الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وماذا بعد يا فلسطين؟

سامي الاخرس

2007 / 6 / 16
القضية الفلسطينية


ربما من هول ما يحدث وتلاحق الأمور وتسارعها ، وحالة عدم الاتزان التي أصابتنا لم نعد نوازن الأمور بواقعية وقراءة متفحصة ، حيث تمازجت المشاهد بعضها ببعض ، نمسك بعض الخيوط فتتلاشي عشرات الخيوط من المشهد المعاش ، ولكن بما إننا أبناء لهذا الوطن وأمام قضية مصيرية ، فلا بد وأن نتحاور ونتفاعل بشفافية لنرسم الصورة ، ونسير بطريق مليء بالنور والأمل .
إنتهت عملية السيطرة على جميع المقرات الأمنية والعسكرية ونفذت حركة حماس ما إتخذته من قرار ، وهنا لن يجدي محاكمة هذا القرار الأن إن كان صحيحاً أو خاطئاً ، ضاراً أم نافعاً ، حيث حدث ما حدث وبدأت مرحلة جديدة ، وماذا بعد؟
أعقب حالة السيطرة على مقرات الأجهزة قرار الرئيس أبو مازن بإقالة رئيس الوزراء وإعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة طوارئ ، وينطبق عليه ما ينطبق على قرار السيطرة على الأجهزة كون القرار أصبح واقعا وعلى الأرض ، ولن تجدي مناقشة صوابيته وخطأه ، ويعاد نفس السؤال ماذا بعد؟!
نعود لقرار حركة حماس وسيطرتها على الأجهزة فهل قامت حركة حماس بهذه الخطوة وفق قراءة سياسية متأنية ومدروسة ومعلومة النتائج من حيث مبدأ الربح والخسارة السياسي ، على الصعيد الوطني وليس الحزبي ، وهل فكرت بعواقب خطوتها بعقلانية هادئة ، ورؤية مستقبلية ، أم انقادت لردات الفعل ، وتعاملت وفق منطق العسكر الذي يطغوا عليه ضيق الأفق وانعدام المهنية السياسية ، وإن سُلم جدلا بما تطرحه بأنها تريد إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية فهل نجحت بهدفها ، وإن كانت نجحت فماذا ستفعل بأجهزة الضفة الغربية أم ستتعامل معها كأجهزة منفصلة عن أجهزة غزة ؟ عشرات الأسئلة تطرح نفسها وتحتاج لتفكير وتأمل ونعيد لنسأل مرة أخري ماذا بعد؟
في كل التقديرات السياسية وحسب قرار الرئيس ، وأمين سر حركة فتح أبو اللطف الذي أعلن التعئبة العامة لعناصر فتح ، تشير الدلائل أن المعركة لم تحسم بعد بل هناك معركة قادمة وأن ما حدث جولة من الجولات ، فلا يمكن تصور خضوع حركة فتح لما حدث من إهانة لها ولتاريخها ولكادرها ، ولقيادتها للمشروع الوطني ، فلن تسمح لحماس أو لغيرها بفرض تقسيمات على فتح وتصنيفها لشرفاء وغير شرفاء ، أو التسليم لما طرحه المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد أبو هلال من تشكيل لجنة طوارئ لحماية كادر فتح ، ولا أدرك بأي صفة أعلن ذلك خالد أبو هلال ، وهو عمليا مفصول من حركة فتح ، فهل فقدت فتح كل قيادتها من أمين سر وقائد عام ، ولجنة مركزية ومجلس ثوري ، لتصبح فتي قاصر يحتاج لوصي عليه .
ففتح حركة فلسطينية وطنية تقود النضال الفلسطيني وخاضت تجارب مريرة في الثورة الفلسطينية وبتاريخها لم ولن تسمح لأي كان أن يفرض عليها ويملي عليها وصايا وقرارات . خاصة وإنها تعرضت لإنشقاقات كثيرة ومتعددة وتعاملت معها سياسيا وعسكريا .
أم تصورت حركة حماس إنها تتعامل مع احدي المجموعات الصغيرة التي تدعمها بالمال والعتاد ، وستفرض أمرا واقعا عليها .
الموقف معقد جدا، والمأزق اكبر مما نتصوره ونفكر به ، فالمأزق ليس لحركة فتح بل هو لحركة حماس ، فهي بفعلها ارتكبت جريمة بحق نفسها أولاً ، ولم تحسب الأمور سياسياً ، إلا إذا أقدمت على هذا الفعل باتفاق مع الرئيس الفلسطيني وحركة فتح ، وأعطوهم الضوء الأخضر ، فهنا يكون الأمر مختلف ، وهذا يكاد يكون ضرب من الخيال .
المأزق متشعب ، وزاده تعقيدا قرار الرئيس باعلان إقالة رئيس الوزراء واعلان الطوارئ ، وهذا فعليا وسياسيا جرد الحكومة من دستوريتها ، وسحب الشكل الرسمي لها ، فكيف ستتصرف حماس مع أهل غزة ، وبأي صفة ، وكيف ستتعامل مع الأسرة العربية والدولية ؟
أما قرار الإقالة فهو توقيتا خاطئ وزاد من تعقيد الأمور ، وهنا عامل الزمن يلعب دورا هاما وحيويا ، فبأي منطق أعلنت حالة الطوارئ ، ومن سينفذ القرارات على الأرض ؟ويطبقها ؟ في ظل انهيار الأجهزة الأمنية في غزة .ولماذا صبر الرئيس كل هذا الوقت ؟
آلاف الأسئلة تحتاج لإجابات ، والكل يترقب ماذا سيحدث .
السيناريو لا يخرج عن أحد الحلول إما أن ترضخ حركة حماس وتوافق على قرارات الرئيس وتعود الأمور لطبيعتها ، وهو خلاص لحماس من الطوق الذي خنقها وكبل حريتها ، أو أن يكون الحكم للشرعية المتمثلة بالرئيس في الضفة الغربية وعليه يكون انفصال جغرافي وسياسي ، وحكم غزة بالشرعية الأخرى المتمثلة بالحكومة وإعلانها متمردة والتعامل معها بذلك ، ويجد العدو الصهيوني ذريعة لضرب غزة وتدميرها على رؤوس أهلها وحصارها من قبل أمريكا وإسرائيل ، ويدفع شعبها الثمن .
كل السيناريوهات مطروحة وطريقها مفتوح ، رغم كل الغموض المحاطه به .
ما الحل ؟
الحل رغم مجهوليته ، وعدم وجود ملامح له ، ومصيره تائه ، إلا أن الطريق السليم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، أن تسارع حركة حماس في فتح حوار وطني شامل مع كافة القوي الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ، والشخصيات الوطنية ، على قاعدة الوفاق والاتفاق ، والشراكة الكاملة ، وتغليب المصالح الوطنية ، وإلا فستغرق ونغرق جميعنا مع انجراف التيار الذي رسمه العسكر بكتائب القسام ، وأوهموا أنفسهم بتطهير غزة وتحريرها ، وتعبيد الطريق للتوافق السياسي ، فغزة لم تطهر سوي من حجارة ومقرات فارغة فكل القيادات لم تمس ، وقيادات الأجهزة لم تمس ، والتيار الذي صنف بالخائن لم يمس ، بل لا زالت رموزه موجودة وتعمل ، فالقاعدة السياسية لم تتوازن بل زادت انحراف .
وآخر الكلمات:
لن يسامح شعبنا كل من تلاعب بقضيته ومصيره ، كما لن يسامح القوى الأخرى التي اتخذت موقف المتفرج والمشاهد ، والانزواء جانبا ، هذه القوى بكل أطيافها وألوانها هي شريكة بالدم والانهيار الذي حدث ، فلا أحد منها براء .
فإن كانت قوي وطنية ومؤمنة بقضيتها ، فما تبريرات صمتها واستسلامها ، وهل فلسطين وشعبها سيغفر لهم صمتهم وخضوعهم المذل ، أم مهمتها مشاهدة شعبها يذبح بالأزمات ، دون أن تتحرك . ولماذا تسمي نفسها قوى وطنية ؟! ولننتظر قادم الأيام.
سامي الأخرس
15/6/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة