الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عمالة الأحداث ..عمالة الأطفال آفة العولمة وقوى رأس المال

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2007 / 6 / 15
الحركة العمالية والنقابية



بعض المعطيات أولاً

• 318مليون طفل دون الثامنة عشرة يعملون في عالمنا المعولم .
• 218 مليون منهم يُُصنفون بما يُعرف "عمالة الأحداث"(ما بين سن الخامسة والرابعة عشرة).
• 126 مليون منهم يعملون في مجالات عمل وورشات خطرة .
• 22 الف طفل يفقدون حياتهم سنوياً خلال مزاولتهم العمل.
• القارة الإفريقية وحدها تضم حوالي 56 الى 72 مليوناً من العمال الأحداث.
• 70 بالمائة من العمّال الأحداث يتركزون في الزراعة.

هذه بعض المعطيات الإحصائية التي صدرت عن الهيئات الدولية التي تقوم بحملة مناهضة عمالة الأطفال في العالم وذلك بمناسبة اليوم العالمي الذي تنظمه منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة ، والذي يحل في الثاني عشر من شهر حزيران – يونيو من كل عام . ضحايا العمل من الأحداث والذين يصل عددهم الى أكثر من 22 ألف عامل قاصر سنوياً ، يفقدون حياتهم في الغالب في فروع الزرعة والبناء والمعادن . هؤلاء الأطفال الأبرياء يهلكون سنوياً في خضم العمل ، وفقدان أُسس الصحة والسلامة ، من خلال عمليات تشغيلهم في ظروف خطرة ودون أية رعاية لصحتهم وسلامتهم . تتم هذه الحملة ضمن البرامج المتواصلة التي تضعها منظمة العمل ومعها مختلف المنظمات التي تعنى بحقوق الأطفال ، وهي تشمل أكثر من مئة دولة في العالم .

أكثر من ثلث القوة العاملة في الزراعة

وفقاً للمعطيات الرسمية المتوفرة لدى منظمة العمل الدولية ينخرط في سوق العمل العالمي اكثر من 318 مليون شخص دون سن الثامنة عشرة ، أو ما يُطلق عليه عمالة الأولاد والفتيان ، وتؤكد المنظمة في تقاريرها أن هؤلاء العاملين يتعرضون الى إستغلال بشع في سوق العمل ، ويجري تشغيلهم في مهن خطرة ومُذلّة . من هؤلاء العاملين الفتيان 218 مليون في سن 5- 14 عام ويجري تصنيفهم ضمن ما يُعرف ب "عمالة الأحداث" ، لكن الأمر المُثير في هذه المُعطيات هو أن حوالي 70 بالمائة من العُمال الأحداث يعملون في الزراعة ، مع ان المُعطيات تؤكد أن العدد الحقيقي أكثر من ذلك ، لأنه من الصعب تحديد عدد العاملين الأحداث – القاصرين في قطاع الزراعة بشكل مضبوط ،سيما وأن عمالة الأحداث غالباً تجري بالسر ولا يجري التبليغ عناه رسمياً ،لذلك تبقى هذه المُعطيات منقوصة والواقع هو أشد ألماً . وإذا قُمنا بإجراء مقارنة بين مختلف المعطيات والأرقام نجد أنها تتراوح مابين 100 – 155 مليون من الأحداث يعملون في الزراعة ، وبالإمكان القول أن قضية المعطيات الإحصائية بالنسبة لعمالة الأحداث فيها خلل مُعيّن ، لأننا نعي حقيقة المحاولات التي يقوم بها أصحاب العمل من أجل إخفاء مخالفاتهم لقوانين العمل والمواثيق العمل الدولية التي تمنع تشغيل الأحداث وإستغلاللهم ، مثل هذا الأمر نلحظه في فروع البناء والنسيج وصناعة السجاد وتجارة الجنس وغيرها .

نجد أن عمل الأحداث في الزراعة يحمل في طياته الخطر الكبير ، فهو يجري في ظروف قاسية ، تحت حرارة الشمس الحارقة في الصيف وفي البرد القارص في الشتاء ، مما يعرض صحة العمال الأحداث للخطر ، هذا بالإضافة لتعرضهم للمواد السامة والمبيدات الكيماوية التي تُستعمل في رش المزارع ، الأمر الذي يكون له تأثير على صحتهم في الحاضر والمُستقبل يُتركون بدون أية رعاية في مجال الصحة والسلامة ويُجبرون بالتعامل مع ادوات عمل لا تناسب جيلهم ، ويحملون منتوجات بوزن لا يناسب أجسادهم والأسوأ من ذلك إجبارهم على العمل ساعات طويلة .مما يكون له عواقب وخيمة تؤثر سلباً على صحتهم ونشأتهم في المستقبل . هذا الوضع يؤدي الى مواصلة إستغلال هؤلاء الأحداث ومواصلة حرمانهم من فرص التعليم والعناية الصحية أو اللعب ،

الفقر والفاقة السبب الأساس...

المدير العام المساعد في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المُتحدة خوسيه ماريا سومبسي فيناس قال في تصريح له لوسائل الإعلام عشية إطلاق حملة مناهضة تشغيل الأحداث :" أنه من غير المقبول أن يُجبر كل يوم 132 مليون طفل بين سن الخامسة والرابعة عشر من العمر للعمل في الحقول وغالباً ما يكون ذلك محفوفاً بظروف غير صحية وخطرة." وربط خوسيه فيناس قضية الإستغلال القائم ضد الأحداث في العمل الزراعي بحالة الفقر والفاقة التي تعيشها عائلات هؤلاء الأحداث بقوله :"أن الإستراتيحية الناجحة بحق مناهضة عمالة
الأحداث تكمن في العمل على الحد من ظاهرة الفقر الريفية من العالم النامي .." على ضوء ذلك نلاحظ العدد
الكبير لتشغيل الأحداث في الزراعة بالقارة الإفريقية حيث يصل الرقم الى حوالي 72 مليون عامل من الأحداث أي أكثرية الأحداث العاملين في الزراعة في العالم . ولا نكشف عندما نقول أن الفقر والفاقة هما من سمات القارة الإفريقية ، مما يؤكد أقوال المدير العام المساعد لمنظة الأغذية والزراعة الدولية ال – فاو -.

معظم الدراسات العالمية المُتعلقة بقضية تشغيل الأحداث في عالمنا المُعولم تؤكد حقيقة الأسباب التي تؤدي الى تفاقم ظاهرة تشغيل الأولاد هذه ، في صُلب هذه الأحداث أو السبب الأساس لها هو الفقر ، فالأطفال يُجبرون على العمل من أجل بقائم وبقاء أُسرهم ، من خلال ضمان الحد الأدنى من لقمة العيش والقوت ،هذا الوضع بما يحمله من آلام الفقر والفاقة يؤدي ليس فقط الى إستغلال الأطفال في العمل بل الى غياب التعليم والخدمات الصحية وفقدان الفرص البديلة التي تمنحهم تعلم المهن ودخول سوق العمل المحلي والعالمي من بابه الواسع وليس من خلال باب الإستغلال البشع الذي يتعرضون له ضمن عملهم كأحداث في مختلف الفروع وعلى رأسها الزراعة. وضمان كونهم أيدي عاملة رخيصة تؤدي الى ضمان الربح الوافر لأصحاب هذه المزارع وعلى رأسهم كبار المزارعين المُرتبطين بقوى رأس المال العولمية التي يكون همها الوحيد المزيد من الأرباح ،حتى لو كان ذلك على حساب حاضر ومستقبل أحداث ، ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا لعائلات فقيرة .


حملة عالمية لمناهضة عمالة الأحداث

"إن شُغل القاصر يُشار إليه تحديدا بالعمل الذي يضر بصحته ويحول دون مواظبته على الدوام في المدرسة أو يُعيق نموه وتطوره.." هذا ما أكدته قوانين منظمة العمل الدولية والمواثيق التي تعتمدها في قضية مواجهة قضية إستغلال الأطفال وتشغيلهم . ووفق تقدير الخبيرة الدولية في شؤون التشغيل الريفي والمساواة في العمل بالمنظمة السيدة ايف كراولي فإنه لو تم تجميع العمال الأحداث في دولة واحدة لكانت الدولة الثامنه في عالمنا المعاصر مما يُشير الى ضخامة المُشكلة القائمة وقالت في تصريح لها بالمناسبة :" يتوجب علينا في يومنا الحاضر أن نكسر جدار الصمت واللامبالاة التي تحيط بهذه الظاهرة . كما يجب علينا أن نتأكد من أن إتفاقيات منظمة العمل الدولية تتم المُصادقة عليها وتُنفذ ..وعندئذ وإعتبارا من هذا اليوم ستتعزز الحركة العمالية لمناهضة أسوأ أشكال إستغلال القاصرين في قطاع الزراعة."

