الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / ج / 5

حسن جميل الحريس

2007 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تشترك العلمانية والماسونية معآ بمبدأ إنكار الذات الإلهية إنما تختلفان في إسلوب إنكارهما لها , إذ تنكرها الماسونية كليآ وتدعو إلى محاربتها علانية بينما العلمانية أخف حدة من سابقتها إذ تنكر سلطة الله على التصرف بحياة الإنسان الدنيوية . مع أن كلا الإتجاهين رفضا رفضآ قاطعآ الإعتراف بشرائع الديانات السماوية كلها بذريعة أنها قوانين إلهية تخص الإله وحده وليس الإنسان ملزمآ بها أو بحاجة إليها ..... ومن هنا نجد أن المطلوب من العلماني أن يؤمن إيمانآ كاملآ بأفكارها مهما كانت طروحاتها وتحت أي مسميات تغلفها كالتطوير والإصلاح الثقافي والديني أو التنوير أو التأمل أوغير ذلك من المصطلحات التي تروج لها , والتي تدعو في ظاهرها إلى تحرير العقل لينطلق نحو معرفة الحقائق المراد منها أن توصله إلى إقراره بالمعرفة المادية الدنيوية , بينما تخفي هي في باطنها حقيقة أمرها الهادف إلى دك عقيدته الدينية ونسفها من جذورها , فنادته لأن يتفكر أولآ بحقيقة وجود الذات الإلهية لتزرع في نفسه الشك والريبة بمصداقية الإله الوارد ذكره بجميع الكتب السماوية ليصل في نهاية المطاف إلى فكرة نبذ دينه وشريعته وإحلال بديل عنها في مجتمع كوني دنيوي يخضع بمجمله إلى سلطة قوانين وضعية صنعتها بنفسها لتخدم مصالحها ...... وإن سلمنا بذاك الطرح وإتبعنا سبيلهما لتكشفت لدينا صورة عن حال فرد من أتباعهما حاليآ ومستقبليآ ..... ماتريده العلمانية من مريدها في زمنه الحاضر أن يتنازل بكامل إرادته عن قوانين عقيدته الدينية ومقدساتها , ونظرآ لإن الغيبيات ركنآ أساسيآ منها فإنه فقد إيمانه بها كيوم البعث والحساب والجزاء الوارد ذكرها كلها في صلب عقيدته الدينية التي نسفها إراديآ ... وكون العلمانية والماسونية معآ أفكارآ وضعية فهما بحاجة لأدوات تنفذ طروحاتهما كسلطة تنفيذية تابعة لهما وكحاكم مطلق الصلاحية منزه عن أي محاسبة مستقبليآ تبعآ لعدم إيمانهما بسلطة الله والغيبيات التي ذكرتها , ونظرآ لطبيعة تكوينهما المادي البشري فهما حصريآ ضمن ثنائية / الخير والشر / معآ , وربما تصيب مريدها بشر جائريجعله محبطآنفسيآ ومعنويآ , مما يطفو على سطح الأهداف فكرة خفية خبيثة تتمثل في بناء إيديولوجية فكرية مرسومة بدقة هدفها النيل من مجتمعات بشرية تستهدفها بعينها , وهذا هو حال مريدها إذ تتولد في داخله هواجس همجية كنتيجة حتمية لظلم أصابه من سلطتها فيندفع ليأخذ حقوقه المادية بقوة يده أو عبر أي وسيلة تتوفر له سواء بالرشوة أو الوساطة أو العنف ليصبح بذلك عضوآ فاسدآ في مجتمعه , وهذا بحد ذاته خطرآ مدقعآ يخلق مجتمعات تحكمها عصبيات عابثة فيسري عليها صفة قانون شريعة الغاب المدمر لجمهورها .... بات واضحآ لنا أن هدفها أن يشعر مريدها بأنه محكوم لقهر سلطاتها التنفيذية ولايستطيع أن يحاسبها أو يعترض عليها بل هي في الأساس منزهة عن فكرة وجود إله يعاقبها نظرآ لعدم إيمانها نهائيآ بوجود ذاته القدسية مما يجعله يائسآ من مساءلتها حاليآ ومستقبليآ فيتوجه في فكره إراديآ للنيل من أقرانه من حوله ومجتمعه لتسود بذلك فوضوية عبثية تهلكه وتقضي على آماله وآمالهم نهائيآ.......وللتحقق من مشروعهما والتأكد من بلوغ هدفهما المشترك خلقت العلمانية والماسونية فئة إفتراضية / كمواد تجربة لتختبر خططها / تحمل سمة الدين نفسه وكتابه المقدس المعمول به في دولة/ ما / تريد إستهدافها , ثم ما لبثت أن طورت منهاج تلك الفرقة لدرجة أنها صارت ملائمة لأهدافها لتنقلها لاحقآ داخل تلك الدولة لتعمل على تحريض جماهيرها ..... وإن دققنا مليآ نجد أن تلك الفرقة الإفتراضية المرسومة مسبقآ تحمل صفة الفرقة المنبوذة إنسانيآ , وهي بعد زرعها ضمن الدولة المستهدفة تكون جزءآ منها ولكن بعد مدة تنقل موروثها الفكري المصنوع إراديآ لتصبح الدولة كلها تحت مسمى الدولة المنبوذة حضاريآ وفكريآ ...... إنها فكرة خبيثة حقآ أن تصنع طعمآ بشريآ مخادعآ لتدسه ضمن مجتمع / ما / ثم تندفع لإستئصاله جذريآ عن طريق نسف عقيدته الدينية وتحويله إلى كيان بشري تابع لها ..... إن مساحة الفكر البشري الطبيعي مقسومة لحقلين أولهما إرادي والآخر لاإرادي , ولكل منهما باب دخول يفتح على أرض مزروعة تختلف ثمارها وفق طبيعة تكوينها وجوها المحيط بها .... فثمار الحقل الإرادي مادية بحتة نضجت أفعالها من بذور إجتماعية وإقتصادية وسياسية وهي ظاهرة للعيان ولايمكن إخفاءها نهائيآ , بينما ثمار الحقل اللاإرادي نشأت من بذور تكوينية مكتسبة فنضجت بمعرفة يغلب عليها صفة الدين وبات ريعها ملكآ لغيبيات الديانة الإلهية المقدسة , ويفصل بين الحقلين حدود فاصلة يحرس سلامتها جنود الإدراك والوعي التابعين لسيطرة ثنائية الخير والشر معآ , وما تطالبنا به العلمانية والماسونية هو أن ننسف تلك الحدود الفاصلة لتكون أرض معرفتنا واحدة فقط تحمل ثمارآ من نوع وحيد هو نتاج إرادتنا, وكأنها بهذا تزرع أرض عقولنا بثمار إرادية موحدة تلغي بها وجود الدين من عقولنا , وهذا هو التعسف والإحتكار بعينه الذي سيفقدنا حريتنا إذ حرمتنا من أبسط ما نريده من حقوقنا فألغت جزءآ اساسيآ من تكويننا البشري المادي , ومن هنا تتماثل البوذية معهما فطالبت مريدها أن يؤمن بالتقمص المحدود وصفه بأن يكون مجرد تابع مقلد لمخلصه الحالي ولم تترك له حرية التفكير بغير ذلك بل وهيأته معنويآ وفكريآ بألا يفكر إطلاقآ بغير تعاليمها وإلا سيلقى عقابه مستقبليآ على يد مخلصه المستقبلي الذي هو حتميآ من سلالة مخلصه حاليآ ..... وعلى الرغم من أن التقمص ركنآ أساسيآ في البوذية إلا أنه بات منهاجآ قديمآ نظرآ لبطء سرعته نسبيآ مع عصرنا الحالي , لهذا إستبدلت التيارات الثلاث فكرة إعتمادها على التقمص وطورت مفاهيمه ليصبح مطروحآ بشكل سريع نسبيآ يحصد عقولآ بشرية أكثر عدوانية للدين تحت مسمى / إستنساخ العقول البشرية / وهذا هو الخطر القائم حولنا حاليآ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah