الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لقاء علمي في مكناس حول الحق في السلام
إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي
(Driss Lagrini)
2007 / 6 / 17
الارهاب, الحرب والسلام
نظمت مجموعة الأبحاث والدراسات حول ثقافة السلام؛ بشراكة مع شعبة القانون العام لقاء علميا في موضوع: الحق في السلام، بكلية الحقوق مكناس وذلك يوم الخميس 3 ماي 2007.
وخلال هذه الجلسة الدراسية التي ترأسها الدكتور محمد البزاز الأستاذ الباحث بكلية الحقوق، مكناس؛ وضمن ورقته حول الحق في السلام، تناول الدكتور عبد الحميد عقار عضو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان؛ الحديث عن التطور التاريخي للسلام في إطار مقاربة شمولية لحقوق الإنسان.
منذ سنين غابرة اهتمت جميع الديانات السماوية والشرائع الدولية والمحلية بأمر السلام؛ فالحروب وما رافقته من آثار وخيمة ومدمرة؛ فرضت تطويق هذه المخلفات بمجموعة من التدابير والإجراءات وذلك كسبيل لحماية حقوق الإنسان ومن ضمنها الحق في السلام، وفي هذا الإطار ظهرت الأمم المتحدة كمؤسسة دولية جعلت من حفظ السلم والأمن الدوليين أهم أولوياتها؛ وبخاصة وقد جاء تأسيسها في أعقاب خروج العالم من أفظع حرب شهدها التاريخ البشري التي استعملت فيها مختلف الأسلحة الفتاكة بما فيها السلاح النووي.
قبل أن يصدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أكد بدوره على الحق في السلام إلى جانب حقوق فردية وجماعية أخرى، هذا بالإضافة إلى قواعد ومبادئ القانون الدولي ومختلف الاتفاقيات والضوابط الدولية المرتبطة بالقانون الدولي الإنساني أو حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من هذه الجهود؛ فالعالم يشهد تنامي الصراعات والحروب؛ مما يخلف خسائر بشرية كبيرة، كما أن الإرهاب يشكل تهديدا كبيرا لهذا الحق..
لقد أضحى السلام مطلبا داخليا أيضا، نظرا للخروقات الإنسانية التي تفرزها الحروب الأهلية والنزاعات الداخلية؛ هذا بالإضافة إلى انتشار ثقافة اللاتسامح وغياب العدالة الاجتماعية.. التي تشكل في مجملها تهديدا للاستقرار والسلام الداخليين.
أما د. محمد الهزاط الأستاذ الباحث بكلية الحقوق، مكناس، فقد انطلق في مداخلته المعنونة ب: ثقافة السلام في الإسلام، من أن السلام يرتبط أساسا بعدم وجود تهديد أو حرب، وهو هدف وقيمة سامية؛ سعى الإنسان باستمرار إلى تحقيقها من خلال بذل مجهودات كبيرة توجت بعقد مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات..
وقد أكد الإسلام باستمرار على هذه القيمة؛ سواء من خلال القرآن أو الأحاديث النبوية، ويبدو هذا الحرص من خلال تأكيده على:
1- وحدة الجنس البشري ضمن إطار من التنوع والاختلاف، وهو ما تحمله مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث التي تحث على التعارف والتواصل وتنبذ التعصب: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..". (سورة الحجرات، آية 13).
2- وحدة الأديان، فإذا كانت الديانات السماوية الأخرى قد اتسمت بالبساطة في تعاليمها؛ فإن هذه الأخيرة توضحت وتطورت أكثر مع مجيء الإسلام؛ الذي ركز على وحدة وشراكة الأديان؛ ومن هذا المنطلق فالمسلم مطالب بالتصديق والاعتراف بالأديان السابقة(طبعا مع وجود بعض القضايا الخلافية كمسألة التثليت في العبودية بين الإسلام والمسيحية..).
3- السلام كأصل في العلاقات البشرية؛ فمصطلح السلام ذكر بشكل مكثف في القرآن، كما أن الإسلام عمل منذ بدايات ظهوره على تطويق الحرب بمجموعة من الشروط والضوابط؛ على اعتبار أن الأصل هو السلم والاستثناء هو الحرب.
فالاقتتال من المنظور الإسلامي يكون عند الاضطرار فقط (في حالة الدفاع عن النفس مثلا..)، وإذا ما تم هذا الاقتتال أو الجهاد فيظل مؤطرا ومقيدا بالأخلاق والفضيلة الإنسانية (ضرورة إعلان الحرب وتلافي الفجائية في هذا الشأن؛ عدم قتل العجزة والأطفال، عدم تدمير العمران، الامتناع عن الإساءة للبيئة وعدم التمثيل بالجثث، ورفض النهب والتخريب، واحترام الأسرى..).
وضمن سياق مداخلته المعنونة ب: التحديات الدولية الراهنة ومستقبل السلام؛ أشار د.إدريس لكريني(كلية الحقوق مراكش) إلى أن العالم ظل منشغلا طيلة فترة الحرب الباردة بهاجس الحروب والمواجهات العسكرية فقط؛ غير أن التحولات التي شهدها العالم في العقود الثلاث الأخيرة؛ أسهمت بشكل ملحوظ في تبدل النظرة إلى السلام؛ وذلك بعد ظهور مخاطر جديدة؛ من قبيل الأمراض الفتاكة كالإيدز الذي تسبب خلال سنة 2003 في وفاة 2,2 مليون شخص في شبه الصحراء الإفريقية وحدها والحمى القلاعية وأنفلونزا الطيور وجنون البقر..، ثم تدهور وتلوث البيئة، تنامي الإرهاب الدولي، الصراعات والنزاعات المرتبطة بالديموقراطية وحقوق الإنسان.. وهي كلها تؤكد حجم التحديات التي أضحت تواجه السلام العالمي؛ وبخاصة وأن تداعياتها أصبحت تتجاوز الحدود بالشكل الذي يفرض مقاربتها بشكل جماعي في جو من التعاون والتنسيق.
ولقد كان لحادث "تشيرنوبيل" النووي سنة 1986 أثر كبير في تنامي الوعي الدولي بأهمية تعزيز الجهود لمواجهة الأخطار المهددة للبيئة؛ وبالفعل فقد تم عقد مؤتمر ريو دي جانيرو سنة 1992 وبعده مؤتمر جوهانيسبورغ سنة 2002، غير أن مختلف هذه الجهود وعلى الرغم من حيوية وخطورة هذا الموضوع؛ لم تسفر عن نتائج مرضية بفعل عدم الانخراط الجدي للعديد من الدول في هذا الخصوص.
وإذا كانت مخاطر الإرهاب قد تزايدت بشكل كبير بفعل تطور تقنياته ووسائله والعوامل التي تغذيه، فإن مقاربته تتم بشكل انفرادي وغالبا ما تتسم بالانحراف وتسهم في تناميه وانتشاره(تجريم المقاومة، عدم التركيز على إرهاب الدولة..).
كما أن النزاعات المرتبطة بحقوق الإنسان والديموقراطية التي ظلت حتى وقت قريب تدار بشكل مغلق داخل الدول باسم السيادة؛ أصبحت تستأثر باهتمام دولي متزايد؛ بعدما أصبحت تفرز آثارا وخيمة على السلم والأمن الدوليين(الهجرة، اللجوء، التطرف، الإرهاب، نزاعات داخلية مؤثرة في المحيط الإقليمي والدولي..)
وتتزايد حدة هذه التحديات مع عجز الأمم المتحدة باعتبارها منظمة عالمية مسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين عن القيام بواجباتها في هذا الشأن؛ وقصور قواعد ومبادئ القانون الدولي التقليدي في ضبطها ومواجهتها بشكل فعال.
وتناولت دة. السعدية بودريبيلة الأستاذة الباحثة بكلية الحقوق، مكناس موضوع: ثقافة السلام بين الخيال والواقع.
وأكدت في بداية مداخلتها على أن للعنف مظاهر متعددة، ولكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو كيف نكرس ثقافة السلام؟
إن لسيادة ثقافة الكراهية والبغض أثر كبير في تبلور أشكال مختلفة من الحروب والمواجهات المحلية والدولية. ولذلك فالمسؤولية الملقاة على عاتق الإعلام بمختلف أشكاله وقنواته في هذا الصدد جسيمة؛ وتفرض العمل على تكريس ثقافة السلام والتعايش. والواقع أن مختلف هذه القنوات ما فتئت تصدر - وللأسف - صور الحروب والدماء البشعة كل يوم؛ بالشكل الذي يسهم في تنامي الشعور بالانتقام والكراهية.
إن السلام هو مطلب إنساني ملح باعتباره مدخلا لتحقيق التنمية والتعايش والأمن؛ غير أن هناك من يستثمر هامش التعددية والاختلاف لإثارة قضايا قذرة تكرس الحقد.
إن تكريس ثقافة السلام يتطلب الوقوف على حجم العوامل تتهدده، فتهميش ثقافة الاختلاف والتعايش يجد أصواتا مؤيدة له داخل الأوساط العالمية والمجتمعات الداخلية بل وحتى داخل الأسر ذاتها.
مع العلم أن التنوع والاختلاف هما أمران طبيعيان، كما أن حوار الحضارات مطلب يجسد الاكتشاف والتواصل المؤدي لتقبل أفكار الآخر.. مع العلم أن هناك حضارات محلية وأخرى ذات صبغة إنسانية.
إن العالم يشهد تزايدا لمجموعة من المشاكل والتحديات التي تتجاوز في مخاطرها حدود الدول (إرهاب، تلوث البيئة..) بالشكل الذي يجعل من التعايش وتذليل الصراعات أمرا مفروض من أجل مواجهتها بشكل جماعي خدمة للإنسانية.
وعلى الرغم من وجود مختلف المعيقات والإكراهات، يظل تحقيق السلام أمرا ممكنا، فهو بالتأكيد ليس من قبيل الخيال أوالوهم، والممارسة الدولية تحفل بتجارب ميدانية تؤكد هذا الأمر؛ فقد مرت ألمانيا وفرنسا بمواجهات وحروب عسكرية تاريخية عدة(23 حربا)، ولكن وعيها بمصالحها الحقيقية والاستراتيجية؛ جعلها تنخرط في سلام أكيد قوامه التعاون البناء.
وتظل هناك مجموعة من المداخل الكفيلة بتحقيق السلام؛ وفي هذا السياق ينبغي الاقتناع بأن السلام هو الأصل والحرب ليست قدرا ولا في صالح البشرية، وبأن التنوع أمر مطلوب لأنه إغناء وإثراء، كما ينبغي الإقرار بحتمية وملحاحية الحوار بين الحضارات؛ ومواجهة كل الأصوات التي تناقض السلام؛ مع اعتماد مجموعة من الضوابط القانونية والاتفاقية التي تعزز ثقافة السلام.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بايدن يؤكد التزامه بـ-نقل سلمي للسلطة- للرئيس المنتخب ترامب
.. فرنسا ستستدعي السفير الإسرائيلي في باريس بعد مشكلة دبلوماسية
.. إف-15 في الشرق الأوسط.. أميركا تستعد لاحتمال هجوم إيران على
.. شهداء وجرحى جراء قصف طائرات الاحتلال منزلا في حي الدرج وسط م
.. احتجاجات في أنقرة للمطالبة بإغلاق الموانئ أمام السفن الإسرائ