نعم علينا أن نعمل على كسر جدار الصمت القائم بخصوص إستغلال الأحداث في العمل خاصة في الفروع التي تُشكل خطراً على حاضرهم ومستقبلهم ، ومن هنا إنطلقت الحملة العالمية لمناهضة عمالة الأحداث في العالم وبشكل خاص في الزراعة التي تقودها منظمة العمل الدولية ، والتي إنطلقت بها من مقرها في جنيف بعد التوقيع على وثيقة عالمية مشتركة لعدة هيئات دولية ومنظمات عالمية بالإضافة للمنظمة نفسها شاركت في التوقيع على الوثيقة والمساهمة في الحملة الدولية كل من منظمة الأغذية والزراعة الدولية ، الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ، الإتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين ، الإتحاد الدولي للنقابات العمالية ومنظماته التي تعنى بشؤون العاملين في فروع الأغذية والزراعة والفنادق والمطاعم وغيرها إضافة للمعهد الدولي لسياسات الأبحاث الغذائية.

نحو إنهاء عبودية الأطفال في عالمنا

الهدف من التوقيع على هذه الوثيقة الدولية المشتركة مساهمة مختلف المنظمات التي قامت بالتوقيع عليها ، في حملة عالمية تعمل على القضاء على عبودية الأطفال في عالمنا ، والتي تُعتبر نتاج لسياسة العولمة الإقتصادية بقوى رأس المال التي تقودها . ضمن هذه الحملة تم عقد ندوات خاصة بعد الحفل الإفتتاحي الذي شارك فيه ممثلو هذه المنظمات وخمسمائة طفل الذين شكّلوا حلقة الإحتجاج الدولي على هذا الإستغلال ، وضمن هذه الحملة التي يساهم فيها أيضا أصحاب فنادق ومطاعم وغيرها سيجري تبني عدد من الأفكار التي تهدف الى تكثيف الحملة وتعميق الوعي لها مثل إصدار ملصقات ومغلفات بريدية تحمل شعارات مناهضة لعبودية – تشغيل الأحداث ومنها شعار :" حصاد المُستقبل : زراعة بدون عمالة أطفال ". وتشمل الحملة العالمية عقد ندوات ومظاهرات في مختلف الدول ومحاولة التأثير على السياسيين من أجل تنفيذ المعاهدات الدولية ووقف ظاهرة عمال الأحداث ، وإعادتهم الى مقاعد الدراسة ويأمل القائمون على هذه الحملة الدولية،التي نعتقد أنها من اهم الحملات الدولية لحماية حقوق الحداث ومعها حقوق الإنسان، بأن تساعد على تقليص ظاهرة العبودية القائمة في الزراعة بحق الأحداث في عالمنا . إن نجاح هذه الحملة يعني نجاح عالمي في تقليص الفقر والفاقة وتخصيص أموال تضمن دعم العائلات التي تعيش في فقر مُدقع ، والتي تعتبر قضية تشغيل أطفالها في الزراعة مصدر دخل لها ومسار يُساعدها على مكافحة الفقر والفاقة .

من منّا يستطيع ان يُغفل ما يحدث للأحداث الذين "تبيعهم" عائلاتهم لكبار المزارعين (من الأغنياء) ، من أصحاب مزارع الكاكاو والموز والقهوة في القارة الإفريقية ، مقابل دولار واحد لليوم – هذا في أحسن الأحوال بدلا أن يجلس هؤلاء الأطفال على مقعد الدراسة .

ومن منّا يستطيع ان يمحو من مخيلته صور الأطفال الذين يجري ربطهم بالجنازير في بعض الورش من أجل ضمان أعلى إنتاجية عمل في العمال التي يقومون بها ... ومن منّا يستطيع أن يمحو من ذاكرته تلك الصور التي تنقلها وسائل الإعلام على فترات متقاربة لأطفال يصرخون في اللحظة التي تبتلعهم أمواج ومياه البحار والمحيطات وهم على متن قارب يغرق ، عندما كانوا في لحظة الحلم السعيد بالوصول الى مكان عمل وصاحب عمل في دولة غنية أو منطقة ما لأنهم يُشكلون أيدي عاملة رخيصة وهم بالمقابل يريدون مساعدة عائلاتهم على مواجهة الجوع والفقر وشظف العيش ... لذلك لا بد من توجيه الدعوة لكل صاحب ضمير في عالمنا ،بأن ينضم ويُساهم في إنجاح هذه الحملة الدولية ...حملة مناهضة عمالة الأحداث في الزراعة خاصة وفي جميع الفروع التشغيلية التي تقوم على إستغلال هؤلاء الأبرياء في عالمنا ...إنها حملة من أجل إنهاء العبودية بحق 318 مليون شخص يعملون بدلا من الجلوس على مقاعد الدراسة ...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتى تحقيق مطالبهم كافة.. طلاب في جامعة غينت البلجيكية يواصلو


.. شركة ميكروسوفت تطلب من موظفيها العاملين في الذكاء الاصطناعي




.. محامون ينفذون إضرابا عاما أمام المحكمة الابتدائية في تونس ال


.. إضراب عام للمحامين بجميع المحاكم التونسية




.. توغل صيني في سوق العمل الجزائري