتراكي. لا اعتقد انك تبلغ من العمر بحيث انك شاهدت او عشت او قرأت عن حياة المجتمع السوفييتي في المرحلة الاولى مرحلة بناء المجتمع الاشتراكي. اظنك شاهدت او عرفت الاتحاد السوفييتي او دول المعسكر الاشتراكي عن بعد او عن قرب في المرحلة الثانية وهي المرحلة التي كانت فيها الدولة السوفييتية دولة راسمالية تتشدق بعبارات شيوعية وماركسية مهمتها استلاب كل ما حصلت عليه شعوب الاتحاد السوفييتي من حقوق في المرحلة الاولى، مرحلة بناء المجتمع الاشتراكي. ومعنى هذا ان الاتحاد السوفييتي الذي تتحدث عنه لم يكن مجتمعا اشتراكيا بل كان مجتمعا في مرحلة التدهور والعودة الى الراسمالية. والحقوق التي قد تكون شعرت بها للعامل/ الموظف في تلك الفترة هي مجرد بقايا الحقوق التي لم تستطع الدولة الراسمالية سلبها بعد. وعند مقارنة ما قدمه الاتحاد السوفييتي الاشتراكي الى الشعوب السوفييتية مع ما قدمته الراسمالية للعامل/ الموظف في هذه البلدان علينا ان نقارن ذلك مع الحقوق التي حصلت عليها شعوب الاتحاد السوفييتي في فترة وجود المجتمع الاشتراكي.
ان اهم ما قدمه المجتمع الاشتراكي لشعوب الاتحاد السوفييتي هو الملكية العامة لكل ثروات الاتحاد السوفييتي من الارض وما احتوته من ثروات باطنية الى الصناعة والزراعة القائمة والمتطورة في الاتحاد السوفييتي الى التجارة الخارجية والتجارة المحلية المحدودة الضيقة. وهذا موضوع لا اظنك تتفق معي بصدده ولا الومك على ذلك اذ ان الكثير من الماركسيين الذين ما زالوا يؤمنون بالماركسية اللينينية باخلاص ويمجدون ثورة اكتوبر والمجتمع الاشتراكي لا يؤمنون بان الاتحاد السوفييتي حقق مجتمعا اشتراكيا فعلا وجعل ثروات الاتحاد السوفييتي كلها ملكا لشعوب الاتحاد السوفييتي. فاكثرهم يعتقدون ان ما حدث في الاتحاد السوفييتي هو مجرد راسمالية الدولة ولا يميزون بين الملكية الاشتراكية وراسمالية الدولة. لا اريد ان ادخل في نقاش معك في هذا الموضوع لانه موضوع خاص بحد ذاته يتطلب نقاشا منفصلا ومفصلا.
لنجعل نقاشنا مقصورا اذن على ما قدمه الاتحاد السوفييتي الى الشعوب السوفييتية من الناحية الاقتصادية فقط. واعتقد ان هذا ما تقصده انت في حديثك عن الاتحاد السوفييتي وعما قدمه للعامل / الموظف.
تستلم الدولة الاشتراكية بعد الثورة مجتمعا راسماليا بكل ما فيه من مساوئ ومحسنات، مجتمعا فيه الاقطاعيون والراسماليون والصناعة والزراعة الراسمالية ونظام المصارف والنقود والاجور وفيه التجارة الخارجية والتجارة المحلية وفيه الشركات الاجنبية والاحتكارات الامبريالية وفيه العمال والفلاحون والمثقفون والحرفيون وغيرهم. وهدف الدولة الاشتراكية، دكتاتورية البروليتاريا، هو تحويل هذا المجتمع الى مجتمع شيوعي يكون شعاره الاقتصادي من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته. والمرحلة الاشتراكية هي مرحلة انتقالية بينية تمتد ما بين المجتمع الراسمالي والمجتمع الشيوعي اذ لا تستطيع الحكومة الاشتراكية من الناحية الاقتصادية وحتى من النواحي الاجتماعية والفكرية والنفسية تحقيق المجتمع الشيوعي فورا بعد الثورة. وخلال هذه المرحلة الانتقالية، التي اطلق عليها اسم المرحلة الاشتراكية، يتحول المجتمع الراسمالي الذي تسلمته دكتاتورية البروليتاريا الى مجتمع نصف اشتراكي نصف شيوعي ان صح التعبير. واقصد بعبارة نصف شيوعي ان النظام الاشتراكي يحقق الشعار الاقتصادي الشيوعي جزئيا ولا يستطيع تحقيقه كليا. وخلال هذه المرحلة تستفيد دكتاتورية البروليتاريا من كل ما ابدعته وانجزته الراسمالية من محسنات وتزيل كلما ابتلى به المجتمع الراسمالي من سيئات.
من هذا المنطلق ينبغي ان نبحث ما قدمه الاتحاد السوفييتي الى الشعوب السوفييتية اقتصاديا. فقد كان من الظواهر التي اقتبسها النظام الاشتراكي من النظام الراسمالي الدولة ومؤسساتها وورقة النقد الورقية التي استعاضت بها الراسمالية عن النقود المعدنية، الذهب والفضة. واقتبس النظام الاشتراكي من الراسمالية نظام الاجور وغيرها من الابداعات الراسمالية التي يستطيع المجتمع في المرحلة الاشتراكية ان يسير امور الدولة ويطور مجتمعه وتطوير هذه الابداعات وتغيير طبيعتها والتخلص من مساوئها للاستفادة من محاسنها لا لكي تبقى الى الابد بل للاستفادة منها الى حين الانتقال الى المجتمع الشيوعي الذي تختفي فيه جميع هذه المظاهر الراسمالية وتختفي فيه الدولة وغيرها.
في الفترة الاولى من تاريخ الاتحاد السوفييتي بقيت الكثير من مظاهر النظام الراسمالي قائمة في المجتمع مثل الصناعات الخفيفة والصناعات الحرفية والبرجوازية الزراعية والتجارة الداخلية الخ. وتتطلبت ازالة هذه البقايا من النظام الراسمالي حتى ۱٩۳۳واصبح النظام الاقتصادي الاشتراكي بعد القضاء على كافة بقايا الراسمالية والاقطاع من نوعين من الاقتصاد كما اسلفنا، نوع تحقق فيه الشعار الشيوعي لكل حسب حاجته ونوع بقي فيه شكليا النظام الاقتصادي الراسمالي كالنقود والاجور. ولكن طبيعة النقود والاجور في النظام الاشتراكي تختلف كل الاختلاف عنها في النظام الراسمالي. فقد فقدت النقود في النظام الاشتراكي كل الوظائف التي كانت لها في النظام الراسمالي تقريبا عدا وظيفة وسيلة تبادل السلع الاستهلاكية واهمها التبادل السلعي بين الزراعة التعاونية والصناعة ووظيفة النقود الدولية التي تسير بموجبها العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد السوفييتي ودول العالم الاخرى. ونظام الاجور في الاتحاد السوفييتي الاشتراكي اختلف كل الاختلاف عنه في النظام الراسمالي اذ فقد كل صفاته الاستغلالية واصبح وسيلة لتوزيع المنتجات الاستهلاكية التي لم يستطع النظام الاشتراكي تحويلها بعد الى التوزيع الشيوعي اي لكل حسب حاجته.
كان العامل في الاتحاد السوفييتي يتقاضى اجورا عن عمله قد تكون اقل كميا من الاجور التي يتقاضاها العامل في الدول الراسمالية وقدرتها انت بالف مرة اقل من اجور العامل في المجتمع الراسمالي. ولكن المهم في هذه الاجور هو قدرتها الشرائية اي ما يستطيع العامل ان يحصل عليه بها من مواد استهلاكية ضرورية. واذا اخذنا هذه الاجور بحد ذاتها نجد انها تختلف جوهريا عن الاجور في النظام الراسمالي. فالعامل السوفييتي لا يدفع ضريبة من الاجور التي يتقاضاها. والعامل السوفييتي لا يحتاج الى شراء بيت باقتراض مبالغ هائلة يدفع فوائدها ولا يسددها طيلة حياته كما في الدول الراسمالية بل ان النظام السوفييتي مكلف بان يوفر المسكن لكل عائلة بما في ذلك الكهرباء والغاز والماء ويدفع العامل جزءا ضئيلا من اجوره لقاء ذلك. والعامل السوفييتي لم يكن يخاف من اليوم التالي او من البطالة وضيق العيش كما هو الحال في النظام الراسمالي حيث تحصى البطالة الان بعشرات الملايين لان الحكومة الاشتراكية ملزمة بتوفير العمل لكل عامل قادر على العمل. والعامل السوفييتي لم يكن يعيش حياة التقاعد على النزر اليسير بل ان النظام الاشتراكي حقق للمتقاعدين مستوى معيشة لا يقل عن مستوى معيشة العامل قبل تقاعده. وكان اتجاه هذه الاجور وقدرتها الشرائية في تطور مستمر. اذ ان سياسة الحكومة الاشتراكية كانت رفع الاجور وتخفيض ساعات العمل بصورة مستمرة وتخفيض اسعار المواد الاستهلاكية كلما استطاعت تحقيق ذلك. من هذا نرى ان الاجور في النظام الاشتراكي التي اقتبسها النظام من ابداعات النظام الراسمالي اختلفت جوهريا عن طبيعة الاجور في النظام الراسمالي.
