الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع الذى عمى عن عواره

محمد عبد الفتاح السرورى

2012 / 4 / 16
المجتمع المدني


يوما ما طلب منى أحد الأصدقاء أن أكتب مقالا عن أزمة الخبز وإزدحام الأفران فى مصر وكان ردى آنذاك أننى بمقالى هذا لسوف أغضب الناس وأرضى الحكومة ليس لأننى من أنصار الحكومة - والعياذ بالله - بل لأننى أصنف نفسى دوما بأننى (معارض لنسق المجتمع) وهى معارضة تحتاج الى جلد أكثر بكثير مما تحتاجه انواع المعارضة الأخرى وأن امثالى ممن إتخذوا نهج نقد المجتمع دائما ما يجدون أنفسهم فى موقف الدفاع عن الذات تبرئة لذواتهم من لوائح إتهامات كثيرة , حيث أن من ينحى نحو نقد المجتمع إنما يبحر دوما ضد تيار جارف فما أسهل نقد (النظام) وما أعسر نقد (المنظومة) ... ما إن هدأت سورة الثورة فى مصر ورست أمواج التظاهرات (والتى ينتمى كثير منها فى حقيقة الأمر الى ثقافة الزفة وفعل الهيصة أكثر من إنتمائة لفكر التظاهر) أقول ما إن هدأت ووضعت الضوضاء أوزارها حتى تجلى لدى الراصدين والمتابعين مدى العوار الذى يكمن فى كينونة البناء الإجتماعى المصرى بشكل لا يتيح حتى فرصة الإختلاف حول وجوده من عدمه ولكن وإن كان هناك ثمة خلاف فلسوف يكون فقط حول حول مقداره وحجمة ولأن الآراء والمناقشات قد إنتقلت من صفحات الصحف وأروقة المؤتمرات والندوات فقد صار الصخب هو عنوان المرحلة وبطلها المتوج بأكليل من العامة والدهماء ( رحم الله المفكر الكبير زكى نجيب محمود والذى قرأت عنه يوما أنه كان يرفض أن تنزل الفلسفة من عليائها الى الشارع )و السؤال يطرح نفسه ما هى مظاهر ودلائل هذا العوار الذى يتحدث عنه كاتب هذه السطور ؟ أن أول ملمح من ملامح هذا العوارالإجتماعى هو ذلك التناقض الفج فى فكر وحديث من صارو النخبة والنجوم وقادة الفكر والرأى فى زمن الفضائيات فاالطالما صدعوا رؤسنا عن الإقصاء والتجاهل التى يعاملهم بها النظام السابق وماإن تولوا هم زمام الأمور حتى كانوا هم اول من ينهج نهج الإقصاء ورفض الآخر رفضا مبرما يرغبون دوما فى الإحتكام الى الشارع ليس لأن الشارع معهم ولكن لأن صخب الشوارع يرضيهم وهتافات العامة تشبع رغبتهم فى الإحساس بالسلطة - والتسلط- والنفوذ وهم يعلمون جيدا أن هناك الآف وربما الملايين جالسين فى بيوتهم ممن يطلق عليهم مسمى الأغلبية الصامته تلك الأغلبية التى لا ترضى بما يحدث من فوضى وغوغائية و لاترضى عن تلك القوانين التى تسن بنفس طريقة سن القوانين فى العهد السابق يفصلها ترزية لايختلفون فى إخلاقياتهم عن ترزية النظام السابق ولكنهم فقط يختلفون فى التوجه والأيديولوجية هذه الأغلبية التى لاتنزل الى الشوارع والميادين لأن هذه الأماكن ليست مكتنها الطبيعى ولكنها تجد نفسها وتدلى بأرائها فى اللقاءات المنظمة وفى دوائر المناقشات المتحضرة الراقية حيث الصمت والإستماع وهو شئ لا يحبونه بل يكرهونه كراهية التحريم لايريدون لهذا المجتمع المكلوم أن يهدأ لأنه وإن هدأ فلسوف يلتفت وأول ما سيلتفت اليه هو حاله الذى هاج وماج ولم يستقر حتى الآن على مستقر له ملامح كنت مثل كثيرين أكن إحتراما وتقديرا كبيرين لكثير من الأسماء والتى كنت أرى فيها شجاعة وجرأة وإقداما ليست متوفرة لدى غيرهم وإذا بنفس هذه الأسماء ونفس الشخصيات التى كانت تحمل لواء الإصلاح هى نفسها الآن التى تحمل رايات الفوضى الخفاقة وتقاتل فى سبيلها أشد ما يكون القتال وكأن إستقرار الأوضاع سوف يضيع عليهم فرصة نجومية ( الكفاح) وإذا كان هذا مقبولا من بعض الشباب صغار السن فما بالنا بالبعض الذى تعدى عمرهم سن الشباب وعنفوانه الى مرحلة النضج هذا النضج الذى لا يبدو ولا يظهر أبدا فى أحاديثهم ومداخلاتهم , يوعدون ويخلفون كم صرخوا من الإستبداد بالرأى وها هم الآن يمارسونه إنتقدوا الإستئثار بالإعلام وها هم الآن يحتلون مواقعهم الليلية كل يوم فى برامج لاتبقى ولا تذر يبثون روح الفوضى والإضطراب حتى ان البعض بدأ يترحم على ( القناه الأولى ) وأيامها الهادئة , إننا الآن فى مصر لا نعانى من إستبداد السلطة الحاكمة ولكننا نعانى من جبروت الشارع وطغيانه وطاغوته يمارسون كل ليلة وبساديه عجيبة هجوما على أجهزة الأمن - بما فيها جهاز المخابرات العامة- وكم كنت انا على سبيل المثال اخاف ان يحدث لضابط الشرطة مثلما حدث لمدرس اللغة العربية من غنهيار فى المكتنه نتيجة السخرية والتطاول عليه وعلى مهنته والحط من شأنه حتى آل المآل للوضع الذى نعرفة جميعا وها هم فى غيهم سائرون وفى ساديتهم مستمرون وضد المجتمع المستقر يعملون ولا يهدأون إنهم صناع الفوضى وأربابها , ويساعدهم على ذلك روح المجتمع الغالبة التى تحب الإنفلات من عقال القانون وقيود المدنية والحضارة الى رحاب البدائية والتى تتضح من رصد نوعية الجرائم التى بدأت تنتشر فى مصر مؤخرا وأفعال الإنتقام الشخصية البعيدة عن الإجراءات القانونية و ما ذلك إلا نتيجة رواسب قديمة كامنه فى بنيه هذا المجتمع ساعد على ظهورها هذه الفوضى المبثوثة يوميا من الفضائيات وأيضا الصحف الصاخبة بأقلام وألسنه أناس كانوا يوما ما مصنفين بأنهم ضد الطغيان فإذا هم سدنته يعضدون طغيانا ىخر ألا وهو طغيان الشارع الذى لا يحده حد ولا يعرف إلا العشوائية فى الفكر والفعل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور


.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة




.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع