الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة تعريف الدّعارة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 11 / 25
المجتمع المدني


كانت معي على الطرف الآخر من التلفون تشتم القوانين والعائلة والميراث. كانت سوف تصبح موكلتي كي تقاسم إخوتها في الميراث قبل أن يتصالحوا معها ويدهنوا فمها بالحبّ، وبعض الطعام والنقود دون العقارات وهم عائلة لديها الكثير من الأملاك. هي أيضاً ليست أميّة. لديها شهادة حقوق، وتعمل موظفة، لكنها تقصّ أفكارها بمقص رقيب داخلي كي تبقى" مستورة" فلو لجأت للمحاكم لخسرت إخوتها وقاطعوها، وهم أصلاً يدارونها كي لا تذهب إلى المحاكم، وعندما انتهت مصلحتهم معها. لم يعودوا يرحبوا بزيارتها. العائلة الدّافئة ترحب بمن يملك السلطة، أو المال وتنبذ الفقراء، تتهمهم بقصر التفكير، ونقص الوعي.
بعد عدة سنوات زارتني في مكتبي. كانت تضحك، وتبدو متألّقة جميلة، طرحت موضوع الطّلاق، وأنا لا أنصح بالطلاق عادة، فهو ربما يدمر الأطفال، لكن في النهاية الخيار للموكل.
قالت لي: أرغب أن أعمل في الدّعارة. هل تعتقدين أنه أمر خاطئ.
ضحكت بصوت عال، وقلت لها. لا تملكين الموهبة! قاربت على الخمسين من عمرك، ولم تجدي مكاناً لك كي تصبحي مديرة في عملك على الأقلّ حتى أقتنع بموهبتك. الدّعارة نوع من الخبرة تكسبها المرأة من تربيتها الأولى وتطوّرها، ومن ترينهنّ في مناصب عليا ويتحدّثن عن القيم، والحرية يقصدن بذلك الدّعارة.
-جئت إليك كي تنصحيني فإذ بك أكثر منّي تطرفاً. هل برأيك كلّهن عاهرات-أعني من يملكن مراكز حساسة-
-نعم. لا وصول إلا بهذه الطريقة، ليس كلهنّ بل يمكن القول كلّهم وهي كلمة تشمل الجنسين.
أقنعتها بعدم تقديم دعوى الطلاق فهي لا تؤخر ولا تقدم من الموضوع، فالزواج والطلاق ليسا صكّاً مكتوباً على الورق وهي في حكم المطلّقة. وعندما تتخذ قراراً بالزواج من آخر فإنّ الموضوع لا يحتاج إلى الكثير. هناك طريقة اسمها الخلع.
عندما قالت موكلتي أنّها ترغب أن تصبح عاهرة قصدت أنها ترغب ببيع الجنس، وعندما قلت لها كلّهم يعملون بالدّعارة لم أقصد الجنس فقط بل هو من جملة الأشياء التي عنيت، فقد كان أحد الأشخاص المتنفذين صديق عائلة أعرفها، ورشّح المرأة إلى مهنة حزبية شكليّة تتقاضى فيها مرتباً وهي في المنزل، فالدّاعرة ترى نفسها أعلى من مجتمع العمل، وأرقى من أولئك الذين يلهثون من أجل رغيف. أتحدث عن الدّعارة التي توصل إلى السلطة والمال. نعود إلى قصّة المرأة التي ارتفعت في المناصب الحزبية، وفي الدخل والمظهر، وقد رأيت بأمّ عيني النساء يجثون أمامها، ويقولون لها " دخيل هالوجه البريء" ويمتدحنها حتى في غيابها. وعندما توفيّ ذلك الشخص المشرف على تقديمها إلى المجتمع الراقي في حادث سير تحت تأثير الكحول، وجدوه يلبس كلسون امرأة تبين فيما بعد أنها ابنتها التي كانت برفقته في حفلة عشاء رسميّة، وابنتها تلك مدللة على زوجها. عندما أمسكت زوجة الميت بالتلفون وهاتفت زوج المرأة شتمها لأنها قالت بأن كلسون زوجته يلبسه زوجها الميت. أُعجبتُ بجرأة المرأة زوجة الميت حيث قالت أمام جميع المعزين: كنت أتمنى أن يموت أحدنا. إما أنا أو هو، وهاهو قد مات، ولست مضطرة أن أحضر العزاء، وغادرت خيمة العزاء.
البارحة كنت أتناقش مع صديقتي حول بعض عضوات المعارضة، حيث هناك امرأتان من نفس العائلة. إحداهما من معارضة قطر، والأخرى من معارضة السعودية. واحدة استقالت، وأخرى هي في مؤتمر الرّياض. قالت صديقتي مازحة: إنّك في مكانك راوح، وهاتان السيدتان تعرفان من أين تؤكل الكتف. ماذا يهمهما. هما تعيشان في الغرب بمستوى الأميرات، وأولادهما سوف يعتزّون بهما، ثمّ أضافت: لكنهما عاهرتان. أعرف إحداهما جيداً.
قلت لها: إنّك تظلمين النساء فتخصينهن بالعهر، وهل هؤلاء الذين استقالوا، أو حضروا من الرجال ملائكة؟ العهر السياسي أشد وطأة على الآخرين من الجنسي لأنّه شامل لكل أنواعه، وفيه "الغاية تبرّر الوسيلة" أي أنّ أيّة وسيلة يمكن أن تحصل من أجل الغاية التي هي السلطة، والمال، ومن بين تلك الوسائل تجارة الجنس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة


.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل




.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د


.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية