الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطار عام 2016

عبد الرضا حمد جاسم

2016 / 12 / 27
المجتمع المدني


قطار العام 2016
ذلك الذي تسلقتُ عربته الاخيرة في الدقائق الاولى من ذلك اليوم 01.01.2016 باتجاه محطته الاخيرة التي لن يتوقف عندها في الدقيقة الاولى من عام 2017...مسار طويل متعرج كثرت فيه التوقفات و الانقلابات و الاصطدامات و الانفجارات و الاغتيالات و الاختطافات و الانتحارات و الغيابات و الانتكاسات و الانتصارات ...في هذا القطار كما في كل القطارات هناك من يجلس باتجاه حركته و من يجلس باتجاه مخالف لها...الاول سيرى القادمات منطلقاً من المكان و اللحظة التي هو فيها و من يجلس بالاتجاه الاخر اقصى ما سيراه هو بعض الماضي القريب و جزء متأخر من المكان و اللحظة التي هو فيها...و لا يعرف من او عن القادمات شيء وهؤلاء هم من يحاولون التحكم بالقادم...بالمستقبل و هنا داء عظيم و وباء خطير.
قلتُ في دقائقه الاولى(2016)
سيكون العالم اصغر من قبر من يقتل هنا
كل ارضه حرام...
مشبعة بالألغام
قبل شهيقي الثاني
سأتدفأ بزفير من يتوارى في كوكب اخر.
يا صاحبي
خلف تلك الهضاب
انعكاس ضياء لدماء
يا صاحبي
سيزدحم الفضاء
بالأغاني والضوضاء
لكن الشر مع الشر
سيدنس ذلك الرحب الفضاء
ويأخذنا ربما الى فناء
حيث سيُمحل البطحاء الغّناء
نعم كان الشر مع الشر...و رأينا دماء لم و لن تجف لأن شلالها صار هادراً لا يروي زرع و لا ينتج خير و لا جمال طبيعي فيه...فيه ظلام و ضَلال و صبخ للأرض و الروح و الحياة
ازدحم الفضاء بالقاصفات و الناقلات الصاعدات و النازلات الراجات و المخربات و المدمرات...
اقتحمت الصرخات السماوات...تبحث عن مجيب لها كما كانت تظن... لكن لا مجيب و هي لامسة ذلك منذ قرون...لم يقتنع من على الارض انها هواء في شبك فلا صّادٍ لها و لا رادٍ عليها و لا سامعاً لها و لا مجيبٍ على ما فيها و لا مهتمٍ بما يمر على من في جحيمها.
و نحن نقترب من المحطة الاخيرة بعد اجتياز ما قبلها ...ليلة الميلاد و نويل حيث قلتُ عنها سابقاً او هكذا
سلامي الى الصليب
و على من عليه انصلب
قلبي عند النواقيس
و خوفي على من عليها او لها ضرب
سلامي على ما احاط به من نخيل
قيل...هزتها البتول فتمايل خجلاً سعفها
و تساقط بعض تمرها و الرطب
تذَّوق طعمه...أكل و هنئ و شرب
...فأشرق باسماً عادلاً منتصب
يشيع السلام
يحب عدوه و المُحب
رافعاً غصن زيتون...
ليجعل للإنسان قيمة رب
و في الخطوات الاخيرة و قبل وصولنا الى نهايته التقيت الطفلة ذات العشر سنوات...سالي...ولدت هنا ...قالت بصوت واضح و شجاع و اكبر من عمري و عمر ابويها و عمرها طبعاً... بعد ان عادت من المدرسة...لماذا لم نضع و ننير شجرة عيد الميلاد؟ سألت ابيها...فكان جوابه كما كان يظن انه يناسب عقلها و ادراكها...انها لا تعنينا فهي لعيد ديني غير اعيادنا...بكل هدوء و رزانه و ثقة قالت ذات العشرة اعوام...انا و اختي غيركم ولدنا هنا و ليس في العراق و علينا ان نشارك اهل هنا احتفالاتهم ( احنه صرنا هنا و نعَّيد مثلهم...احنه مو مثلكم صرتو بالعراق...احنه اهنا بفرنسا)...نشتري شجرة عيد الميلاد...سالي ذات العشرة اعوام و التي تعيش مع اهلها في ضواحي باريس تعَّودت منذ سنواتها الاولى و قبل التحاقها بالمدرسة ان تحتضن الكتاب بدل اللعبة قبل أن تنام ...اي كتاب ... و هي اليوم تضع لمسات لحكايات تناسب عمرها... تحية لسالي التي اقنعت اهلها ليحتفلوا معها و اختها بعيد الميلاد و جعلتهم يقدموا لها و اختها الهدايا كما حال اطفال فرنسا...
و قبل ان يقطع قطار العمر مسيرته التي استغرقت كل ثواني عام2016 سأقول له و للعام الذي تجاوزناه و القادم الذي سنمر على تفاصيله القاسية جداً كما اتوقع...اقول
سُرت بنا و تسير...و غُصِبنا على المسير
في جوف ذلك النهر البحر الطويل العميق الكبير
تَدَّرَجْ العُمق من وشلتها حتى سحيقها
كلما ركس مركب صار فنار
كلما جَدَحَتْ شظية مات نهار
كلما نزلت ...وصلت... ساخنه الى صيوانها...شحمتها
و استقرت على الوسادة...الدفتر...الكتاب
اهتز نَشيجُ صاحِبها
صاحَبَهُ شهيق عميق
تلاه زفيراً ...حريق
ربط الارض بالسماء مسار
طَوَّق الرقاب حصار
سيحاول اختراقه ذلك القطار
تحت وابل الاخطار
التي تعصف في كل الامصار
سيختلط النحيب بالسُعار
و تتكسر الضلوع على جمر النار
و يبرز القلب وحيداً يبحث عن انصار
و تعاد فصول قابيل و هابيل
و تصطف الاقدار
بين مؤيد لها او ذاك
و نعبر ال 1400 عام الى 2000 في طريقنا الى 5000 عام
نطحن عظام بعضنا
على اقوال بادت
و مات من صاغها من اخيار او اشرار
من طاهرين او فُجار
و نحن في المسير...الذي بدأ يتثاقل و صرير العجلات يتصاعد ظهر شعار مرفوع على حافة طريق فرعي يقول:( افتح قلبك للجميع...)...فتذكرت اني قُلتُ يوماً :
إشباع طفل جائع عيد
وإشاعة العدل هو الحصيد
اما العراق القريب البعيد فأُعيد ما سبق مما قلت عن و من السلام...سلامنا و سلام الذين نلهث باتجاههم الى الخلف بمرضٍ غريب و كأننا نخاف ان نصيغ لأنفسنا سلام يليق بهذه الايام:
سلاماً إلى كل أهل ألعراق
سلاماً من القلب حتى ألهدب
سلاماً إلى الراسيات الجبال
سلاماً إلى الهور والبردي والقصب
سلاماً للسهول والهضاب
شمالاً جنوب وشرقاً وغرب
سلاماً إلى النهرين والرافدات
وما سقَينَ ومن شرب
سلاماً إلى الباسقات النخيل
سلاماً إلى الجمار والسعف والكرب
سلاماً إلى كل تلك الجروح
وتلك القروح وتلك الندب
سلاماً إلى كل طفلٌ رضيع
سلاماً إلى كل أمٌ وآخت وأخٍ وأب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ العزيز عبدالرضا حمد جاسم
جمشيد ابراهيم ( 2016 / 12 / 27 - 16:11 )
نعم عزيزي و هكذا ستكون سنة 2017 كالمناخ الذي يتغير فقط في شدة الامطار و العواصف و رغم هروب اللاجئ من الاسلام فاول ما يعمله عندما يصل الى بلدان المسيح هو الصلاة بدلا الذهاب الى الكنيسة و الصلاة فيها و كما قالت الطفلة سالي فان على العائلة شراء شجرة الميلاد - بدلا من شراء حجاب لها
اتمنى لك و للدكتور قاسم و لكل الطيبين رغم كل التشاؤم سنة سعيدة و صحة و عافية
اجمل التحيات


2 - رائع
سليم عيسى ( 2016 / 12 / 27 - 17:14 )
لست استطيع ان اقول غير ...رائع, سلمت يداك وكل عام وانت والعراق والجميع بخير, وكم اتمنى لو اننا استطعنا ان نمحو تلك(السقيفة) من التاريخ لكي نستطيع ان نعيش بسلام. مع التقدير


3 - كل عام وانتم بخير
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 12 / 27 - 17:56 )
تحياتي عزيزي عبد الرضا
وكل عام وانت والاسرة الكريمة بخير


4 - تمنيات المفلسين
ايدن حسين ( 2016 / 12 / 27 - 18:32 )

ما لم يتحقق في الماضي .. و ما لم يتحقق لحد الان
فمن المستحيل ان يتحقق في المستقبل القريب او البعيد
قل لي .. متى عشت لحظة فرح لم يشبها حزن او اسف او ندم او شك
متى عشت لحظة سعادة صافية نقية .. متى عشت لحظة امل لم يعقبها تعاسة او الشعور بالتفاهة و اللاجدوى
كلام فارغ نردده بين الحين و الاخر
سعادة و فرح و امل .. كلمات فارغة بلا معنى
..


5 - الاستاذ جمشيد ابراهيم المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2016 / 12 / 27 - 20:19 )
تحية و سلام
و محبة و احترام
لك و لمن معك...تمنيات بعام عساه ان يكون افضل...مع امنيات بتمام العافية لك و لكم و لنا و للجميع
رافقتكم السلامة
الخوف مما اثرته اخي الكريم و ابتدأ المشوار الذي حذرنا منه ...حيث زُج بها في صف تعلم اللغة العربية الذي منه تخّرج الكثير من الحجاب و الارهاب
لكم الشكر


6 - العزيز قاسم حسن محاجنة المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2016 / 12 / 27 - 20:22 )
تحية و سلام و محبة و احترام
اكرر الاماني و الامنيات لك و من معك بعام جديد افضل مع موفور العافية وراحة البال
رافقتكم السلامة


7 - الزميل ايدن حسين المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2016 / 12 / 27 - 20:29 )
امنيات بان يكون القادم افضل لكم و لنا و للجميع...امنيات بتمام العافية و راحة البال لكم و ذويكم الكرام
صعب كما تفضلت بالاشارة اليه...لن يتحقق ...لكن نقولها...للمستقبل القريب اما البعيد فأعتقد انه سيفرض على معكري الصفاء الانساني ان يعالجوا انفسهم بايديهم او ستتكفل الايادي الطاهرة بتعقيم مكانهم او تعفيره بالطاردات او المبيدات او المُعدلات
دمتم بتمام العافية


8 - قطار صاعد قطار نازل
سليم عيسى ( 2016 / 12 / 28 - 00:57 )
تحية استاذعبد الرضا, كتبت تعليقا قلت فيه ان مقالك رائع وتمنيت لو اننا شطبنا حادثة معينة من التاريخ التي نتقاتل بسببها, لم ينشر التعليق لانه (مخالف لقواعد النشر. اتمنى ان ينشر هذا التعليق. المهم كلها قطارات , من قطار 1963 ولغاية قطار 2016 ولا اضن ان قطارا عام 2017 سيكون افضل. مع التقدير


9 - تحية طيبة
عبد الرضا حمد جاسم ( 2016 / 12 / 28 - 08:26 )
العزيز سليم عيسى المحترم
اعتزاز و تقدير و شكر
اولاً اتمنى لشخصكم الكريم و ذويك و محيطك و العراق السلامة و الامان وان يكون عام 2017 افضل من الذي سبقه
اعتذر منك على ما حصل لتعليقك السابق و اود ان اعلمك و قد ذكرت ذلك عدة مرات سابقاً و هي اني لا استلم التعليقات على بريدي الخاص منذ سنوات و لا استطيع الاستفادة من خدمتي راسل الكاتب او الاعتراض على التعليق و قد خاطبت ادارة الحوار المتمدن عدة مرات و بعضها بشكل شخصي عن طريق البريد الالكتروني لأحد الزملاء لكن دون جدوى...ربما و ربما و الغير اعلم
لا استطيع الكتابة الى ادارة الحوار المتمدن لاعادة نشر التعليق الا من خلال خدمة اضافة موضوع جديد و فيه بعض التعقيد
المهم وصلت فكرتك او ما اردت ان تقول متفضلاً
و اتمنى ان يكون هناك وقت لهيئة الحوار لإعادة نشر التعليق المحذوف
دمتم اخي الفاضل بتمام العافية


10 - سلاما إلى رافع غصن الزيتون
ليندا كبرييل ( 2016 / 12 / 28 - 16:57 )
الأستاذ عبد الرضا حمد جاسم المحترم

تحية وسلاما
الأعياد عندي مناسبة لاتحاد القلوب، وتذكر من نفتقد حضورهم في حياتنا،فأدعو لهم ولنا ولكل البشر أن يعم السلام قلوبنا

سلاما على رافع غصن الزيتون، ولكل من جعل من إشباع طفل جائع عيد

أرسلتَ سلاماً إلى كل أم وطفل وأخت وأخ وابن فوصلني السلام ولو من أرض بعيدة، فأردتُ أن أشارك الحضور الكريم احتفاءهم بكلماتك المؤثرة

اسمح لي أن أتقدم إلى شخصك الكريم، وإلى حضرات المعلقين الكرام إخوتي الأعزاء بأطيب التمنيات والرجاء الصادق أن تزخر حياتكم نشاطاً لخدمة الإنسانية

دمتم بصحتكم وعافيتكم وكل عام ونحن معكم يداً واحدة بخير وسلام
تقديري

اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة