الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السباق نحو تدبير الأزمة

عبد الإله بوحمالة

2007 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تحت أي شكل من أشكال الخطاب السياسي يمكن أن ندخل تصريح مسؤول حزبي يقول، بملء الفم، أن حزبه لا يملك حلا لمشاكل المغرب المستعصية وبأنه لا يستطيع أن يعد المغاربة بأي حل لأية معضلة؟.
ما هو المضمون الذي يمكن أن يحمله تصريح كهذا، سواء صدر عن زعماء أحزاب جربت تدبير الشأن العام أو لم تجربه، خصوصا في سياق انتخابي وسباق نحو الحكومة يفترض في من يشارك فيه أنه يملك، إن لم نقل برنامجا سياسيا فعلى الأقل اجراءات بديلة، وإن لم تكن هذه الإجراءات، فعلى الأقل، نية متفائلة واستعداد للعمل ولفعل شيء ما إزاء تلك المعضلات من باب أضعف الإيمان؟.
أي حظ استقطابي يمكن أن يكون لمثل هذا الخطاب الأسيف؟. وأية صورة يمكنها أن تتشكل لدى الرأي العام الوطني حول فاعلين حزبيين من هذه الطينة، وبهذه الروح المفعمة بالانهزامية؟.
هل ينتظر الزعيم الحزبي مثلا من المواطنين حينما يسمعون بأن حزبا سياسيا ما يتقدم للانتخابات بلا أدنى فكرة عما ينتظره بعد الاستحقاقات، أن يحفلوا بالعملية الانتخابية من أساسها فضلا عن اهتمامهم بنتائجها؟. هل يتوقع أن يلتمسوا لعجزه المعلن قبليا وقلة حيلته وضحالة خياله السياسي عذرا؟.
ثم وعلى فرض أن الناس عموما لا يبحثون عن البرامج ولا يقرؤونها ولا يعلقون عليها آمالا كبيرة، هل يعقل أن تكون اللازمة التي يكررها الجميع يمينا ويسارا ووسطا وإسلاميين هي لازمة العجز والاستسلام من البداية؟.
هل يعقل أن يفتتحوا أول قصيدتهم كفرا كما يقال؟.
إن أصغر ورش في أصغر مدينة، أصبحت الدولة تشترط في من يتولاه أن يقدم دفتر تحملات وأرقاما وأن يلتزم بوقت محدد للإنجاز ناهيك عن شروط الكفاءة والخبرة والسمعة، فهل يمكن أن نتصور على سبيل المثال أن صاحب مقاولة متخصصة في جمع الأزبال يتقدم للظفر بالورش ثم يقول إبراء لذمته "لا تعولوا علي في جمع أزبالكم التي راكمها غيري وتركها من سبقوني متراكمة، لأنه ليس لدي عصا سحرية لفعل ذلك".
أتراها كانت الدولة ستوليه هذا الأمر؟.
طبعا لا، وإلا كانت ستكون دولة معتوهة بلا شك.
إذن، ومع الاعتذار عن هذا المثال غير اللبق، وهو في الواقع الأقرب للصورة التي أصبح يتحدث بها مسؤولو الأحزاب كلما ووجهوا بسؤال حول الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة أو كلما طولبوا بأجوبة واضحة عن الإجراءات العملية التي سيتخذونها للحد من الفقر أو البطالة أو الهجرة أو الفساد وما إلى ذلك.. نقول إذا كان هذا شأن ورش صغير ومحدود وتافه يهم حيا أو مدينة فمن باب أولى أن يكون الأمر أكثر حزما وتشددا وجدية بالنسبة لمن يتصدى لورش يهم الوطن والشعب والمستقبل.
ثم من زاوية أخرى، في أية خانة من الخطاب السياسي الحزبي الغني بالمفارقات، يمكن أن ندخل تصريحات تكرر بببغاوية وتلوك بيقين على لسان "حزبيين" أن الدولة لا تستطيع ضمان الصحة ولا مجانيتها ولا التعليم ولا مجانيته، ولا تشغيل العاطلين.. ولا المعاقين.. ولا.. ولا.. أليس في نفس تلك الخانة من الخطاب الاستباقي الذي يقوم على منطق "تسبيق العصا أمام الغنم" كما يقول المثل الدارج.
وفي أي خانة يمكن أن ندرج تصريحات مشابهة تتعلل ضد كل مطلب اجتماعي يمس الفئات الدنيا والمقهورة بكون خزينة الدولة لا تتحمل.. وأن ميزانية هذا القطاع أو ذاك تكلف الدولة كذا مليون دولار أو كذا مليار سنتيم.. في أي خانة ندرج مثل هذه الأعذار غير خانة خطاب التعمية والتواطؤ الذي يجعل من الدولة في العلن كائنا طفيليا يكتفي بجباية الضرائب وتحصيل الإتاوات واستجداء الديون وجمع المساعدات ثم يحولها في السر إلى بقرة حلوب تغدق المنح بلا حدود وتفيض بالأعطيات والامتيازات والأجور الفلكية والإقطاعات لصالح قلة قليلة من المحظوظين في المجتمع.
هل هي لعبة جهنمية ميؤوس من إمكانية اختراق قواعدها إلى هذا الحد الذي لم تستطع أي "عبقرية" لا يسارية ولا يمينية ولا إسلامية الإفلات من الوقوع في فخها؟. أم هي الحدود الافتراضية التي لا يمكن ممارسة السياسة من خارجها؟.
أم هو المشجب السهل الذي تعلق عليه الأحزاب خيبتها وعجزها المتوقعين مسبقا؟.
إذا كان الجواب بنعم، فعن أي شيء تتنافس الأحزاب في الانتخابات إذن؟
عن مناصب وامتيازات لأتباعها مثلا؟.
وماذا سيستفيد المجتمع من وصول هذه العينة من الأحزاب إلى الحكم؟.
ماذا يستفيد الأفراد؟.
بل دعونا نقول الكلام كما ينبغي أن يقال: ما الحاجة أصلا لحكومة معروف سلفا، ومن فم الذين يتنافسون على مقاعدها، أنها لن تشتغل إلا بتدبير الأزمة وتبرير الواقع وتقليبه على نار هادئة وإطالة حالة الانتظار؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا