الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لاهوت التحرير الأفريقي 4 في اطار التحليل الماركسي
سلطان الرفاعي
2007 / 6 / 16اخر الاخبار, المقالات والبيانات
ن كلمة ((تحرير)) تتردد بقوة بين المصطلحات المُستخدمة في علم اللاهوت الأفريقي الحالي ، بجانب كلمتين أخريين وهما الوحدة والاستمرارية .
إن ((التحرير)) هو في صُلب الوحي اليهودي-المسيحي ؛ فقد اكتسبه المسيح لكل البشر بثمن غال ، وهو آلامه وموته وقيامته . ولكن من المهم معرفة ما معنى التحرير في واقعنا واقع كل انسان ؟
يرى بعض اللاهوتيين أن اللاهوت الأفريقي ليس الا لاهوت التحرير الذي يخص السود في الولايات المتحدة الأمريكية ؛ وأما نحن فنرى أن هذه قراءة خاطئة للواقع الذي يعيشه الأفارقة ؛ فلئن كان اللاهوتيون الأفارقة يتعاطفون تعاطفا مع كل من يواجه مختلف أنواع القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، إلا أن لهم وجهة نظر أخرى .
وعلى الرغم من ذلك علينا أن نسجل أن موضوع التحرير في أفريقيا لا ينحصر في الظروف السياسية والاجتماعية وااقتصادية فحسب ، بل يزداد اللاهوتيون الأفارقة حديثا عما يسمونه ب ((الفقر الأنتروبولوجي )) ، هذا الفقر الجذري الذي يختلف عن الفقر المادي . فالفقر الذي يتحدثون عنه هو الفقر الذي يجرد الكائن البشري لا من ممتلكاته فحسب ، بل كل مما يشكل كيانه وجوهره أيضاً . وبعبارة أخرى ، ما يجرده من شخصيته وتاريخه وجذوره الأثنولوجية ، من لغته الأصلية وثقافته ، من إيمانه وقدرته الخلاقة ، من كرامته ، وطموحاته ، وحقه في الكلام--
وحنى نفهم الإطار الذي يتم فيه التحرير فهما موضوعيا تاريخيا . من المفيد أن نتوقف عند التحليل الماركسي .
إن علم اللاهوت الأفريقي جزء لا يتجزأ من لاهوت العالم الثالث ، ذلك اللاهوت المسمى (لاهوت المواقف) ، والذي ينبع من مكان وزمان معينين ويهتم بتحليل البيئة التي ينبت فيها . وكثيراً ما وصف هذا اللاهوت بأنه ماركسي . ولئن كان هذا الوصف صائبا في نظرة اللاهوت الأمريكي- اللاتيني ، إلا أنه غير صائب في نظرة اللاهوت الأفريقي . ذلك لأن التحليل الماركسي يمكن تطبيقه على المجتمع البرجوازي الرأسمالي الغربي الذي ينتمي إليه رواد لاهوت التحرير الأمريكي- اللاتيني ؛ فقد أظهروا ذلك في تحليلهم للإمبريالية الشمالية وللقهر الرأسمالي .
وأما في أفريقيا ، فإن اللاهوتيين مهتمون بوجه خاص بقضية ((الاغتراب الثقافي )) . وأما مقولات الاغتراب الماركسية فلا تنطبق بوجه كاف على مجتمع الإنسان الأفريقي . إن العبودية والسيطرة الاستعمارية والعنصرية ، التي تجسدت في مؤسسات قائمة ، جردت الشعب الأفريقي من كل شيئ ، وجعلته في وضع لا يُمكن قياسه بوضع الطبقات الكادحة ( البروليتاريا) ولما عظُم استغلالها في سائر القارات . إن كلمة (اغتراب) لا تصف وصفا أمينا هذا الوضع المحزن ؛ فوجب ابتكار مصطلح جديد يصف الوضع الأفريقي وهو (التلاشي) . فيحاول هذا المصطلح أن يُبين ما تعانيه أفريقيا من مقصد حقيقي في السيطرة والاستغلال ، من نفي لهوية الأفريقي الإنسانية ، ونفي لثقافته .
إن الاستعمار الجديد والعنصرية الجديدة ، اللذين كثيرا ما تمت ادانتهما ، يُشكلان تهديداً بارزاً في كل اتجاه ؛ وكذلك الحديث عن الاشتراكية المادية وهي نمط جديد من القضاء على الثقافة والهوية الأفريقية . ومن الغريب أن جميع الحضارات تُظهر نحو أفريقيا الأمبريالية نفسها ، فللجميع أنماط وأشكال يقترحونها على سكان أفريقيا ؛ وهم لا يرون في القارة السوداء إلا المواد الأولية ، لكن أكثرها استغلالاً هو الإنسان الأفريقي .
ولقد استخدم ماركس مقولة هيغل في ((الاغتراب)) ، كما استخدم من فلسفة التاريخ الهيغلية في الحضارات المختلفة مُصطلح ((نمط الإنتاج)) . ولكن للأسف ، فإن أفريقيا غير مذكورة عند هيغل من بين مختلف الحضارات ؛ وبالتالي فمن الطبيعي ألا يرد عند ماركس ((نمط إنتاج أفريفي)) .
ويعني هذا أنه على الأفريقيين أنفسهم أن يقوموا بتحليل مجتمعاتهم وتاريخها . فالآخرون لم يقوموا بهذا العمل بدلا منهم ولن يقوموا به . إن الموقف الناجم عن إرث العبودية ، وعن الاستعمار والإمبرياليات والعنصرية والرأسمالية الجدد التي يمارسها الأفارقة بأنفسهم على إخوتهم ، وكذلك ظهر الصراع الطبقي في أفريقيا ----إن جميع هذه القضايا ليست لها قوالب مسبقة ولا لها دراسات ؛ فأفريقيا غير واردة في خريطة الباحثين ، وإن وردت فذكرُها عابر . وحينما يتحدث الناس عن لاهوت العالم الثالث ، وعن التوجهات الاشتراكية ، يمكنهم أن يقولوا بأن على أفريقيا أن تبتكر اشتراكيتها . وتجربة مثل تجربة نيريري في تنزانيا خير دليل على ذلك الابتكار .
دمشق
16-6-2007
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. جودي سكيت.. يكشف عن أشياء مستحيل أن يفعلها ومفاجأة عن علاقته
.. تساؤلات حول تقرير واشنطن بشأن استخدام الأسلحة الأمريكية في غ
.. بعد الوصول إلى -طريق مسدود- الهدنة لا تزال ممكنة في غزة.. «ج
.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش.. جهود متواصلة لدعم الجر
.. تحرك دولي لإطلاق تحقيق مستقل بشأن مقابر جماعية في قطاع غزة