الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار الفلسطيني والفرصة الضائعة

فضيلة يوسف

2007 / 7 / 11
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


عندما فازت حماس بأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني وبدا واضحا ان الولايات المتحدة تقود حظرا دوليا كثمن مقابل لهذا النصر ،اتصلت بعدة مفكرين وكتاب في فلسطين ومعظمهم ممن يصنفون أنفسهم يساريين وطلبت منهم الوقوف مع خيار الشعب الفلسطيني وحماية الديمقراطية الفلسطينية بأي ثمن.
إحدى الفقرات في مناشدتي كانت الآتية بالضبط " هذه أول مرة في التاريخ يتم انتخاب قيادة لنا من طبقتنا الوسطى واختارها المضطهدون ،الفقراء،و المسحوقون، لم أكن مخدوعاً أن هذه الانتخابات البرلمانية تعبر عن الديمقراطية الحقيقية حيث لا ديمقراطية حقيقية تتجذر تحت الاحتلال .
وأنا اعرف تماماً أن هذا المجلس لا يمثل إلا أقلية من شعبنا غير أنه لا يمكن إنكار حقيقة ان هناك أملاً كبيراً في رؤية اللاجئين ،أبناء العائلات المقهورة، معلمي المرحلة الأساسية والعمال يأخذون حقوقهم كقادة في المجتمع.
مهما تكن الطريقة التي فسرت الولايات المتحدة بها هذا العمل، كان مهماً أن ندافع عنه بإظهار الحقائق في فلسطين كما هي وليس كما تقدمها وسائل الإعلام الرئيسة.
كان هذا استجابة لقراءتي الأولية أن حكومة حماس خسرت المعركة الإعلامية والسبب بسيط أنهم لا يمتلكون لا التجربة ولا الأرضية للوصول إلى وسائل الإعلام العالمية وإظهار أنفسهم بشكل مقنع .
وبمعرفة ذلك وإدراك الاستقطاب السياسي في فلسطين فقد تخوّفت أن المعركة الإعلامية سوف تكون (حماس ضد فتح) أو (حكومة إسلامية ضد حكومة دنيوية) وهذا ما حدث.
وكشخص يعرّف نفسه بأنه إنسان علماني لم أفسر ما يحدث في فلسطين بهذه الطريقة واعتقدت أن معظم المفكرين الفلسطينيين في المهجر(وافتخر أن أكون منهم)عندهم نفس المنطق.
واجهت الديمقراطية الصادقة محاولات إجهاض من تكتل مشئوم تجمع من عدة حكومات عالمية ، إسرائيل والفلسطينيين الفاسدين ورغم ذلك فإن الاستجابة الغاضبة يمكن تفهمها .
كان الصوت الفلسطيني فعلاً جماعياً ملحمياً يلائم هذه الإبادة فقد أصرت إدارة بوش على مشروع الشرق الأوسط الجديد وهو مشروع قديم ظهر في نهاية التسعينيات وتم تعديله. فصّلت حكومة الولايات المتحدة مشروعا خاصاً يشتمل ديمقراطية مزعومة تحافظ على مصالحها في المنطقة على المدى الطويل وتكون في موقع حامية الشعوب لعدة سنوات قادمة والآن فإن أهدافها المعلنة عن ذلك تتداعى في العراق.
وداخليا تعني الانتخابات أن الذين تم ترويعهم ستة عقود على أيدي الجيش الإسرائيلي وفي الفترة الأخيرة بواسطة إسرائيل مدعومة بفروع الأمن الفلسطينية ولورداتها ما زالوا يمتلكون القوة للدفاع والإصرار على حقوقهم لتحدي الوضع الذي يعيشون فيه.كانت الانتخابات واحدة من أهم الانتصارات الفعالة اللاعنفية حققها الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى الانتفاضة الأولى عام 1987 .
بدت قيادة الحركة بعد الانتخابات على انسجام مع معايير الديمقراطية والمجتمع المدني وبسرعة دعت جميع الفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة وحدة وطنية
رفضت فتح ذلك ولا مجال للاستغراب هنا لكن لماذا ما يدعى باليسار رفض الانضمام لهذه الحكومة رغم افتقادهم للشعبية بين الفلسطينيين، مثل هذا الفعل كان يمكن أن يخدم الديمقراطية الفلسطينية بعدة طرق وليست طريقة واحدة.
في الأسابيع والأشهر الأولى التي تلت وجود حماس وحدها في القمة في آذار 2006 بدأنا نرى المفكرين الفلسطينيين المحترمين يدلون بتعليقات مزعجة في وسائل الإعلام يهاجمون فيها حماس كجسم غريب تم تصديره من طهران وبفعالية يؤيدون الحظر الدولي،وفي عدة مرات شاركت هؤلاء في منتديات دولية بعضهم يطرح الاشتراكية ومتحمس لمحاربة الامبريالية،والحاجة إلى تفعيل المجتمع الدولي في محاربة الظلم وهلم جراً. انتصار حماس كشف بالفعل الهوة بين الكلمات والأفعال بين الأولويات الوطنية والايدولوجيا .
عندما دخلت حماس في جولات المحادثات مع الفصائل الاشتراكية الفلسطينية كنت متأكداً أن هذه الفصائل سوف تقدّر التحدّي وتقبل المشاركة في حكومة وحدة وطنية حتى لو كانت المشاركة مع فصيل ديني يختلف معها في المبادئ،فكرت ان الوضع خطير جداً لبرامج الأحزاب للبقاء بعيداً لقد كنت مخطئاً .
بعد المقاومة المسلحة في غزة في السبعينات التي قادتها جزئياً التيارات اليسارية لم يكن هناك تأثير لهذه التيارات على الشعب الفلسطيني ورغم أن بعض هذه الفصائل قد وقفت مبدئيا ضد اتفاقيات اوسلو،لكنها بقيت محدودة في مجالس الطلبة في الجامعات ومعزولة في مراكز حضرية فنانين وأكاديميين ومفكرين من الطبقة الوسطى وأحياناً العليا.والأمر العجيب أن حماس بالتعريف الإجرائي أقرب إلى المبادئ الاشتراكية من المفكرين الاشتراكيين في المدن.وبالدفاع عن حماس والإرادة الديمقراطية الفلسطينية أشعر أنني أنحرف عن مبادئي .
رسالتي لليسار الفلسطيني لم تلق استجابة ،بينما أثمرت اتصالاتي مع التقدميين في الغرب بشكل أفضل.
وتصاعد الآن هذا الانقسام بين فتح وحماس وتصاعد لانقسام جغرافي تقريباً وتم الابتعاد عن الأهداف الوطنية الفلسطينية ، وما زال العديد من اليساريين يرددون كالببغاوات أقوال الآخرين وما زالوا يحاربون من أجل الظهور على BBC وتقديم الطلبات لحماس لتفعل كذا وكذا ويستخدمون مصطلحات مثل ( انقلاب على الديمقراطية الفلسطينية ).
لم يبادر أي يساري فلسطيني، واستمروا في وضعهم كسماسرة ،مرتبكين مثل حكيم في محيط من الأغبياء ،هذا هو التعريف الدقيق لمفكري النخبة ،لقد خسروا الفرصة الوحيدة ليكونوا شيئاً مهماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكي مدان بسوء السياقة ورخصته مسحوبة يشارك في جلسة محاكمته


.. ثوابيت مجهولة عند سفح برج إيفل في باريس • فرانس 24




.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. ولي العهد الكويتي يؤدي اليمين الدستورية نائبا للأمير | #مراس




.. تواصل وتيرة المعارك المحتدمة بين إسرائيل وحزب الله