الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يُعالج الفساد إلا من الجذور

بلقيس حميد حسن

2017 / 11 / 24
المجتمع المدني


يفرح أغلبنا في خطوة مكافحة الفساد مهما اختلفنا مع السلطة وأدواتها وفكرها وأساليبها في الإدارة وتنفيذ القوانين، وبرغم الإيمان بأن فاقد الشيء لايعطيه، وبأن الترقيع والإصلاح للجسد الفاسد صعب إن لم يكن مستحيلا أحيانا خاصة في ظل ظروف دولية حقيرة وعدوانية تريد تفكيك العراق وإخلائه من السكان.
إن أحد أهم أسباب موقف الغالبية من أبناء الشعب المعارض للسلطة العراقية هو هذا الفساد الذي خرب البلد وألقى بظلاله على كل مفاصل حياة الناس وأتعسهم، لذا كان من الأجدر بالسلطة وضع النقاط على الحروف وتحديد الأهم وتشخيص المعرقل الرئيس في هذه المعركة الكبيرة، وتحديد آلية مكافحة الفساد والفاسدين عبر أسس قانونية ودستورية وهيئات مراقبة تطبيق هذه القوانين بعد تنظيف مراكز الدولة على كل الأصعدة منذ أعلى هيأة في السلطة أو وظيفة حتى أصغرها.

هناك خطوات يجب على الدولة القيام بها أولاً لتأكيد جديتها في محاربة الفساد وللحصول على التضامن معها في معركة لاتقل أهمية عن المعارك مع داعش وكل الخونة وبائعي الوطن، حيث النتيجة خراب وتدمير للوطن ولمستقبل أبنائه.

1- أول فسادٍ تمارسه السلطة هو ازدواجية الجنسية لأعضاء البرلمان والوزارات والشخصيات المسؤولة والعاملين بالمراكز الاقتصادية والحساسة.
فمن الواجب سحب يد كل من لايسقط جنسيته الأخرى غير العراقية طالما هو مقيم في العراق ومكلف بمنصب مهم خاصة أن تجربة الشعب مريرة مع بعض الفاسدين الذين يسرقون ويهربون لبلدانهم الأخرى التي يحملون جنسيتها أو يفتحون بها الحسابات السرية.

2- بما أن الفساد يؤدي الى عجز اقتصادي في البلد وضرورة محاربة هذا العجز يتطلب من السلطة أن تصادر أموال الملايين أو المليارات التي استحوذ عليها مسؤولوا الدولة الكبار بعد تكليفهم بالمناصب ابتداء من الرئيس فؤاد معصوم وثروة عائلته وليس انتهاء بإرث وملايين الرئيس الطلباني من قبله والمالكي ومشعان الجبوري وغيرهم الكثير إسوة بفاسدي القائمة الأولى التي أعلن عنها بل هي قائمة طويلة ننتظرها ولابد من ادراجها أولاً وكشف حسابات كل المسؤولين أمام الشعب لتبرئة البرئ إن كان حقا بريئا ومعاقبة الفاسد.

3- الدستور العراقي أحد أسس الفساد في كثير من فقراته وأكثر ما أقره الدستور ودمر العراق هي المحاصصة، وقد ناقشتها في مقالات عديدة منذ بدء اعلان فقراته وإقراره ولايمكن مناقشتها أو العودة لها في هذه العجالة. لذا لابد من تعديل الدستور عن طريق لجنة خبراء قانونيين مستقلين ومتجردين إلا من ضميرهم لإلغاء مايعرقل بناء عراق حضاري قائم على العدل والرغبة الحقيقية في البناء.

4- ضرورة من ضرورات محاربة الفساد هو أن تفكر الدولة بالعدالة الاجتماعية وتلغي أي مرتبٍ حتى التقاعدي أو أي مبلغٍ أو مكافئات شهرية لأشخاص يعيشون في بلدان اللجوء ويتمتعون بالجنسيات والعمل أو المساعدات الاجتماعية والضمانات الصحية في تلك البلدان، وعليه كان من الضروري إشتراط التقاعد أو المكافأة بوجود الشخص بالعراق وإقامته الدائمة به ، لأن في أوروبا آلاف وربما عشرات الآلاف من العراقيين يتقاضون راتبا أو أكثر من العراق رغم ان لهم دخلاً من الدول التي يعيشون بها واستلامهم لهذه الرواتب غير قانوني ولو كشف النقاب عنها لعوقبوا بحرمانهم من المساعدة الاجتماعية إن كانوا عاطلين أو لطبق عليهم النظام الضريبي باقتطاع نسبة من دخولهم الكبيرة إن كانوا عاملين، أي أن الحكومة العراقية تساهم في دفع العراقيين من أهل الخارج ليكونوا فاسدين حسب قوانين البلدان التي قدمت لهم الأمان واللجوء والجنسيات واعتبرتهم مواطنين لايختلفون عن  أبنائها.
إذن تكون النتيجة هي أن الحكومة العراقية مشاركة بجرائم  اقتصادية في بلدان اللجوء فهي لاتفسد العراق فقط إنما دول اللجوء أيضاً.
إضافة الى ان هذا يساهم بنشر الكراهية بين أهل الداخل والخارج من أبناء الوطن الواحد فليس من العدل والإنسانية في شيء أن يحصل فرد على ثلاث رواتب وفي العراق من يتضور جوعا ويبحث في القمامة لسد رمق أطفاله.
إن أول شروط الحضارة هو القانون، ومناهضة الفساد لابد أن تكون بمواجهة سلمية لكنها حازمة بقوانين ومؤيدات جزائية قادرة على الردع وذلك عن طريق سيادة القانون على الجميع وحسن تطبيقه ومراقبة ذلك، وبناء إنسان حريص عليه منذ الطفولة والمدرسة وإدراج ذلك في المناهج الدراسية والاستعانة بخبرات الدول التي قضت على الفساد في التأريخ الحديث.
24-11-2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور


.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة




.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع