الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الروافد الثقافية و الفكرية للإرهاب

حميد هيمة

2007 / 7 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شهدت مدينة الدار البيضاء، مؤخرا، سلسلة من الأحداث الإجرامية: عبارة عن تفجيرات انتحارية ،" أبطالها" أعضاء خلايا الحركات الإسلاموية الناشطة في المغرب.

وقد أثارت، هذه التفجيرات الإجرامية، نقاشا واسعا في الأوساط الصحفية والسياسية،،، المغربية . كل ، من موقعه ومن زاوية نظره واصطفافه / تموقعه السياسي ، يحاول مقاربة السؤال الجوهري : لماذا توالي الأحداث الإرهابية في المغرب؟ بلد " الاستثناء " !

والملاحظ ، أن كل القراءات والتأويلات المقدمة انزلقت نحوى تفسيرات أحادية ، وبالتالي عجزت ، في تقديري ، عن الإمساك بالعوامل / الأسباب العميقة المنتجة " للثقافة " الإرهابية والمغذية لها .


1- العوامل الثقافية.

" ليس الدين – والتراث – أفيونا للشعوب لأنه مخدر لها بأفكار أخروية ووعود سماوية ، فحسب بل وأيضا لأنه
اغتصابا للواقع وتغييب للآن " عزيز عظمة .

* إن البنيات الثقافية ، ذات الروافد العربية والإسلامية ، المتراكمة عبر فترات تاريخية مختلفة ، وخصوصا خلال فترات الجزر الحضاري ، هي بنيات مساعدة لإنتاج "الفكر"الأصولي ومحفزة على امتداده ؛ فالثقافة السائدة هي ثقافة الولاء الطاعة، في إطار علاقات عمودية : الشيخ والمريد . وهي ذات البنيات التي تعتمدها الحركات الاسلاموية في بنياتها التنظيمية و" أنساقها الفكرية " . بمعنى ، أن المجتمع المغربي ، كمجتمع عربي و إسلامي ، مهيأ ثقافيا لاستقبال الفكر الأصولي .كما أنه –المجتمع- يعادي التفكير الحر : المتمرد على الجاهز.

والحال ، أن سيادة هكذا بنيات ثقافية تعزى لأسباب مركبة ، منها الأسباب السياسية : فخلال مرحلة سبعينيات القرن المنصرم ، عملت الدولة المغربية على تجفيف شعب الفلسفة من الجامعات المغربية و عوضتها بشعبة الدراسات الإسلامية. في سياق عمل الدولة المغربية على ترتيب بيتها الداخلي ، بعد الانقلابين الفاشلين ، والمد الجماهيري المسنود ، آنذاك ،من القوى التقدمية .وبذلك ، مكنت ،الدولة المغربية،الحركات الاسلاموية من مريدين ومشاريع نشطاء لتمرير الخطاب الرهباني لأوسع الفئات الاجتماعية .
والواقع ، أن التضييق على الفكر الحر له امتدادات عميقة ، نذكر ،مثلا،نكبة ابن رشد ، خلال العصر الوسيط ، وبالتالي إعدام مرحلة جنينية للفكر النهضوي المجهض.

فماذا لو تبلورت طبيعيا الحركة الرشدية في العالم الإسلامي ؟ هل كانت تستطيع مواجهة وإزاحة المقاربات الفقهاوية ؟ هل تستطيع خلخلة الإرث الثقافي التقليداني ؟ وهل سيكون ، بعد ذلك ، مبرر للحركات الاسلاموية في رفض الإنتاج الفكري " الدخيل " ؟ وهل كان ذالك التطور المفترض أن يجنبنا هذه الأحداث المأساوية ؟

لسوء الحظ ، فحركة التاريخ لا تعتمد " لو " !!!

2 ثقل الفكر الديني المغلق:

يغفل المهتمون بنشأة وتطور الحركات الاسلاموية ، دور الفكر الديني ؛ الذي يشكل مرجعية تغترف منها الحركات الاسلاموية المعاصرة بعضا من تصوراتها السياسية في الآن وفي الاستقبال ، أيضا،إن تطلب الأمر !!

لذلك سنحاول مقاربة السؤال التالي : كيف توظف وتكيف الحركات الاسلاموية التراث الديني لشرعنة ممارستها الإرهابية ؟

وقبل تقديم عناصر الإجابة، نلفت انتباه القارئ اليقظ ، إلى التمييز بين الدين كمعطى سماوي مطلق الصحة ،حسب " رفعت السعيد" ، وبين الفكر الديني ، كاجتهاد بشري ، نسبي الصحة . وموضوع اشتغالنا هو الفكر الديني ....

(.....)

تعمل الحركات الاسلاموية ، في تبريرها لممارساتها الإجرامية ؛ والتي تغطيها برفع الظلم ؛ مواجهة الجبروت ؛ تغيير المنكر، إلى التكييف الإيديولوجي للنصوص القرآنية والحديثية .وإذا تعذر الأمر تنجزاستبارات في اجتهادات الأسلاف لعلها ،أي الحركات الاسلاموية ، تظفر بما قد يضفي الشرعية الدينية على مواقفها. ثم تنزعها قسرا من سياقاتها لتسقطها ميكانيكيا على أحداث ووقائع آنية تختلف ، جوهريا ، عن أسباب نزول النص الديني .من ذالك ،مثلا ، الاعتماد على آيات القتال ، كقوله تعالى : "آذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم قدير"{الحج 39} . وهذه الآية ،كما وضح ذلك الجابري ،" مثلها مثل جميع آيات القران الكريم ، إنما تقرر حكما له مناسبته ومقاصده ،،،{و} هي ، حتى بالنسبة للذين يقولون بها ، ليست قاعدة مطلقة " .

وتعزز هذا الفهم التعسفي للنصوص الدينية بآراء و فثاوي عدد من الفقهاء : "كالغزالي" ،،،"سيد قطب" ؛ الذي اجتهد ، كما قال " رفعت السعيد" ، على اعتصار فثاوي دينية تخدم ، سياسيا ، جماعته { الإخوان المسلمين} ، معتمدا في ذلك على قواعد بائسة بمقياس تطور المعرفة في عصرنا هذا " حسب نصر حامد أبو زيد.

لقد شكلت هذه المنابع والمرجعيات مرتكزات نظرية ، استمدت منها الحركات الاسلاموية تبريراتها في ممارستها للعنف إزاء الأنظمة القائمة والمخالفين لها سياسيا وفكريا . من ذالك ، ما أقدمت عليه الحركات الاسلاموية ، في طبعتها المغربية ، من أعمال قتل في حق المناضلين التقدميين : عمرين جلون ، ايت الجيد ، بوملي ،،،. واعتبر قتل هؤلاء "جهادا" ضد العناصر الملحدة، كما نشرت ذلك جرائدهم. كما أن المتصفح لرسالة التهديد ، الذي توصل بها " سعيد لكحل" ، سيلاحظ أنها تحفل بعدد من النصوص
الدينية ، تدعوا إلي سفك دماء الكفار والملاحدة ،،،الخ.

والحال ، أن انشداد الحركات الاسلاموية إلى الماضي " الذهبي" ، الذي تسعى إلى إحيائه في الملبس والمأكل ،من جهة ،وغرقها ، من جهة ثانية ، في النصوص الدينية – هو، في واقع الأمر، تعبير واضح عن بؤس وعجز ذهنية المتأسلم على تقديم إجابات ممكنة لأسئلة راهنة . لذلك ، يحتمي بالنصوص الدينية ويتوسل على أجوبة الأسلاف لإخفاء حالة العجزو،،،.

فكيف ، إذا ، نواجه هكذا الوضع ؟ هل بتجفيف فكرنا الراهن من كل ما هو لاتاريخي ؟ أم بتنقية هذا التراث بإضاءة جوانبه الايجابية وطرد الباقي ؟
يبدو لي ، أن المدخل الممكن ، راهنا ، هو إحالة التراث إلى مجاله الطبيعي و الاجتهاد للحيلولة دون امتداده الى المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب