الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة بين البشر والزمن ... صراع الاجيال

زاهر نصرت

2016 / 6 / 22
المجتمع المدني


لقد عرفت الإنسانية عبر تاريخها الطويل كل أنواع الصراعات بدءاً من الصراعات القومية وانتهاءً بالصراعات الايدولوجية مروراً بصراع الطبقات وصراع المصالح وغيرها من أنواع واشكال الصراع والوانه ، ولكن يبقى من بينها جميعاً صراع الأجيال الذي يعكس وحده سنة التطور وفلسفة الوجود وتقدم الحياة فهو صراع بين القديم والجديد بين الحداثة والعراقة حيث ان اندفاع البشرية الى الامام يولد بالضرورة من الاحتكاك الازلي بين حماس الشباب وحكمة الشيوخ . فصراع الأجيال هو دون غيره من الصراعات يكون مشروعاً له أسبابه ومعها مبرراته لانه يمثل العلاقة بين البشر والزمن بين الانسان وحركة التاريخ وكلها أمور تمارس تاثيرها على الانتقال بين الثوابت والمتغيرات تنصرف الى الاثار المستمرة للفكر الإنساني والابداع البشري ومن التزاوج بين الاثنين تنطلق شرارة التطور وتولد ارهاصات المستقبل .

ان الانسان كلما نظر الى ماضيه وجد ان الاحتكاك بين ثوابته الشخصية وتحولاته الفكرية هو مبعث التطور فيه ومصدر التغيرات في ذاته ... ان كثيراً من تقاليده في السياسة والحكم كانت تمضي متوازية مع عملية بناء تقاليد في مجتمعات متقدمة أخرى بفعل تراكم الخبرة التاريخية لها وتواتر الأعراف السياسية فيها فضلاً عن ميراث ثقيل من القيم الاجتماعية لديها فكان لابد لهذه التقاليد ان تمضي وان تزدهر ولكن الواقع قد أدى الى غير ذلك فحدث انقطاع حقيقي على مستوى الممارسة الفكرية والعقلية وتداعت مؤسسات الدولة في مواجهة كم هائل من المشاكل والضغوط فلم يعد التعليم كما كان ولم يصبح للطب مكانة او شهرة وتوارت قيم كثيرة في اليات العدالة القانونية وتدهورت مستويات الثقافة وجرت محاولات غامضة تستهدف الفن كما اختفت الكثير من المهارات الموروثة منذ فجر التاريخ .

عليه يجب ان لا نسمح لليأس ان يكون الإيقاع المستمر في حياتنا او النغمة السائدة في حديثنا فعلى العكس نحاول تجديد القيم وتوظيف العقل لخدمة المصلحة العليا والاستفادة من الثروة البشرية المتميزة لان البكاء على الماضي او نقد الحاضر لا يكفيان ابداً لبناء المستقبل بل لابد ان تتواصل حركة الأجيال في معزوفة تراكمية وليست في مواجهة صدامية . لان كل جيل هو بالضرورة افضل من سابقه مهما بدت على السطح اختلافات في القيم او تجاوزات في السلوك ولكن طبيعة التطور في النهاية هي التي تجعل قيمة كل جيل مستمدة من الجيل الاب الذي عليه دائماً ان يرفع الوصايا عن جيل الشباب ليحتل مواقعه الطبيعية ويعبر عن ذاته بشكل يرضاه ، اما ان نتصور دائماً ان اباءنا افضل منا واننا افضل من أبنائنا فذلك وهم يصنعه حنين الذكرى للماضي ولكنه لا يصمد امام طبيعة الأشياء وحركة التاريخ ونداءات المستقبل ... نعم انها دورة الحياة ومسار الطبيعة وحركة التاريخ والانسان في النهاية هو ابن عصره ونتاج ظروفه ومحصلة كل ما أحاط به او انتمى اليه .


زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Students in the USA are protesting in support of Palestinia


.. إسرائيليون يتظاهرون قرب منزل بيني غانتس لعقد صفقة تبادل أسرى




.. برنامج الغذاء العالمي يحذر من المجاعة في شمال قطاع غزة... فك


.. مظاهرات واعتقالات في الولايات المتحدة الأمريكية.. حراك جامعي




.. الأمم المتحدة: هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء ال