الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-العمل التطوّعي بين الإلتزام والتملّص..-

منير الكرودي

2018 / 1 / 27
المجتمع المدني


"العمل التطوّعي بين الإلتزام والتملّص.."

"نشتغل ضمن الإمكانات المتاحة.. سِيرْ دِيرْ تنظيم حتّا نْتَا أُودَافَعْ بِيهْ عْلَمَنْ مَّا بْغِيتِي.."، في أيّ حوار، نقاش أو أيّ انتقاد لأيّ عمل تطوّعي سيتّم صدّك ومواجهتك بهاتين العبارتين الدّارجتين في التّملص من المسؤولّية والإلتزام، لدرجة صارت معه العبارتين مسمار جحا مدقوقة في عنق العمل التطوّعي..

ليس من المقبول البتّة أن تتلقَّى دعما عموميّا، ولو كان درهما واحدا، وهذا غير وارد البتّة لأن الدّعم يتمّ صرفه لهذه التنظيمات بالملايين في إطار صبغ الواجهة الحقوقية والثقافية دوليّا باللون الوردي، وأن تتبوّأ مكانة ورفعة اجتماعيّة، وتتمتّع بالحصانة، وتستفيد من كل الإمتيازات التي تخوّلها لك صفتك هاته، معنوّية كانت أو ماديّة، وأن تستغلّها في تحقيق مآرب ذاتية شخصيّة أنانيّة، وقد تكون مطيّة لتحقيق نزوات شاذّة أيضا.. أن تتحجّج بقلّة الحيلة، والإشتغال ضمن الممكن، وأن تتهرّب من المساءلة الشعبيّة، وأن ترمي بإخفاقاتك على شبح المخزن، وفوق كل هذا أن تُمارس نوعا من الأستاذيّة المتبجّحة، وأن تصطفّ داخل خندق التعليمات الأيديولوجيّة الخارجيّة، وأن تصير سوطا تجلد به من يذكرّك بالتزاماتك والأهداف التّي التزمت بتنفيذها..

لم يعد من المقبول تلك العجرفة في العمل التطوعّي، ولا تلك الدفوعات المترنّحة في التملص من الإلتزام والمسؤوليّة، خصوصا إن كان معظم أفراد التنظيم لا يحضرون إلاّ في المحطّات النضاليّة التّي تكرّس ما نسميه تجاوزا بقشدة المجتمع، أمام الكاميرات، وفِي حضور المنابر الإعلامية، وهم في أغلبهم لا يعرفون حتّى اسم التنظيمات التّي يتحدّثون باسمها..

فالإشكال ليس إشكال كفاءات وموارد بشريّة، بل هو إشكال إرادات، متوفّرة هيّ أم مغيّبة.. الإشكال ليس إشكال استقطابات وحجم التكتّلات، أو إشكال من يلعب دور الزّعامات والوصايا على الشعب، بل هو إشكال ما التزمت به في قوانينك الأساسيّة، وأهدافك التّي سطّرتها بإرادتك الحرّة في عقد التزاماتك التنظيميّة تجاه المجتمع.. الإشكال ليس إشكال اختلاف في الرّؤى والتصوّرات في شكل الوسيلة المعتمدة في تحقيق الأهداف والغايات التي التزمت بها، بل في عدم الإنسجام والتكامل داخل التصوُّر الفلسفي للتنظيم، وعدم الإلتزام بمبادئ وقيّم التنظيم، فليس مقبولا في العمل التطوّعي أن تكون قياداته متشرذمة، بين من يحابي المخزن في سعيه للإستقواء بهذا العمل التطوّعي على الشعب، وبين من يصدر البيانات وينتج المواقف من هذه الإستقواءات.. ليس مقبولا في العمل التطوّعي سياسة "وَاحْدْ إِجْرَاحْ أُو يَاخُورْ إِدَاوِي"، ولا سياسة الموازنات وتبييض الإنتهاكات في حق الشعب عبر هذا العمل التطوّعي..

لم يعد من المقبول البتّة رفع راية التملّص من المسؤولية التي التزم بها الملتزم طوّاعية وعن إرادة حرّة في تنفيذ برامج وأهداف وقّع على الإلتزام بتنفيذها، وإلاّ فيجب مواجهته جماهيريا وشعبيّا بالكذب والتدليس في الإلتزام الذي التزم به طواعيّة، فما دام الملتزم يتمتّع بالتزامه بمجموعة من الإمتيّازات المخوّلة له بصفته الإلزاميّة..

ليس مقبولا أن تواجه الشعب ب "سِيرْ دِيرْ تنظيم حتّا نْتَا أُودَافَعْ بِيهْ عْلَمَنْ مَّا بْغِيتِي.."، بل الصّحيح هو أنّه إن لم تلتزم بما التزمت به تنظيميا تجاه هذا المجتمع، فإن هذا المجتمع يعفيك من التزاماتك ويطالبك بتقديم استقالتك، بل بفسخ تنظيمك هذا أيضا، لأنّه ببساطة ليست له حاجة في تنظيم ليس جماهيريًّا، ولا شعبيّا، ولا يقبل النقد، ولا يلتزم بالتزاماته اتجّاهه، وليس في حاجة لمن يرفع في وجهه فزّاعة "بدوني ستكون معرض لشتّى أشكال الإنتهاكات"، ما هكذا تورّد الإبل يا سادة، كن متأكّدا بأن هذا الشّعب سيكون بألف خير في غيابك، فهو ليس بحاجة لسماسرة باسم العمل التطوّعي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة الرابعة | متطوعة سعودية تلفت الأنظار.. ولاجئون يسمون مو


.. الترحيل إلى رواندا.. هواجس تطارد المهاجرين شمال فرنسا الراغب




.. نشرة الرابعة | النواب البحريني يؤكد على استقلال القضاء.. وجه


.. لحظة استهــ ــداف دبـ ـابة إسرائيلية لخيام النازحين في منطقة




.. عشرات المستوطنين يعتدون على مقر -الأونروا- بالقدس وسط حماية