الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتوراه معمل الدواجن..!

فريادإبراهيم

2018 / 4 / 18
المجتمع المدني


دكتوراه معمل الدواجن..!
فرياد إبراهيم
*
لم أر في حياتي هذا الكم الهائل من الحرف (د. الدال) امام اسماء الكتاب والصحفيين والشعراء والمحللين والباحثين كما ارى هذه الأيام!
لا ادري هل بوسع هذا الحرف الصغير أن توسع من دائرة ثقافة المنتحل؟
كان عندنا في العراق وكوردستان نوعان من الدجاج: دجاج معمل الدواجن (أو دجاج المصلحة) ودجاج الحقل.
كنا نفضل دجاج الحقل طبعا، فهي حقيقية مغذية بينما الأخرى شبه مصطنعة.
قبل ان اقطع مشاهدتي للقنوات الهوائية التجارية الرخصية شاهدت على شاشة أحداها رجلين يتراشقان بالكلمات هذا من شيعته وهذا من عدوه. فأغاثة الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه أحد من مناصريه ....فطغى وسطا..
ففي اليوم التالي شاهدت اسمه مسبوقا بحرف دال ونقطة (د.) فحطّ من قدره في نفسي بنفسه.
فقد كانت معلوماته موسوعية، وكان يسبح في افلاك شتى متعددة متفرقة، أعجبت به من قبل أن يسرق هذا الحرف المقدس. اما الدكتور أبو الدكتوراه، أي خصمه في النقاش، ... (ووا دجاجتاه!) فكان في فلك واحد يسبح، ومن بحر إختصاصه يغرف.
فليعلم اولاء:
أن البطيخ بطيخ وإن صبغته أخضرَ.
وأنّ الرقي رقّي وان لوَنته أصفرَ.
في عرفي ومذهبي لو باض الديك بيضة لذبحته في الحال. ولو أذنت الدجاجة لصلاة الفجر لذبحتها قبل أن أتوضأ. فالديك ديك والدجاج دجاج، وينبغي أن يظلان هكذا.
أكان اينشتاين حاملا للدكتوراه عندما خلق نظرية النسبية؟!معظم ما أخذه أينشتاين في نظريته النسبية الخاصة والعامة كان من العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن.
أوَكان فكتور هوغو دكتورا؟
هوغو!! وهو الذي لم يأت الزمان بمثله في عالم الرواية والأدب الى زمننا هذا . بلغ مرتبة الأنبياء شهرة وعظمة وتبجيلا!
ولم ينتصب (د.) كذلك أمام اسماء: الخوارزمي وابن الهيثم والفارابي وابن سينا والرازي وابن خلدون..
هؤلاء وكل العباقرة من كتاب وعلماء و مخترعين ومكتشفين لم يكونوا دكاترة ولا أصحاب شهادات دنيا أو عليا.
انهم علموا أنفسهم بأنفسهم، أي التعليم الذاتي، جد و كد ونصب وسهرومثابرة وعزم وارادة لا تلين.
فقد كتب هوغو في رسالة له من ضمن ما كتب: "قضيت كل حياتي مشدود الوثاق إلي الكتب."
ان هذا – أي الأدعاء الكاذب بشهادة الدكتوراه - والله لظاهرة خطيرة بل داء وبيل تُفقد الثقة وتورث الشك، وضحيتها الحقيقية هي الدكتور الحقيقي. فكيف لي أن اميز هذا الغث من ذاك السمين؟!
انها فوق ذلك حالة فقدان ثقة المنتحل بنفسه، إنها حالة ما سميتها يوما في مقالي: اختباء تحت اسماء والقاب لمّاعة.
وما يترتب عن ذلك من أثر سلبي على نفسية المنتحل نفسه دون أن يدري. فعقله الباطن ودون وعي منه سوف يهمس في أذنه ليل نهارليقضّ موضعه ومضجعه : انك سارق، مارق !
قبل فترة شاهدت على احد المواقع الأنترنت الثقافية اسم علم شخص مسبوق بكلمة دكتور، فطالعت حبا للأستطلاع بعض ما في أرشيفها من نصوص. فكانت في مجملها مخيبة للآمال، رديئة معنى ومضمونا، لا تليق بمستوى تلميذ في مرحلة الأعدادية.
فكتبت تعليقا تحت مقالها: هل انتِ طبيبة أو دكتورة أي حاملة ل (الدكتوراه) وهل هناك طبيب او دكتور بهذا المستوى؟
ثم أضافت: " أن نصوصك كانت ستبدو اجمل في عيني لولا وجود هذا الحرف. وإنه ليس هناك شئ أجمل من البساطة والصراحة. "
وأنشدت نصفا وأنشأت نصفا:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا - يغنيك ذلك عن الدّال والنُّقَطِ
" زعلت"، احتجت ثم فارت، آنستُ شرارة نار تنبعث من قمة قلمها المدبّب وهي ترد عليّ عبر الأثير: " أن هذا الأمرلا يخصّك ولا يعنيك!"
ومنذ ذلك اليوم وكلما أجد اسم أي شخص مسبوقا ب (الدال + نقطة) في أي موضع كان أتساءَل وأسائل من معي ومن حولي:
" أيا تُرى، هل هذا من نوع دجاج الحقل ام من نوع دجاج المعمل؟"
*

فرياد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر


.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود




.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023


.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم