الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهرة في الهواء الطّلق

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 6 / 30
المجتمع المدني


أخاف الجميع
أوّل خوف لي كان عندما تربيت على الخوف من العيب، وفي سنّ مبكرة جداً، كنت أبحث عن العيب ولا أراه عندما يقولون لي عيب عليك ما فعلت. وكل ما فعلته على مدار حياتي كان العيب بذاته، والعار الاجتماعي الذي يسكنني كأنثى، وك" مواطنة" بغض النظر عن جنسي. كانت حياتي كلّها عيباً. دقّقت في العيوب، فرأيت أنّ جميع عيوبي تتعلّق بقول الحقيقة.
عليك أن تكون قريباً من الطّائفة، من الفئة الحاكمة كي تصنّف من الفئة التي لا تخطئ . ليس هذا فقط، فقد جرى وبالصدفة أنني كنت ألعب في الحيّ عندما كنت طفلة، وكانت أمي تجلس في ثقب على شكل نافذة ترابية قرب الباب الخارجي. كانت تبكي لأنّ جميع أولادها الذكور إما في السّجن أو فارّين إلى لبنان. كان وقتها أيام الوحدة السورية المصرية، وكان لنا عمّ له مركز مهمّ في الطائفة وفي الاتحاد القومي ومسؤول عن معمل تديره الطائفة ، وبالصّدفة كانت ابنته وأمّها في طريقهما لزيارة أصدقائهم في الحي، فقالت الأم لا بنتها: دعينا نمرّ خمسة دقائق نسلّم عليهم-أي على عائلتي- أجابتها البنت: هل أنت جادة؟ تهمتهم تلوثنا، ونحن شرفاء.
هو اختصار لوضع السّوري الذي يمكن أن لا يكون ضمن التّيار، وحتى لو كان ضمن التّيار عليه أن يكون متنفّذاً في مجال ما، حيث لا مكان للفقراء.
عندما تتحسن أحوالك، وتصبح في موقع مهم وتجاملهم يمكن أن تبني علاقة مادية ومعنوية معهم. هؤلاء هم زعماء الدين، والسياسة معاً.
هذا الحديث جرى بيني وبين صديقتي البارحة، وهذا ما قالته لي.
قالت أخرى : لكنّ الأسوأ أن تسقطي في العار الاجتماعي من أجل قبلة منحتها لشخص أحبّك وبقيت خائفة من الحمل لمدة طويلة كونك لم تتلقي ثقافة جنسية ، واستمر الخوف إلى أن تمّ الزواج، ولولا الخوف من تلك القبلة لما تزوجته، لكن الخوف لا حقني بعد الزواج منه أيضاً، و أنا أتحدث بحرية عن القبلة الآن أمامكن، لكنني لا أتجرأ على الحديث عنها في مكان آخر .
كنت أعيش تجربتهما، من خلال رحلة ربما لعدة ثوان إلى الماضي .فقد كانت تجربتهما ربما تشبه تجربتي، وعندما أتى دوري للحديث قلت: لا أستطيع أن أحاكم المجتمع والطّائفة، فالعداء الطائفي ليس وليد اللحظة، فقد تحدّث الكثير من أهلنا عن الطوائف الأخرى كطوائف مجرمة، حيث كانوا يقولون لنا أن لاندخل بيوت البعض من المختلفين. أنا شخصيّاً أتحمل مسؤولية خضوعي للمجتمع. أستطيع أن أبرّر خوفي بالكثير من المبررات. لكن الموقف من الحياة هو قرار شخصي، وقد أخذت قراري الشّخصي الذي اعتبرته ثائراً، فوقعت في المطبّ، وبقيت أدور في دائرة مفرغة حتى اليوم. ربما تسبب لي الانفصال عن المجموعة، وعدم الاندماج في مجموعة أخرى الكثير من العناء ، لا زلت إنسانة خائفة متردّدة لا أثق بمقدرتي كما يجب، ربما هناك مبرّر لكنّني أنا المسؤول عن ذلك. في نهاية المطاف.
ختمنا سهرة يوم الجمعة في الساعة الحادية عشرة ، وضوء الشمس لم يغب بعد. كانت آخر كلمة لصديقتنا الخمسينية من حوران حيث قالت وبصوت حزين: سقط الكثير من أقاربنا شهداء، وأغلبهم مدنيين وأبرياء من الذين عاشوا، وعشت مثلهم مهمّشة من هؤلاء الذين يدعونهم بالشبيحة من أبناء بلدي، وأولئك الذين يدعونهم بالمعارضة. أردت ان أكون مع المعارضة يوماً . لم أستطع لأنّني ببساطة لم أعرف الطريق، ولا أحد يقبل أن يرشدني إليه، ثم حمدت ربي أنّني لم أتلوث بهم، فمن يتبنون قضية حوران هم وكلاء للشرّ، ولا يهمهم من يعيش أو يموت. لا يوجد في حوران ثورة الآن. هؤلاء الذين يتحدثون عن الثورة وكلاء للخارج. هم مسوقون، والمسوّق عليه أن يحقق ربحاً لكفيلة عشرة أضعاف رأس المال الذي أنفقه على تمويل الفئات المسلحة، والفئات المسلحة شباب أغرار . هم ضحية السماسرة بالنسبة لي يمكنكم مقاطعتي، لكن كلّ من كان له منصب ولو بسيطا في الماضي هو مسؤول، فمن كان يتقاضى من كتاباته في صحيفة تشرين مثلاً. لا أسمعه عندما يتشدق.
شكرتهم لأنهم لبّوا دعوتي لشرب القهوة في الهواء الطلق، وعندما عدّت. قلت: قد يكون جميعهنّ على صواب. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات واعتقالات بجامعة تكساس أثناء احتجاجات على دعم إسرائي


.. مراسلة العربية: إسرائيل طلبت إطلاق سراح 20 من الأسرى مقابل ه




.. اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين


.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل




.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر