الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استحضار الشخصية القلقة في مشاهد الاحتجاج، مقاربة سوسيولوجية

ليث عبد الرحمن

2018 / 9 / 22
المجتمع المدني


شهدت الموجة الأخيرة من المظاهرات تحولات عديدة داخل المجتمع البصري بوصفه مجتمع مفتت أساساً. ومن جملة هذه التحولات هو مشاركة دماء جديدة وأجيال شابة لم تشارك في عمليات الاحتجاج من قبل. غير ان مسيرة التظاهرات التي قام بها هؤلاء الشبان مختلفة تماماً عن الموجات السابقة لأن المشاركين فيها بلا قيادة ويرفضون القيادة، وهي مستمرة على شكل جماعات متعددة تقوم كل واحدة منها بالتظاهر في اماكن سكنها. كما شهدنا حضور الإطارات المحترقة التي يقطع بها الشوارع من قبل المحتجين، والتي باعتقادهم انها وسيلة ضغط على الحكومة.
تطورت عملية قطع الشوارع بواسطة الاطارات الى عمليات اعتصامات كبيرة يقوم بها الشباب ولا سيما اهالي ناحية گرمة علي وقضاء الهارثة عموماً. اذ قطع المحتجون جميع الجسور والشوارع المؤدية إلى المدينة. ورافقت عملية الاحتجاج الشعور بالتهميش والحرمان التي تقوم به الحكومات المتعاقبة على حد وصفهم.

وبالعودة الى التحولات، فان هذه الموجة الأخيرة شهدت حضور الشخصية القلقة بوصفها شخصية منفرة، ولا تتنازل عن مواقفها وتزيد من التركيز حول الكلام والحديث، غير ان الشخصية القلقة تميل للدقة المتناهية والترتيب وهذا ما لم نجد ملامحه عند المحتجين. فهم على الرغم من صلابة مواقفهم عبر تصديهم للرصاص ولقمع القوات الأمنية بصدور عارية إلا انهم يرفضون الانتظام تحت اي قيادة، كما ان للتصريحات الإعلامية التي يقوم بها المسؤولين بقيت ماثلة في ذهنهم؛ ولا سيما تصريح محافظ البصرة الذي قال ان المظاهرات مدعومة من صفحة تدار من جنوب فرنسا على حد وصفه. فهنا نحن ازاء شخصية قلقة لا مبالية أساساً، ترى ان الوضع الحالي ليس مكسباً فيما لو تم خسارته، فوضع البصرة لن يحصل فيه اسوء مما هو موجود حالياً.

وعلى الرغم من مثول هذه الشخصية القلقة، فحضور الشخصية الواقعية كان جلياً حينما هتف المحتجين ضد احزاب السلطة وتطور الموقف الى الهجوم على مكاتب معظم هذه الأحزاب ولا سيما التي تمتلك اجنحة مسلحة. يبدو ان الباحثين لم يحللوا هذه الشخصية جيداً، فهي شخصية غير انتهازية طموحة أساساً، دنيوية في الغالب، ولا تضع خطوطاً حمراء على اي مفهوم أو إيديولوجيا او رمز معين. فمعظم الذين يشاركون في الاحتجاج كانوا مشاركين في تلبية فتوى مرجعية السيستاني، اذ انخرطوا ضمن جماعات وقوى إسلامية بغية مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). لكن موجة الاحتجاج الأخيرة تعيد طرح السؤال الى الاذهان: هل ان المنخرطين في عمليات قتال داعش ضمن جماعات دينية ينتمون الى افكار تلك الجماعات ؟

هذا السؤال يجب ان يدرسه الباحثين جيداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال متضامنين وفض مخيم داعم لفلسطين أمام البرلمان الألماني


.. الحكم بإعدام مغني إيراني بتهمة «الإفساد في الأرض»




.. Students in the USA are protesting in support of Palestinia


.. إسرائيليون يتظاهرون قرب منزل بيني غانتس لعقد صفقة تبادل أسرى




.. برنامج الغذاء العالمي يحذر من المجاعة في شمال قطاع غزة... فك