الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماري تريز عبد المسيح: المثقفون هم بروليتاريا العصر الحديث

نائل الطوخي

2007 / 7 / 12
المجتمع المدني


"مشكلتنا أننا نسينا كل تاريخنا المتلاحم مع العالم الثالث. وركزنا فقط على وضعنا المنفصل عن العالم". هكذا بدأت الدكتورة ماري تيريز عبد المسيح ندوتها التي عقدت في ميريت مؤخرا لمناقشة كتابها "الثقافة القومية بين العالمية والعولمة". الالتحام بالعالم الثالث، كأساس للنهضة العربية، كان هو الجزء الأساسي من الندوة، والتي تحدثت فيها الكاتبة عن كتابها وكونها انطلقت فيه من مفهوم ما بعد الكولونيالية والذي أنتجه مفكرو العالم الثالث، والهند بالتحديد، المتحررون حديثا من الاستعمار.
"بعد أن تفاعلوا مع استشراق إدوار سعيد وجدوا أنه من الضروري تأسيس خطاب جديد مناهض للإمبريالية. تشابه خطاب ما بعد الكولونيالية في بعض العناصر مع التيار الذي ظهر في نفس الوقت، أي ما بعد الحداثة، والتي تعاطف منتجوها، الفرنسيون من أصول جزائرية، مع الجزائريين، واستطاعوا عن طريقها التعرف على خطاب الهيمنة الفرنسي. أدى هذا في النهاية إلى يكتب دريدا مثلا ضد مركزية وهيمنة اللغة."
من السياسة بمعناها المباشر إلى اللغة. انتقلت ماري تيريز إلى علاقتنا كعرب باللغة على خلفية فلسفية واضحة: "في المفهوم القديم كانت الترجمة تعتمد على نقل الكلام من لغة أصل إلى لغة هدف، هذا المفهوم كان قائما على فكرة أصلية الكلمة، كأن الكلمة وجدت قبل الوعي. أما نيتشه فقد كان أول من رفض الحقيقة المطلقة حين قال إن الكلمة تتكون عبر الإحساس ثم ترتسم على هيئة صورة في الذهن وتصبح كلمة ثم مفهوما." أضافت ماري: "طالما ليست هناك كلمة أو لغة أصل فالترجمة ليست محاولة لنقل لغة لأخرى، وبالتالي فاللغات كلها تكمل وتضيف إلى بعضها. بهذا المعنى فالترجمة هي فعلا طريقنا إلى العالمية، أي الالتحام بالعالم".
انتقلت ماري تريز إلى المعرفة ودور صانعيها في العالم الحديث: " شئنا أم أبينا فنحن داخل منظومة العولمة، وداخل اقتصاد السوق، والذي لا يمكن محاربته عبر استخدام الشعارات. لابد أن نعمل على المستوى المعرفي. الآن العالم يقاس على حسب من ينتج المعرفة وليس مَن تراثه ولغته أفضل." أشارت ماري تريز إلى المفهوم الجديد لكلمة العمل، حيث بدلا من طبقة العمال في الفكر اليساري التقليدي والتي يناط بها إحداث التغيير، فالتغيير الآن يقع على عاتق المثقفين بوصفهم منتجين للمعرفة: "مشكلتنا كعاملين في حقل الإنسانيات أننا مهمشون. فلا نحن جزء من صناعة الترفيه ولا من صناعة العلوم "الجادة". وبهذه النظرية يصبح عملنا داخلا تحت بند الإنتاج".
انتقلت ماري تريز إلى المقارنة بين التكنولوجيا والثقافة: "لولا الدراسات اللغوية لم يكن الكمبيوتر ليقوم لأنه قائم على اللغة. عالم الكمبيوتر عليه أن يكون لغويا. نبيل علي، أول من أدخل اللغة العربية إلى نظام الكمبيوتر، هو لغوي في الأساس". ثم تحدثت عن التقريب بين عالمي الكتابة والصورة، وهي المقارنة التي عملت عليها كثيرا في الكتاب: "معظم المثقفين عندنا مهتمون بالأدب ويجهلون كل شيء عن الفن التشكيلي. لا تقف خلف الفنان التشكيلي مؤسسة تقوم بتشجيعه. نحن نرى الردة التي أصابت كلية الفنون الجميلة، ونتيجة لها فالهزة التي تعرضت لها هوية طلبة الفنون الجميلة أكبر بكثير من الهزة التي أصابت أيا من المثقفين الآخرين." أضافت عبد المسيح: "نفتقد أيضا إلى النقد التشكيلي. النقد هو ما جعل من بيكاسو بيكاسو. نحن لا نتفاعل مع ما يكتب عن الفنون في العالم أجمع، ولا أعني بالعالم هنا الغرب فقط."
هنا تدخل الكاتب شحاتة العريان معلقا على هذا الاتهام للمثقفين بعدم الاهتمام بالفن التشكيلي: "أعتقد أن هذا اتهام غير دقيق. نحن نتابع المعارض التشكيلية ونستمتع بها. ولكن المشكلة أن بعض الفنانين يأخذون شرعيتهم من الخارج فعلا." وهو ما دفع ماري تريز للرد عليه قائلا: "لا أقصد التعميم. هناك محاولات ولكنها فردية وغير كافية."
الإرادة كانت موضوعا آخر من موضعات الندوة. تساءل الكاتب حمدي الجزار إن كان عنصر توافر الإرادة السياسية هو أساس التنمية فردت عليه: "الارادة تتطلب وعيا. لو عندك إرادة وليس عندك وعي فأول شيء ستفعله هو محاربة من حولك، ثم ستخسر كل جيشك في ليلة. محمد علي كان يملك إرادة ولكنه لا يملك وعيا. وفي النهاية لم يسع لتطوير اسرته والتي كانت كلها من الجواري. رفاعة الطهطاوي هو تناقض غريب في حالته. أرسله محمد علي ليعلم المصريين المبعوثين ويؤمهم للصلاة، ومن كان مفترضا به أن يؤمهم للصلاة هو من قام بالتنمية الحديثة كلها في مصر."
وفي سؤال آخر عن أسباب انغلاق اليسار العربي وانفصاله عن سائر قوى اليسار في العالم أجابت: "عائق اللغة عائق كبير جدا. عندما كان المثقفون يتنقلون بين اللغات، كان اليسار المصري متلاحما مع اليسار العالمي. انغلاقنا كان بسبب إهمال الترجمة واهمال تدريس اللغة الاجنبية في الستينيات باعتبارها لغة المستعمر. انا شخصيا عندما كان احد ما يحدثني بلغة اجنبية في المدرسة كنت أتذمر وأرفض الرد عليه باعتبارها ليست لغتي. كان هذا هو المفهوم السائد وقتها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في تونس لإجلاء الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين


.. مصدر مصري رفيع المستوى: أحد بنود مقترح الاتفاق يتضمن عودة ال




.. الاحتجاجات تتصاعد.. الاعتقالات في أميركا تتجاوز ألفي طالب


.. شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل




.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال