الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الباحث إدريس لكريني حول تنامي ظاهرة الاحتجاجات في المغرب

إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)

2007 / 6 / 29
مقابلات و حوارات


أجرى الحوار: إدريس النجار

كثرت الاحتجاجات لغياب قنوات التواصل العام

س- ما هي أسباب ارتفاع وثيرة الاحتجاجات أمام قبة البرلمان؟

ج- شهد المغرب في السنوات القليلة الأخيرة تزايدا ملحوظا في عدد الوقفات الاحتجاجية(حسب وزارة الداخلية نفسها منذ مدة، بلغ معدل هذه الاحتجاجات أكثر من وقفتين اثنتين كل يوم)، وإذا كان البعض ينظر إلى هذا الأمر من زاوية كونه مؤشرا يعبر عن تزايد هامش الحريات والتعبير في البلاد، فأعتقد أن هناك زوايا أخرى يمكن أن نقرأ من خلالها هذا الأمر، فهي من جهة؛ تعبير عن تفاقم المعضلة الاجتماعية التي أفرزت مزيدا من الإكراهات والتناقضات في أوساط المجتمع المغربي وبخاصة الشباب منه، وتعبير أيضا في جانب مهم منها أيضا عن ضعف القنوات الوسيطة وارتباكها في مجال تمثيل المواطنين وامتصاص غضبهم، فالأحزاب السياسية في غالبيتها تعيش أزمة بفعل حضورها الباهت في حياة المجتمع، بعدما تحولت من مؤسسات للتأطير السياسي والتنشئة الاجتماعية وبلورة المطالب؛ إلى قنوات انتخابية مغلقة تنتج نخبا لا تستحضر سوى مصالحها وتبرر الخطابات الرائجة؛ مما أسهم في تكريس عدم الثقة في هذه المؤسسات وأدى إلى تنامي العزوف السياسي..؛ فيما أصاب الركود والجمود العمل النقابي؛ فرغم بروز محطات اجتماعية صعبة؛ بدا المشهد النقابي مشتتا تتحكم فيه الاعتبارات السياسية الضيقة أكثر منها المصالح الاجتماعية للمواطن؛ مما أتاح لبعض الجمعيات تبني مواقف اجتماعية تدخل ضمن خانة اهتمامات العمل النقابي(تنسيقية مناهضة ارتفاع الأسعار)؛ أما المجتمع المدني الذي مافتئت العديد من قنواته تشتغل بجدية على مختلف الواجهات؛ فهو يصطدم بواقع صعب تفرضه قلة الإمكانيات المادية وبعض الإكراهات السياسية والقانونية الأخرى..

س- لماذا أخذت مظاهر الاحتجاج أشكالا جديدة مع ازدياد ضراوة المواجهة مع السلط؟

ج- فيما يتعلق بتطور أشكال هذا الاحتجاج ليأخذ مظاهر شاذة وغريبة وقاسية.. في بعض الأحيان، فهذا أمر ينطوي على عدة أسباب تبدو موضوعية في ظل الإكراهات الاجتماعية المتزايدة، فقد أضحى الاحتجاج أمر معهودا وعاديا، إلى درجة أن صانعي القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية أصبحوا يعتبرونه طقسا يوميا مألوفا، وبما أن المفروض في الاحتجاج هو إثارة قضايا أو رسائل ومطالب معينة، فأهميتها لا تكمن في حدوثها بشكل متكرر- كما يظن البعض-؛ بقدر ما تكمن في الأهداف التي تحققها للمعنيين بها، وضمن هذا السياق لوحظ أن العديد من المسؤولين يتحدثون في الآونة الأخيرة على أنه أصبح بإمكان الأفراد التظاهر والاحتجاج بحرية الأمر الذي لم يكن متاحا في السابق، غير أن الموضوعية تقتضي تقييم الاحتجاجات بما تحمله من نتائج طيبة وفعالة على القائمين بها وانعكاسها الإيجابي على أوضاعهم.

ومن هنا فتجاوز التقنيات التقليدية المعهودة ضمن ممارسات العمل النقابي؛ وابتداع أساليب وتقنيات مستحدثة للاحتجاج (تقييد الأطراف بالسلاسل؛ الانتحار من خلال تناول مواد سامة أو بإضرام النار في الذات أو التعرض للشنق، أو الارتماء أمام القطارات، الإضرابات المفتوحة عن الطعام؛ خلع اللباس..) ورفع شعارات غير معهودة من قبيل: "الإنصاف أو الموت" أو "الالتحاق بالأزواج أو الالتحاق بالرفيق الأعلى".. تأتي كمدخل للفت وإثارة الانتباه لمعاناة هذه الفئات الاجتماعية والمهنية كالمعطلين الحاملين للشهادات الجامعية أو العمال والموظفين في قطاعات مختلفة أو المعطلين ذوي الاحتياجات الخاصة؛ أو حتى أسرا أو أفرادا.. وحصد التعاطف مع قضاياها التي ووجهت إما بصمت المسؤولين ولامبالاتهم أو بإجراءات القمع..؛ فالشخص الذي يقدم على مثل هذه الأفعال من المؤكد أنه بلغ درجة عالية من التذمر وفقدان الأمل؛ وبخاصة إذا ما اقترنت مطالبه بغياب حد أدنى من شروط الحياة الكريمة.

ومما يثير الانتباه؛ هو أنه وعوض أن تجد قضايا هؤلاء المحتجين طريقها نحو الحل، فإن العديد من الاحتجاجات تتعرض لتدخلات عنيفة ومهينة تفاقم من الآثار والمعاناة النفسية لهؤلاء.

حقيقة أن العديد الوقفات الاحتجاجية تتم بشكل فجائي تلقائي في الطريق العام؛ وغالبا ما تكون بدون ترخيص قانوني مسبق؛ غير أن المفروض في جهاز الأمن أن يتعامل بإيجابية معها ويسهم في مرورها بشكل سلمي؛ حتى يتمكن المعنيون من بعث رسائلهم وكشف قضاياهم أمام الجهات المسؤولة..

وأعتقد مواجهة هذه الاحتجاجات يبدأ أولا من الوقوف على أسبابها الحقيقية ومعالجتها بشكل فعال؛ وإعادة الاعتبار إلى التنظيمات النقابية والأحزاب.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد تحرره من القيود الانتخابية.. هل يعاقب بايدن إسرائيل أم ي


.. بوتين يشيد بشجاعة ترمب ويؤكد أنه مستعد للحوار معه بعد الحديث




.. 12 شرطا صارما.. هكذا يخطط ترامب لأول صفقة كبرى | #غرفة_الأخب


.. ألسنة لهب تضيء سماء بيروت إثر غارات إسرائيلية




.. حزب الله يعلن الاشتباك مع قوة إسرائيلية في مارون الراس ويقصف