الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة ساذجة لِسُحُبٍ سوداء

وهيب أيوب

2007 / 7 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"... إن مُعتقدي المعنوي يتضمّن جميع الشرائع التي تربط الناس بعضهم ببعض"
المهاتما غاندي
تسعى الحركات الإسلامية في العالم العربي، إلى إقامة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية على مواطنيها، وهذا ما يثير خوف ورعب جميع الأقليات من طوائف ومذاهب وقوميات أُخرى والتي لا يمكن أن تطمئن ويهدأ بالها إلا بالدولة العلمانية والمواطنة الكاملة تحت شعار "الدين لله والوطن للجميع". باختصار لا يتم ذلك إلا بفصل الدين عن الدولة وسيادة شرعة العدل والقانون الذي يتساوى فيه الجميع تحت سقف المواطنة.

لقد سعى الاستعمار الفرنسي سابقاً في سوريا (على سبيل المثال) إلى تقسيمها لأربع دويلات طائفية، عملاً بالمبدأ الاستعماري البريطاني الشهير "فرِّق تَسُد"، وأفشل السوريون مخططهم ووحدوا البلد بنضال أهله عبر الثورة السورية الكبرى وما تلاها.


ولا أرى بطروحات الإسلاميين اليوم في كل العالم العربي، إلا تحقيقاً للأهداف الاستعمارية القديمة، بإرادة داخلية، سواء قصدوا ذلك أو لم يقصدوا.

وأنا أسال حاملي هذا المشروع، ماذا لو نشأت في العالم العربي حركات طائفية مماثلة؟: "الإخوان المسيحيون"، "الإخوان الدروز"، "الإخوان العلويون"، الإخوان الإسماعيليون"، "الإخوان الموارنة"، "الإخوان الكاثوليك"، "الإخوان الأورثوذوكس"، "الإخوان البروتستانت"، "الإخوان الأقباط"، "الإخوان السريان"، "الإخوان الصابئة"، "الإخوان الآشوريون"، "الإخوان اليزيديون"، "الإخوان الأرمن"، "الإخوان الأكراد"، إلى آخر تلك القائمة من الأخوة والإخوان. أسألكم: هل ستتعاملون مع "المنشقين" عن السُنة بحروبِ رِدَةٍ جديدة يقودها أبو بكرٍ جديد تحت شعار "من غيّر دينه فاقتلوه"، "واقتلوهم حيث ثقفتموهم"؟! وهل ستطبق الشريعة الإسلامية على أهل الكتاب والذمة، فيدفعون الجزية لقاء حمايتهم كرعايا في دولة الخلافة المنشودة؟! وهل ستقطعون يد السارق ورأس المارق وتصلبون وتقتلون المهرطقين أمثال الجعد بن درهم وغيلان الدمشقي أو الحلاّج والسهروردي؟ وهل سترمون بالمحارق أمثال ابن المقفع، وتجلدون حتى الموت الشعراء الماجنين كبشار بن برد وأبي النواس وسواهما؟، وهل سترمون بالكفر علماء الكيمياء والفيزياء والفلاسفة وتحرقون كتبهم ومكتباتهم، على غرار ما جرى لجابر بن حيّان والرازي والكندي والرواندي وأبي حيّان وابن سينا وابن رشد وأشباههم، وهل ستقيمون الحد في خلافتكم العتيدة على الليبراليين والعلمانيين واليساريين والديمقراطيين، "كفّار العصر الحديث"، كمحمود طه وفرج فوده ونجيب محفوظ وحسين مروّة ومهدي عامل...؟


كم أنا ساذج في أسئلتي وتساؤلاتي؟!.

إنكم بما تكتبون وتقولون، وتفتون وتفعلون، فقط ترسمون الحدود الجديدة المتوقَعة للدويلات الطائفية والمذهبية والعرقية القادمة، التي فشل الاستعمار برسمها، وأما إذا ظننتم أنكم ستخضعون الناس بحد السيف أو بالمتفجرات والسيارات المفخخة التي سخّرها الله لكم من الغرب الكافر؟ فأقول لكم: إنها أضغاث أحلامٍ، ستقومون منها ولن تجدوا من حولكم إلاّ الرُكام والخراب. إنكم تعيشون خارج الزمان والمكان، لكن تخلُّف هذه الأمة وفقرها وجهلها جرّاء حكم الطغاة والاستبداد، هو جاذبيتكم الوحيدة التي تجعل أقدامكم تلامس الأرض.

لقد سخّرتكم أمريكا أنتم وأنظمة الاستبداد والفساد على مدى عقود طويلة أثناء الحرب الباردة، لمحاربة الشيوعيين والعلمانيين والديمقراطيين من أبناء أوطانكم، أفلم تتعلموا الدرس بعد؟ ألستم بأطروحاتكم وأفعالكم تلك تُقدِّمون خدمة صافية لأمريكا وإسرائيل، وأنظمة الاستبداد؟.

لن تستطيعوا لا أنتم ولا غيركم إعادة الزمن أربعة عشر قرناً إلى الوراء، إنكم تعبثون بعقول الدهماء والمساكين ودماءهم، وباتت الناس بين نارين، نار السلطة الطاغية ونار الأصولية المُرعبة، برأسيها السني والشيعي وكلاهما لا تعرف للعقل والمنطق طريق، ولا تؤمن إلاّ بالحقائق المطلقة وهذرمات الأئمة "وآيات الله" المعصومين!.

ليس هناك أمرّ وأصعب من المهمة التي تنكّبها أصحاب الفكر العلماني ودولة المواطنة وحقوق الإنسان، إنها لمواجهة شاقة وصعبة، فهم يواجهون استبداد السلطة وجيشها المؤلل من اتحادات الكتّاب والمثقفين والشعراء والفنانين والأكاديميين والإعلاميين المتملقين المنافقين، والفضائيات التي تروِّج لهم ولأفكارهم من جهة، وجحافل الأصوليين الذين يبثون أفكارهم وفتاواهم الضلالية الظلامية من الجهة الأُخرى.


مهما أهرقتم من دماء، وحصدتم من جماجم...
وسواء أمطرت سحبكم أو لم تُمطر...
أنتجت مواسمكم أو لم تُنتج؟

خلافتكم على الأرض وجنّتكم في السماء، ضَربٌ من خيال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah