الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الأمريكي في ثلاث عواصم عربية

عمار ديوب

2007 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في يوم واحد تقريباً ، تتزامن الأحداث وتتراكم، تسيل الدماء السياسية في ثلاثة عواصم عربية. مقتل النائب وليد عيدو ونجله ومجموعة من لبنانيين. مقتل أكثر من خمسين فلسطينياً تحريراً لأرض دولة حركة حماس في غزة أو أرض سلطة حركة فتح في الضفة الغربية. يعلن أبو مازن حكومةً جديدةً في رام الله بالتوازي مع الحق الشرعي والمقدس لحكومة حماس . التفجر الجديد لقبتي العسكريين في سامراء وحرق عشرات المساجد في أنحاء العراق؟؟؟!!!
هذه الأحداث تؤشر إلى بدايات حرب أكثر من أهلية ، وتتجه نحو حرب ذات بعد طائفي ، يتدخل الإله دون شك فيها إلى جانب أحد المتصارعين في الجبهات المشتعلة ؟ سواء أكانت الأحداث في لبنان أو فلسطين أو العراق . وهو ما يشكل بوابة التفجر في كل المنطقة العربية وسواء تم إخماد هذا الأحداث أنياً أم لم يتم فإن المشكلة لا تزال تغلي في مراجل القدور العربية ...
تصاعد الأحداث هو بالضبط ما يخدم المشروع الأمريكي والصهيوني معاً وكذلك يحقق مصلحة الأنظمة العربية التي تحاول الالتقاء مع المشروعين السابقين ، لذلك تصبح القوات الأمريكية المحتلة قوات صديقة ؟! وتعمل لمصلحة العراقيين . والدولة السعودية بإرثها الوهابي وديكتاتوريتها المقدسة ووظيفيتها التاريخية في المشروع الأمريكي ضد الحركات القومية والماركسية قُبلة حل المشكلات العربية العربية كما فعلت أخيراً مع حماس وفتح ومع بعض القوى العراقية . وتصبح مصر مبارك بأجهزتها الأمنية وتجديد رئيسها لنفسه إلى الأبد صمام الأمان لفض الاشتباكات بين حماس وفتح ، ولكن المشكلة أن كل ذلك لا ينفع ؟؟
السبب في عدم النفع يكمن في طبيعة هذه الأنظمة وهذه الحركات ، ولان الأصل الذي تحدث بسببه هذه الظاهرات لا يُناقش ، ألا وهو عنف المشروع الأمريكي ، وبدء هزيمته في العراق أو لبنان أو حتى فلسطين . هذا الأصل هو ما يجب أن نفسر من خلاله ومن خلال حلفائه وأجهزته وأساليبه المباشرة وغير المباشرة للتحكم في العالم والمنطقة ، تطورات الأحداث المشار إليها . دون أن نغفل أن تكوّن الفئات أو الطبقات الحاكمة والمسيطرة هو في وضعيته الواقعية وسياساته وخياراته المحدودة وهامشيته اتجاه المشروع الأمريكي يعود إلى ما قبل تصاعد المشروع الأمريكي وإلى إنحيازاته إلى أحد أقطاب الحرب الباردة ، وبداية تشكل الدولة القطرية ، وفي وقت لاحق . فإن سقوط الاتحاد السوفياتي ، القطب الضابط للتناقضات ، صعّد من تفجر الأحداث التي كانت في طور الإمكانية . أو إحدى الخيارات المؤجلة..
إذن لا يمكن تصوير كل ما يحدث على أنه من أعمال المؤامرات الخارجية الشيطانية ، ولا أنه فعل حصري نتيجة سياسات الأنظمة المتضررة مصالحها..
السرعة في الاتهام ، أو تحديد سبب تفجر الأحداث ، بأنها حماس أو فتح أو النظام السوري أو المليشيات الطائفية أو حتى أمريكيا أو إسرائيل ، هو خفة في التحليل وتخندق إيديولوجي ، لا يثمر معرفةً ، ولا يقدم تحليلاً ، ولا يُدعم موقفاً سياسياً ؛ بقدر ما ينثر لاعقلانية في السياسة والمجتمع والعقل . ولكن هذا لا يعني عدم إمكانية وجود دور ما لهذه الأطراف في كل ما يحدث في المنطقة العربية , وضرورة إيلاء الدور الأمريكي أهمية فائقة في تحليل هذه الأحداث ..
هذا الوضع العربي ، المفرط بتناقضاته ، تعمه أنظمة ديكتاتورية ، وشعوب مهمشة ، وحريات مفتقدة ، وإقتصادات تابعة ، وبنية اجتماعية مفتتة . لا يمكن أن يقدم في وضعيته هذه ، وفي دول أخرى إلا أمثلة أخرى لما يحدث في العراق أو فلسطين أو لبنان ، وهذا عين المشكلة ..
الموت والانهيار الكامل في إطار الديمقراطية والوطنية والقومية هو ما توصلت إليه الأنظمة العربية ، وهو بالضبط ما يخدم المشروع الأمريكي ؛ هذا المشروع الذي يعاني بدوره في مواجهة أوربا والصين وروسيا والمقاومات في كل أنحاء العالم ، ونفس المآل ينطبق على المشروع الصهيوني الذي يعاني كذلك من القنبلة الديموغرافية وحزب الله والحركات المقاومة .
ولذلك ما يخدم المشاريع الاستعمارية هو هو ما يدمر ويحط من المشروع العربي الديمقراطي العلماني . وتتعقد المشكلة بأن ما يعارض هذه المشاريع على مستوى حركات المقاومة في منطقتنا العربية لا يمتلك أفقاً يتجاوز التعارض على مائدة العولمة الامبريالية وسياسات الليبرالية الجديدة أو القديمة عبر مشاريع المحاصصات الطائفية أو إعادة تثبيت السلطة المهتزة وإعطائها دور جديد في المشروع الأمريكي .
لهذا الأمة العربية مشتتة الاتجاهات ، ضائعة المصير ، دولها وأراضيها محتلة أو ملحقة بدولة أخرى ، فقراؤها يتزايدون فقراً وأميةً وتهميشاً وطائفيةً وعشائريةً ، وأثرياؤها يزدادون تغرباً واندماجاً مع السياسات الليبرالية الجديدة وتخمد الوطنية في مشاريعهم وتحكم رؤاهم المصالح التجارية الهزيلة .
وبالتالي من الصعب التفاؤل بواقع ديمقراطي وعلماني ، ومن السهل جداً ملاحظة الواقع المُشكل على أرضية تصارع وتلاقي المصالح البرجوازية العالمية والمحلية والذي يشي بمزيد من الدمار والتفكك والتجزئة والطائفية للأمة العربية ، وهذا أفضل وضع لدولة إسرائيل المأزومة وللمشروع الأمريكي كذلك وحتى للمشروع الإيراني والتركي ..
نجازف بالقول أن ضعف العرب يرافقه بروز الأمم الأخرى بمشاريع وتكتلات وحصص أكبر في الاقتصاد العالمي ودور سياسي إقليمي ، وبالتالي لم تعد المسألة الأساس أن الصراع بين المشروع العربي والمشروع الصهيوني فقط ..
بالمحصلة ، من الخطأ الكبير استبعاد دور المشروع الأمريكي في كل ما يحدث في المنطقة العربية والبرجوازيات العربية التابعة ، ومن السذاجة الانسياق وراء قوى المقاومة دون تحليلٍ ونقدٍ لبنيتها وبرامجها وأهدافها ولكن وأيضاً تأييدها كقوى وطنية واعتبار القوى الجهادية من القاعدة وأشباهها قوى إرهابية تعمل لصالح المشروع الأمريكي . ما يمكن الثقة به هو القوى العلمانية الديمقراطية ، والماركسية النقدية ، والقوى المقاومة ذات البعد الوطني ، والقوى الحقوقية بكلية برامجها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل : لا مجال لبقاء حماس في السلطة بعد الحرب في غزة


.. أمير الكويت يعين الشيخ صباح خالد ولياً للعهد.. والأخير يؤدي




.. شكري يؤكد رفض مصر الوجود الإسرائيلي في معبر رفح| #الظهيرة


.. نجل بايدن يفسد فرحته.. فهل يفوّت بايدن فرصة إزاحة ترامب من س




.. غروسي: تفتيش منشآت نووية لدولة ما يخضع لأطر قانونية وفق التز