وليس هنا بحث ما اكتسبه الفلاح من النظام الاشتراكي فلم يعد الفلاح يكدح طيلة حياته حالما بالحصول على قطعة ارض يزرعها مستقلا ولا يتحقق حلمه. فالارض اصبحت ملكا للدولة الاشتراكية اي لكل المجتمع واصبح الفلاح حرا في زراعة الارض بدون ان يشتريها او يبيعها او يرهنها وبتحول الزراعة الفردية او العائلية المنفصلة الى زراعة تعاونية اصبحت احدث الالات الزراعية متوفرة لكل المزارع التعاونية بدون ان تحتاج الى شراء اي منها. ويمكن الحديث طويلا عن نمط الحياة في المزارع التعاونية وعن خطة الحكومة السوفييتية حول تحويلها من زراعة اشتراكية خاصة بالمزارع التعاونية الى زراعة اشتراكية عامة شأنها شأن الصناعة كشرط من شروط تحول النظام الاشتراكي الى نظام شيوعي.
اروع من بحث هذا الموضوع نظريا كان كارل ماركس في كتابه الشهير نقد برنامج غوتا اقتبس ادناه العبارة التي وصف فيها طبيعة المرحلة الاشتراكية الانتقالية من النظام الراسمالي الى النظام الشيوعي اقتبستها من ترجمة الكتاب الموجودة في موقع كارل ماركس في الحوار المتمدن:
"ان ما نواجهه هنا، انما هو مجتمع شيوعي لا كما تطور على اسسه الخاصة بل بالعكس، كما يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي، أي مجتمع لا يزال، من جميع النواحي، الاقتصادية والاخلاقية والفكرية، يحمل سمات المجتمع القديم الذي خرج من احشائه. فالمنتج يتلقى اذن بصورة فردية –بعد جميع الاقتطاعات- ما يوازي تماماً ما قدمه للمجتمع. وما قدمه للمجتمع، انما هو نصيبه الفردي من العمل. مثلا، ان يوم العمل الاجتماعي يمثل مجمل ساعات العمل الفردية ؛ ووقت العمل الفردي الذي بذله كل منتج هو النصيب الذي قدمه من يوم العمل الاجتماعي، هو القسط الذي اسهم به في هذا العمل. وهو يتلقى من المجتمع سنداً يثبت انه قدّم قدراً معيناً من العمل (بعد اقتطاعات العمل المبذول من اجل الصناديق الاجتماعية) وبهذا السند، يأخذ من المخزون الاجتماعي كمية من اشياء الاستهلاك تناسب قدر عمله."
هذا وصف رائع للمجتمع الاشتراكي وكأنه يصف المجتمع السوفييتي في اواخر الثلاثينات من القرن الماضي قبل تحققه باكثر من سبعين عاما. ان العامل يتلقى من المجتمع سندا (اتخذ المجتمع الاشتراكي شكل الاجور والنقود من المجتمع الراسمالي كشكل لهذا السند) وبهذا السند، اي الاجور، يأخذ من المخزون الاجتماعي كمية من اشياء الاستهلاك تناسب قدر عمله، اي الشعار الاشتراكي من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله.
واضافة الى القطاع الاستهلاكي الذي اقتبس المجتمع الاشتراكي فيه النقود والاجور والتبادل السلعي من ابداعات النظام الراسمالي والنظم الاجتماعية السابقة للنظام الراسمالي كان هناك نظام اقتصادي شيوعي جزئي، اي نظام تحقق فيه الشعار الاقتصادي الشيوعي لكل حسب حاجته. وكان هذا النظام في متناول كل مواطن في الاتحاد السوفييتي. لا اريد هنا ان اناقش هذا النظام تفصيلا ولكني اورد بعض الامثلة عليه.
كان التعليم بكل مراحله في الاتحاد السوفييتي مجانيا بل ان طلاب الجامعات كانوا يتقاضون اجورا باعتبار انهم عن طريق الدراسة يقدمون خدمات للمجتمع الاشتراكي تجعلهم مستقلين عن الحاجة الى الاستعانة بابائهم من اجل نفقات عيشهم اثناء الدراسة. كان التعليم في الاتحاد السوفييتي متوفرا لكل مواطن سوفييتي وبجميع الاعمار وهذا يعني ان التعليم في الاتحاد السوفييتي كان شيوعيا اي لكل حسب حاجته.
كانت الخدمات الصحية في الاتحاد السوفييتي مجانية لكل مواطن سوفييتي وهذا يعني ان النطاق الصحي في الاتحاد السوفييتي كان شيوعيا لكل حسب حاجته. وكانت دور الحضانة في جميع المعامل والمصانع والدوائر متوفرة لكل مرضع تديرها ممرضات محترفات ويسمح للمرضع ان ترضع طفلها في الوقت المقرر لارضاعه. كانت دور الحضانة شيوعية اي لكل حسب حاجته. وكانت لكل عائلة سوفييتية عطلة مدفوعة الاجور تقضيها العائلة في احسن مصايف ومنتجعات الاتحاد السوفييتي. كانت هذه الخدمة شيوعية اي لكل حسب حاجته. والامثلة على ذلك كثيرة ليس هنا مجال بحثها بحثا مفصلا ولكنها كلها كانت توسع مجال حياة الانسان السوفييتي وهذا يعني ان الاجور وحدها ليست المقياس الكامل للوضع الاقتصادي والاجتماعي للعامل السوفييتي كما هو الحال بالنسبة للعامل او الموظف او الفلاح او كل انسان في البلدان الراسمالية.
ولكني مع ذلك لا استطيع ان اترك هذا الموضوع بدون التطرق الى قصور الاطفال في الاتحاد السوفييتي خصوصا وان زوار الاتحاد السوفييتي من ارجاء العالم كانوا يندهشون لدى زيارة قصور الاطفال فيكتبون الكتب عنها ويستطيع الباحث المتتبع ان يجد المئات من الكتب والكراريس والمقالات التي كتبها زوار الاتحاد السوفييتي عن قصور الاطفال في اواخر الثلاثينات من القرن حين كان الاتحاد السوفييتي مجتمعا اشتراكيا حقيقيا. من المعروف ان الاتحاد السوفييتي حول قصور الملوك والامراء والاقطاعيين الى قصور للاطفال يقضي فيها الطفل ساعات بعد انتهاء الدراسة في المدارس. وفي هذه القصور كان الاطفال يتلقون جميع انواع اللهو والثقافة والفن فكانوا يتعلمون الموسيقى والرقص ورقص الباليه ولعبة الشطرنج ويتدربون على جميع الفروع الرياضية ويتمتعون بوسائل لهو ينظمونها بانفسهم كالافلام والقصص وغير ذلك. كان هؤلاء الزوار يقولون ان الاطفال هم ملوك الاتحاد السوفييتي. هل بامكان اكبر اصحاب المليارات ان يوفروا بكل ملياراتهم حياة لاطفالهم تشابه حياة الطفل في الاتحاد السوفييتي التي لم يكن بالامكان تحقيقها سوى في مجتمع اشتراكي؟ وليسمح لي القارئ العزيز ان اذكر مثلا واحدا مازلت اذكره لاهميته وعظمة محتواه.
من المعروف ان العلماء الذين انتجوا القنبلة الذرية اثناء الحرب العالمية الثانية رفضوا الاستمرار في انتاج القنبلة الهيدروجينية احتجاجا على القاء القنبلتين على هيروشيما وناكازاكي الى درجة ان رئيس هؤلاء العلماء اودع في مستشفى المجانين. ولكن عالما هنغاري الاصل وافق على ان يترأس العلماء الذين وافقوا على انتاج القنبلة الهيدروجينية. وفي سنة ۱٩٥۳ وبعدها جمعت الحكومة جميع السجناء اليهود في سجن نقرة السلمان وكان بينهم سجين اسرائيلي واحد استطاع اهله عن طريق الصليب الاحمر ان يحصلوا له على امتياز بان يستلم المجلتين الاميركيتين تايم ونيوز ويك بصورة مستمرة. كنت استعير هاتين المجلتين منه واقرا الاقسام العلمية فيهما. وفي احدى هاتين المجلتين قرأت مقالا كتبه هذا العالم الهنغاري الاصل تحدث فيه عن الاتحاد السوفييتي. وهذا العالم بعيد عن الشك ولا يمكن اتهامه بالشيوعية او الماركسية او اليسارية او العمالة للاتحاد السوفييتي. لا استطيع ان اقتبس كلام هذا العالم نصا لعدم توفر تلك المجلة لدي ولكنه قال ان من الممكن ان يظهر اينشتاين في بلادنا ولكن الاتحاد السوفييتي هيأ الفرصة لكل طفل في الاتحاد السوفييتي لكي يكون اينشتاين.
جاء في رسالتك:"الثقافة الشرقية عموما والشرق اوسطية خصوصا اسيرة فكر بطريركي ، ابوي ، ديني متخلف وهذا هو السبب الرئيسي لبقاء افكارنا محدودة وتتطور ببطأ وهي نتيجة منطقية اذا تم تحليلها ديالكتيكيا."
اود هنا ان اسألك سؤالا واحدا عن العراق لانك كنت في فترة من حياتك جزءا منه قبل ان تصبح جزءا من المجتمع السويدي. هل غزت الحكومة الاميركية والحكومة البريطانية العراق من اجل انقاذه من هذا التخلف الشرق اوسطي البطريركي الابوي الديني المتخلف ودفعه في طريق "التطور الديالكتيكي" الذي حققتاه في بلديهما؟ هل دمرت الولايات المتحدة الدولة العراقية والمؤسسات العراقية والاثار العراقية والمكتبات العراقية والجامعات والمدارس العراقية وقتلت ما يقرب من مليون شخص وهجرت اربعة ملايين الى خارج العراق وقتلت النخبة من علماء العراق ومبدعيه وهجرت مليونين من العراقيين في داخل العراق يعيشون لاجئين في الخيم بلا زاد ولا ماء من اجل انقاذ العراق ورفع مستواه الثقافي والاجتماعي والسياسي الى مستوى البلدان الراسمالية كالمانيا والسويد التي انت جزء منها؟ ام انها غزت العراق من اجل الاستيلاء على ثرواته النفطية وغير النفطية ومن اجل استعماره استعمارا ابديا وشن حرب ابادة جماعية على شعبه والقضاء على هويته وتحويله الى دويلات طائفية واثنية وقومية متناحرة؟ أترك الجواب على هذا السؤال لك يا عزيزي القارئ.
وختاما جاء في رسالتك: "ما اود توضيحه هو اني لا اتفق كليا مع كل ما تطرحه ، اني ارى في العديد من مقالاتك سابقا تقوقع في المفاهيم الماركسية الكلاسيكية (مع احترامي لقناعتك) لكني ارى ضرورة الخروج عن الاطر العامة، والنظر من زوايا اخرى، من زوايا الراسمالي كيف ينظر للامور ... فالمجتمع الاوربي وحركته وتطوره وطريقة تفكيره واسلوب العيش يطبق عمليا النظرية الديالكتيكية وهي التي تطورت في اوربا بعد انهزام الكنيسة ورجال الدين تاريخيا وانفصال الدولة عن الدين وبدء مرحلة التفكير الحر." وهذا مسك الختام فهنيئا لك وللطبقات العاملة والعاطلين والذي يعيشون تحت مستوى الفقر وهنيئا لمن تبقى من سكان الولايات المتحدة الهنود الاصليين بعد تحطيم حضاراتهم وشن حرب ابادة ضدهم ومن تبقى من العبيد الذين اصطادوهم واستخدموهم عبيدا بهذا التطور الديالكتيكي العظيم. ولكن لك كل الحق في ان لا تتفق معي بما اطرحه كليا او جزئيا كما هو الحال بالنسبة لي اذ انا ايضا من حقي الا اتفق مع كل ما تطرحه اطلاقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تنتخب وأوروبا تكتم أنفاسها.. اليمين المتطرف يحلم بـ-ال


.. من تأسيسه إلى تغيير اسمه.. كيف نشأ حزب التجمع الوطني الفرنسي




.. مقابلة خاصة مع رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودا


.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا




.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة