الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحنة المصرية .. حاكم ومحكوم

نشات نصر سلامه
كاتب وباحث علم الاجتماع وخبير علم الاجرام ومهندس استشارى

(Nashat Nasr Salama)

2017 / 2 / 13
المجتمع المدني


تمر مصر الان بأزمة عميقة في كل شيء .لديها أزمة اقتصادية خانقة . وأزمة ثقافية كبيرة وأزمة سياسية واضحة ...هذه الازمات لها شقين الشق الأول هو الحكام المتتالين الذين حكموا مصر خلال عشرات السنين الماضية والشق الثانى هو المجتمع المصرى بكل اطيافه .
فنظام الحكم في مصر جعل سلطات الحاكم مؤثرة على القرار بشكل كبير عكس دول الغرب , فرغم التقدم الكبير الذى تعيشه معظم الدول الغربية مثل السويد والدنمرك هولندا والنمسا وألمانيا وسويسرا فلا احد يتذكر اسم احد من حكامها الحاليين او السابقين لان الرئيس مجرد موظف في الدولة لا هو الزعيم ولا القائد , وليس معنى ذلك ان رؤساء مصر المتتالين فاسدين او خونه وانما كانوا غير مؤهلين لهذا المنصب فنجحوا في احراز بعض الإنجازات ولكنهم وقعوا في أخطاء قاتله أدت الى خسائر خطيرة مازالت مصر تعانى منها حتى الان .
فالسلطة المطلقة التي اخذها هؤلاء الحكام جعلت عبد الناصر ينهزم في 67 وتضيع سيناء بالكامل . وجعلت السادات يخرج التشدد الاسلامى من القمقم , وجعلت مبارك يحكم مصر 30 عاما ,وجعلت مرسى يحكم من خلال حزب الاخوان ,وجعلت السيسى يدخل الجيش في النشاط الاقتصادى .
ولنكون عادلين فلنضع انفسنا مرة مكان الحاكم ومرة مكان المحكوم .
ان اى حاكم يستمد قوته من خلال الاليات الموجوده بالدولة من دستور واجهزه تنفيذية وبرلمان والثقافة العامة للشعب .. والمقصود بالثقافة العامة (CULTUR) بالانجليزية و(KULTUR) بالالمانية
اذا نظرنا الى الوضع المصرى نجد ان الدستور المصرى عبر عشرات السنوات الماضية به كثير من المتناقضات منها على سبيل المثال لا الحصر بعض البنود التي تجعل من مصر دولة دينية وأخرى عكسها تماما تجعل من مصر دولة مدنية ... اما الأجهزة التنفيذية بمصر فمعظمها مترهل ورخو حيث ان المخالفات من كل نوع تعج بالشارع المصرى والأجهزة التنفيذية اضعف من تواجه هذا الكم من المخالفات والذى يجعل مصر تخسر عشرات المليارات سنويا من اول البناء المخالف واشغالات الطريق اما البرلمان فالنظام الانتخابى جعل البرلمان مقتصر على أصحاب النفوذ وأصحاب المال, واصبح طارد لاصحاب الكفاءات .وعندما نريد ان نتحدث عن ثقافة الشعب فسنجد انه للأسف الوعى العام للشعب متدنى جدا رغم وجود نسبة ولكنها قليلة جدا تمتاز بمستوى ثقافى فائق جدا ولكنها للأسف غير متجمعة ومبعثرة ولا توجد روابط بينها , فالمواطن الغربى يحافظ جيدا على البنية التحتية في بلده عكس المصرى الذى يتعامل مع اى شيء ملك الدولة بكثير من العبثية ... واعتقد ان السيسى عندما قال ..احنا شبه دولة ... ان هذه السقطة أتت بسبب كثرة الاحباطات التي واجهته كحاكم من الأجهزة التنفيذية ومن الوعى الجماهيرى العام حوله.
واذا اردت ان تعطى المقارنة حقها قارن بين حاكم يتولى حكم مصر اليوم وحاكم يتولى الحكم في دوله مثل سويسرا على سبيل المثال ستجد الفرق شاسع بين أدوات الحكم للحاكم بين الدولتين ..لذا فان اى حاكم يحكم مصر يكون في محنه فعلا ..
اما اذا وضعنا نفسنا مكان اى مواطن مصري ....كمحكوم .... سنجد ان المواطن المصرى دفع ومازال يدفع ثمن أخطاء كل حكامه السابقين من اول ضياع سيناء أيام عبد الناصر الى خروج التشدد الاسلامى أيام السادات الى ترهل حكم مبارك والى الان واستمرار عدم عدالة توزيع الثروة بين المواطنين .... ان المواطن المصرى مازال في انتظار رئيس مثل محمد على او اتاتورك او رئيس سنغافورة او البرازيل ...هؤلاء عبروا ببلادهم من عنق الزجاجة واستطاعوا تحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية مؤثرة ... واذا عدنا لنفس المقارنة بين المواطن المصرى والمواطن في سويسرا مثلا لانتابنا البكاء على وضع المواطن المصرى الان .
لقد تشوهت الثقافة المصرية خلال عشرات السنوات الماضية وتراجعت كثيرا وان الأوان للعوده التدريجية لثقافة اكثر انفتاحا واقل تشددا يصاحبها تغير جذرى في النظام السياسى والدستورى المصرى لتكون لدى مصر دولة حديثة مدنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: الهجوم على الفاشر بالسودان سيكون له عواقب وخي


.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس




.. Amnesty International explainer on our global crisis respons


.. فيديو يظهر اعتقال شابين فلسطينيين بعد الزعم بتسللهما إلى إحد




.. مواجهات واعتقالات بجامعة تكساس أثناء احتجاجات على دعم إسرائي