الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف الأردني من العراق ( 1 من 3)- المعيار الأخلاقي

باتر محمد علي وردم

2003 / 9 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كاتب أردني

(تنشر المقالة بالتزامن مع صحيفة الدستور الأردنية)

 

ثمة حملة إعلامية منظمة في الصحافة الأردنية تدعو إلى منع التعامل مع مجلس الحكم العراقي، وتجميد عضوية العراق في الجامعة العربية وعزل "انظام السياسي "الجديد الذي يتطور في العراق، والاستعاضة عن ذلك بدعم ما يسمى "المقاومة العراقية" وذلك باستخدام الكثير من المبررات الأخلاقية والوطنية والقومية. وتنتقد هذه الحملة بالأخص مواقف الحكومة الأردنية من مجلس الحكم، وتدعو إلى الانفتاح على من يسمون أنفسهم "العراقيين الوطنيين". وقد أخذت هذه الحملة منحى جديدا مؤخرا من خلال الترويج لإعادة الحكم السابق لحزب البعث.

من حق كل شخص أن يعبر عن رأيه، ولكن من المهم ايضا أن لا يترك المجال لرأي واحد بالاستفراد بالساحة الإعلامية، والإدعاء بأنه يمثل الإعلام الأردني أو الرأي العام الأردني، وأن يتحرك اصحاب الرأي المخالف ليعرضوا وجهة نظرهم ولا يترددوا خوفا من الاتهام بتأييد الاحتلال أو غير ذلك من تهم فارغة.

أن التفكير المنطقي الهادئ، وباستخدام المعايير الأخلاقية والوطنية والقومية، يشير بأن الموقف الأردني الأفضل تجاه العراق هو التعامل بشكل سريع وتام مع مجلس الحكم، ودعم جهود الشعب العراقي للاستقلال، والوقف التام للترويج لحزب البعث والنظام السابق، واحترام خيارات الشعب العراقي في تقرير مستقبله.

من الناحية الأخلاقية فلا يوجد سبب يمنعنا من قول الحقيقة الأولى في هذه القضية هو أن أي تغيير في نظام الحكم والإطاحة بحزب البعث ونظامه القمعي الوحشي هو تغير إلى الأفضل...بالنسبة للشعب العراقي. ربما هذا التغير ليس جيدا بالنسبة لمؤيدي البعث أو المستفيدين مه، ولكن بالنسبة للعراقيين فإن حلمهم كان دائما التخلص من هذا الكابوس، وللأسف فقد وصلت كراهية البعث بسب ما ارتكبه من جرائم بحق العراقيين إلى قبول التدخل والاحتلال الأميركي بديلا عنه.

أن ضميرنا، كمثقفين أردنيين يجب أن يؤلمنا لا على الاحتلال الأميركي للعراق بقدر ما يجب أن يؤلمنا على سكوتنا الطويل تجاه معاناة الشعب العراقي تحت حكم البعث. أن كل المعايير الأخلاقية  التي نتشدق بها، سواء كانت الحرية أو العدالة أو الديمقراطية أو الإنسانية أو التعددية، كلها داسها حكم البعث ودمرها ومع ذلك لم نقم بواجبنا في دعم الشعب العراقي أو حتى تفهم رغبته في التخلص من هذا الكابوس الذي جثم على صدره 35 عاما، وأفضل ما نفعله للتكفير عن الخطأ هو في التوقف عن الترويج لهذا الحزب نهائيا.

قد يكون مجلس الحكم العراقي وليدا للاحتلال، وقد يعتبره البعض من العرب غير شرعي، ويزيد البعض من الشعر بيتا فيكررون النكتة إياها بأنه غير منتخب، وكأن الحكومات العربية الاخرى منتخبة ديمقراطيا. ولكن مجلس الحكم هذا يمثل أكثر من 10 أحزاب تمثل كل أطياف الشعب العراقي، وهو بالتالي يمثل من الناحية الأخلاقية الشعب العراقي أكثر من حكومة البعث الضيقة التي فرضتها الدبابات على الشعب العراقي.

المعايير الأخلاقية تتطلب أيضا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ووتوزيع التهم والأوصاف على الساحة السياسية فيها. وكما أننا لا نعتقد أن للعراقيين الحق في التدخل بشكل الحكومة الأردنية فنحن لا نملك حق التدخل في الشأن العراقي وعلينا احترام خيارات الشعب. وسواء أعجبنا أم لم يعجبنا، فإن الوقائع على الأرض تشير بأن الغالبية العظمى من الشعب العراقي تؤيد مجلس الحكم أو على الأقل تقبل وجوده كمرحلة انتقالية، وهذا خيار علينا احترامه. 

الذين يطالبون بالاعتراف بالمقاومة العراقية لا يقدمون لنا إسما واحدا من تنظيمات هذه المقاومة ومن تمثل. البيان الأخير الصادر عن "المقاومة" والذي تم تحليله على اعتبار أنه يمثل فكر البعث لا يساوي، بالنسبة للعراقيين قيمة الورق الذي طبع عليه ، بل أن "بعثية" المقاومة هي السبب الأول الكافي لفقدان المصداقية، فلا يوجد عراقي واحد باستثناء المستفيدين من حزب البعث يمكن أن يفكر ولو للحظة واحدة بعودة حكم هذا الطغيان مرة أخرى. أما اشكال المقاومة الأخرى فهي مجهولة، فمنها مقاومة غامضة تضرب الجنود الأميركيين، وهذا له ما يبرره وهناك عصابات تضرب السفارة الأردنية ومقر الأمم المتحدة وتفجر القنابل في ضريح الإمام علي وتقطع إمدادات المياه والكهرباء عن العراقيين، فبأي منطق يمثل هؤلاء شرعية يمكن التعامل معها؟

في المعيار الأخلاقي المجرد، علينا أن ندعم خيارات الشعب العراقي، بعد أن نعتذر عن سكوتنا على مجازر النظام السابق، بل وتبرير البعض لها حتى يكون للإعلام الأردني مصداقية في عيون العراقيين، والتعامل مع مجلس الحكم  كمرحلة انتقالية هو السبيل الأفضل لأن عزله يعني عزل الشعب العراقي بالمحصلة. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مين اعترف بالحب قبل.. بيسان أو محمود؟ ????


.. العراق.. اهتمام شعبي لافت بالجرحى الفلسطينيين القادمين من غز




.. الانتخابات الأوروبية: انتكاسة مريرة للخضر بعد معجزة 2019.. م


.. أغذية فاسدة أو ملوثة، سلع مستوردة مجهولة المصدر.. كيف نضمن ج




.. هنا تم احتجازهم وهكذا تم تحريرهم.. مراسل سكاي نيوز عربية من