الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد الكيلاني يكتب : القانون ومهنة المحاماة … وفستان رانيا يوسف !!!

خالد الكيلاني

2018 / 12 / 1
المجتمع المدني


المحاماة هي مهنة سامية مهمتها في الأصل هي الدفاع عن المظلومين …
ومع تطور الحياة البشرية نشأت الحاجة للقانون ، فلم تعد النوازع الأخلاقية والكوابح الدينية كافية بمفردها لضبط حياة البشر وتنظيمها ، ومنع الظلم بينهم …
ولأن تطور وتقدم المجتمعات كان يستلزم أن تستغني تلك المجتمعات عن أن يقتص المظلوم لنفسه ، أو أن يأخذ حقه بيده مثلما كان يفعل الإنسان في العصور البدائية ، فقد ظهرت الحاجة لوجود محاكم على رأسها قضاة يحكمون بين الناس بالعدل ، لتتحول المجتمعات من قانون الغاب إلى عصر سيادة القانون .
ومع تطور المجتمعات ، وتعقد حياة الناس وتشابك مصالحها ، زادت حاجتها لوجود القانون … وبدأ علم القانون يتطور مع تطور البشرية منذ عصر حمورابي ، وازدادت حاجة الناس لمزيد من علوم القانون .
ولأن القانون أصبح علماً كبيراً وهاماً ، بدأت الحاجة لوجود متخصصين في القانون يحكمون بين الناس ( القضاء ) ، ومتخصصين آخرين يكون مهمتهم مساعدة القضاء في تبيان وإظهار حقوق الناس ، وتوجيه القضاء نحو الحكم بعدالة ونزاهة بين الناس ، وانتزاع الحق للمظلوم من براثن الظالم ، فظهرت الحاجة لمهنة المحاماة التي تضم متخصصين في القانون يقومون بتلك المهمة ، ولذلك أُطلق عليهم " القضاء الواقف " ، فقد توصلت المجتمعات إلى فكرة جلوس القضاة على منصات عالية حتى ترتفع عن المتقاضين ، وقضاة آخرين واقفون يمثلون المتقاضين ( المحامين ) ، وآخرون يمثلون المجتمع في النزاعات والجرائم التي تشكل جرائم تمس المجتمع وتؤثر عليه ( النيابة العامة أو الإدعاء ) .
فقد أصبح من الصعب على الشخص العادي - في ظل تشابك المصالح وتعقدها وكثرة القوانين - أن يستطيع الحصول على حقه بنفسه دون مساعدة من شخص متخصص في القانون وهو المحامي .
وعرفت أوروبا مهنة المحاماة مبكراً منذ بدايات عصر النهضة ، وتطور الأمر إلى الحاجة لوجود مدارس ومعاهد وكليات تقوم بتدريس علوم القانون ، ليتخرج منها من يعملون في مهنة القضاء أو مهنة النيابة العامة أو مهنة المحاماة .
ثم انتقل الأمر إلى مصر تدريجياً منذ منتصف القرن ال 19 ، وقبل إنشاء مدرسة الحقوق في مصر ، كان الطلاب يذهبون لدراسة القانون في فرنسا ، ويعودون إلى مصر للعمل في مهنتي القضاء الجالس ( المحاكم ) ، والقضاء الواقف ( النيابة العامة والمحاماة ) ، وفي البداية كان يقوم بدور النيابة العامة أو الإدعاء محامون توكلهم الحكومة للقيام بهذا الدور ، مثل ما حدث عندما وكلت سلطات الإحتلال الإنجليزي المحامي الشهير " الهلباوي " ليقوم بدور الإدعاء ( النيابة العامة ) في قضية دنشواي الشهيرة عام 1906 .
ثم مع تطور الأمور وبعد إنشاء مدرسة الحقوق في مصر عام 1868 ، التي تحولت إلى كلية الحقوق كواحدة من أولى كليات جامعة فؤاد الأول ( جامعة القاهرة حالياً ) عام 1925 مع كليتي الآداب والعلوم ، ظهرت الحاجة لتنظيم مهنة المحاماة ، فصدر قرار بإنشاء أول نقابة للمحامين في مصر على غرار نقابة المحامين بفرنسا عام 1912 ، كواحدة من أولى النقابات المهنية في مصر .
وحدث تطور آخر بتأميم مهنة الإدعاء ( النيابة العامة ) وجعلها تابعة للحكومة ( السلطة التنفيذية ) ، قبل إلحاقها بالسلطة القضائية في آواخر خمسينيات القرن العشرين ، والفصل بينها وبين مهنة المحاماة .
هذه المقدمة الطويلة كانت لازمة لبيان تطور ودور مهنة المحاماة التي هي في الأصل مهنة الدفاع عن المظلومين وإقتضاء حقوقهم بالقانون .
ومع التراجع والتدهور المجتمعي الذي حدث في مصر طوال العقود الأربعة الماضية ، وإنهيار وتراجع معظم المهن ، وفقدانها للقيم الأصلية التي تحكمها ، تراجعت وانهارت مهنة المحاماة ، وحاول بعض المحامين العودة بمهنة المحاماة لأكثر من قرن من الزمان ، وتحولوا إلى وكلاء للنيابة العامة وممثلون للإدعاء ، ولكن دون أن يوكلهم المجتمع أو الحكومة في ذلك كما كان يتم في أواخر القرن ال 18 وأوائل القرن العشرين ، بل نصبوا من أنفسهم ممثلين للمجتمع ومدافعين عن القيم والأخلاق والقانون ، دون أن يطلب منهم أحد ذلك ، وبالخروج عن دورهم ومهمتهم الأصلية في الدفاع عن المظلومين ، ، بل وتحولوا هم أنفسهم إلى أداة للظلم ، ومطالبون بحبس الناس وتكميم أفواههم ، ساعدهم في ذلك تعقد وعدم وضوح القوانين وكثرتها وتناقضها .
وانتشرت في مصر قضايا الحسبة ، ونصب البعض أنفسهم مدافعين عن الدين وعن الأخلاق ، وعن قيم المجتمع كما يتصورونها ، ومن هنا برز العديد من المحامين الذين يبتغون الشهرة والكسب السريع بحجة الدفاع عن الدين والقانون والأخلاق أمثال نبيه الوحش وسمير صبري وغيرهم .
ولجهلهم وتغلب الهوى على أنفسهم المريضة ، فقد تصوروا أن الأخلاق أو النوازع الدينية يمكن أن تُفرض بسيف القانون وبحبس الناس ، ونسوا أن القيم الدينية والأخلاق تترسخ برفض المجتمع نفسه لأي خروج عليها ، ونبذ هؤلاء الخارجين مجتمعياً … لا بسيف القانون .
فما هي علاقة محامي بفرض الأخلاق على فنانة ظهرت بملابس خليعة في حفل ختام مهرجان سينمائي ، وما هي علاقة محامي بباحث إجتهد في الدين إجتهاداً إعتبره البعض أو اعتبره هذا المحامي تجديفاً أو خروجاً عن ثوابت الدين ، وما هي علاقة محامي بكلام ورد على لسان ضيف أو ضيفة في أحد البرامج التليفزيونية ، واعتبره هذا المحامي خروجاً عن الدين أو عن الأخلاق .
الأمر يحتاج إلى وقفة من أولي الأمر في هذا الوطن … وقفة تمنع تماماً قضايا الحسبة الدينية والأخلاقية ، وتمنع كل من تسول له نفسه تقديم بلاغات ضد الناس ، حيث لاصفة ولا مصلحة له في هذا ، والأمر يقتضي أيضاً تحديد دقيق ومحكم لفكرة الصفة والمصلحة في التقاضي وتقديم البلاغات ، وعدم الإفتئات على وظيفة النيابة العامة من بعض المحامين الباحثين عن الشهرة .
#استقيموا_يرحمكم_الله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة