الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عام من الحصار
بثينة رفيع
2007 / 7 / 5الادب والفن
عندما يرتجف الغسق تكبر بقعة الخوف فيك , انظر لوجهك فيبكي النهر تبرد عاصفة النار, تترك الأوراق أغصانها ، أرى الياسمين أوطانا لا تشبهنا شوارعا رحلت من أسمائها , إنها الذاكرة التي تركها بحار قديم تعبث بالسفائن تارة وأخرى بالغروب وهي العصافير التي رحلت من أكفانها والمكان الاخر قرب الدفء وبركة الماء حيث تكبر مساحة الأبيض , وهي الذاكرة تعبث فيها غزة كطفل صغير , تلقي بأشيائها وحين تعيد ترتيبها تنسى المكان . مر عام من الحصار ولم تغادرك الدلافين البغيضة وتقاسمتك بأسلحتها شوارعا وأحياء وأشجار ، وحده المخيم يبقى في ليلك القمري حزينا عندما يغسله المطر لا يستطيع غسل أوجاعه ، شوارع مليئة بالبنادق , مكبات نفايات اتسعت حتى التخمة ، أطفال يعبثون بمحتوياتها , هنا يجثم الدخان الأسود , وهنا عربات مكدسة بالأطفال والخوف المؤجل لا تعرف كيف تخترق الحصار ، مياه تملأ الطرقات فاضت من حفرة كبيرة ومعها ذل العرب ، فصائل لم تتفق على شيء سوى كيف تقتسم بقايا وطن , ووطن ينز جروحا على طول حدوده وأولاد يذبحون ومساجد يصرخ منها أذان الفجر مقهورا أومكسورا ، فقر حتى اللوعة وحصار أوجع من حصار لينينغراد ، بندقية محشوة تنتظر القرار ، لصوص تسرق الأعين وحنين العمر في أول الرمان ولا مكان ، هي ذي غزة الآن ، تجلس خلف برميل بارود تعد أوجاعها القادمة ولا تنام . مر عام من الحصار وأنت عصية على الموت وسجونك شامخة مثل نخيلك , تختصرين المسافة بين بحرك وبرك لتضعي وردة فوق قبر أسامة وتبكين أمام قبر سلام وتنثرين في صباحهم البعيد بين الحقائب والدم الأقمار . عندما تسير في شوارع غزة تدرك أنك لا تعيش في أي مكان تجتاحك رغبة باستحضار ماركيز وتقارن بين عزلته وعزلتك تستنهض من القبر اورليانو تدفعه بعنف للجدار تستصرخه هناك رحلة أخرى لا تمت ، الآن تستحضر حقيبة المدرسة الفرح الأول والزنزانة القديمة تبكي ربما تبكي وتقف مثل الرازقي أمام كل باب ولتسأل أين نحن الآن وربما يرتفع صوتك بالنشيد بلادي البعيدة عني كقلبي بلادي القريبة مني كسجني . مر عام من الحصار وأطفالك الطيبون جوعى ينام في عيونهم يتم حزين ، قارب , نورس , رغيف خبز , حفنة تراب , وانتظار طال ، تتألمين أعلم ربما لانك تدفعين ثمن طهرك من غزاة عابرين ثقال ، بالأمس رأيت كفيك ممزقتان على سياج بيارة لم أجد لك الضماد لا تحزني فأجمل الجراح تلك التي تستعصي على الضماد . مر عام من الحصار وأنت واقفة هناك بين الشهداء وظلك وظلال البرتقال , وظلام الذين ظنوا الوطن مقبرة وخزائن مال وأني لست إنسان . مر عام من الحصار ووردك لازال أحمر , وماؤك أحلى من السكر , وعودك أخضر , وقلبك أكبر . مر عام من الحصار ومازلت تقفين بين البنفسج والغمام تحت شمسك الرائعة بين البنادق والرصاص , تصغين لقيثارة بعيدة خلفها صغار المخيم عراة , حفاة فوق قرميد على سقف محطم ينشدون , غزة لن تموت ويسقط الحصار
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شبكات| الفنانون السوريون يغيرون مواقفهم من بشار الأسد.. كيف
.. رئيس قطاع الهندسة بمدينة الإنتاج الاعلامي من مهرجان البحر ال
.. «نجم المسرح» منصة اكتشاف المواهب الفنية بقيادة «قروب مافيا س
.. فكرة جميلة علشان الجماهير تروح الملاعب وتشجيع فرق كرة القدم
.. الفنان السوري فارس الحلو: أرفض حكم العسكر