الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكونات العراق سياسية وليست طائفية او قومية

رزاق عبود

2007 / 7 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بصراحة ابن عبود
يصر زعماء الطوائف، وزعماء الاكراد، وزعماء الادارة الامريكية، ومن لف لفهم، وتغطى بعبائتهم على الحديث عن مكونات العراق الطائفية، والقومية، ويحصرونها بالسنة، والشيعة، والاكراد. ويقصدون طبعا تقسيم العراق الى كانتونات طائفية، وعرقية ليسهل تمزيقه وهدفهم بالاساس تقاسم السلطة، والجاه، والمال، والمناصب، والعوائد، والارباح، والنفوذ، والقصور، والاراضي، والبساتين، والسفرات، والايفادات، وحتى الزوجات. ولو سلمنا على مضض، ان هذه هي مكونات العراق فاين التركمان ثالث قومية في العراق، واين المسيحيين، والصابئة، والايزيدية، والشبك؟ حتى لوفرض على الاخيرين ان يكونوا اكرادا، كما فرض على المسيحيين ان يكونوا كردستانيين وهم اشوريين، وكلدان، وسريان، وارمن. فهم ايضا طوائف، وملل، واثنيات مختلفة. طبعا هذه السياسة القديمة الجديدة في فرق تسد استعملها الانكليز في كل مكان، وعادوا ليستخدموها مع حلفائهم الامريكيين والمحليين في العراق. و"الزعماء" يتحدثون طبعا عن الشيعة، والسنة، والاكراد، وكأن كل منها شريحة منسجمة. في حين اثبتت المظاهرات، والمداهمات، والاغتيالات، والحروب الاعلامية والعسكرية، وتعدد المنظمات، والاحزاب، والتجمعات، والتكتلات، والجبهات، والصحف، والاذاعات، والفضائيات، والمجالس، ان الامر ليس صحيحا. فهناك في كل شريحة عمال، وفلاحين، وطلبة، وشغيلة، وكسبة، اساتذة، واميين، نساء، ورجال شباب، وشياب، كبار وصغار، كفار ومؤمنين، عاملين وعاطلين عن العمل، معوقين واصحاء، ابناء شهداء وابناء لصوص. فمن ياترى يمثل الحكيم؟ ومن ياترى يمثل جلال او مسعود؟ ومن يمثل السنة؟ واي عشائر تسندهم؟ والسنة والشيعة ليسوا فقط عربا. مثلما هو حال الاكراد فليس كلهم سنه، ولا كلهم شيعة. ونفس الامر ينطبق على التركمان.

العراق يا سادتي مكوناته سياسية، وليست طائفية، او قومية. نحن لسنا في درس جغرافية لنعدد انواع السكان، والاديان، والطوائف، ونوع الملابس، وشكل العقال، او السروال في العراق. منذ ان وعينا، ونحن نسمع: شيوعي، بعثي، قومي، يساري، يميني، ملكي، جمهوري، متطرف، معتدل، متحزب، مستقل، رجعي، تقدمي، ديمقراطي، استبدادي، وهكذا. وكل فئة يتوزعها تصانيف مختلفة. اما ان تقسموا العراق على ثلاثة جيوب جانبية جيب سني، وجيب شيعي، وجيب الصدر كردي. فهذا عيب، ومجافي، ومنافي للواقع. لو اخذنا الشيعة، او السنة كل على حده لوجدناهم مذاهب، ومرجعيات متعدة، وانتماءات سياسية مختلفة، وعشائر متنوعة، ودرجات اجتماعية متفاوتة. والاكراد لا يختلفون عنهم ففيهم الشيوعي والبعثي السابق (جحوش) وفيهم اليساري، واليميني، الشريف، والحرامي، والاسلامي، والعلماني. وفيهم الاشتراكي، وفيهم الشوفيني، والقومي المتعصب، وفيهم الكوسموبوليتي. أي كأي مجموعة بشرية اخرى في الكون. وكما قلنا شهدت مناطق الشيعة، مثل مناطق السنه، مثل مناطق الاكراد حروب، وقتال، وسلب، ونهب، واختطاف، ولا زالت تشهد. وكل هذا وذاك بسبب انه لايمكن ان يكون الجميع في خانة واحدة. ومظاهرات مدن السليمانية، واربيل، وحلبجة، والبصرة، والنجف، وكربلاء، والكوت، والعمارة، والثورة، وغيرها تثبت ان الشيعة او الاكراد ليسوا حزمة واحدة. وصحوة الانبار، او نهضة ديالى، او غيرها تثبت ايضا ان السنة ليسوا موحدين في كل شئ وليس لاي من هذه المجموعات زعيم واحد متفق عليه.

ان نظام المحاصصة دمر العراق بعد الاحتلال واستقدم له احتلال اخر. وان من يركبون موجته ويؤججون حربه لا تهمهم مصلحة الشيعة، او السنة، او الاكراد. بل مصالحهم الشخصية ومصلحة الزمر الملتفة حولهم، وشواهد التاريخ واضحة، والاربع سنوات من حكم المحاصصة كشفت ما يحتاج في ظروف اخرى الى عشرات السنين لكشفه. او كما يقول الاوربيون ما يخفيه الثلج تكشفه الشمس. لو ان مجلس الحكم تشكل على اساس حزبي، وان الانتخابات جرت على اساس حزبي، والعملية السياسية جرت على اساس حزبي، والحكومات تشكلت على اساس حزبي لما وجدنا انفسنا نخرج من نفق لندخل في نفق اخر. ولا زلنا مدفونين في خنادق المحاصصة الطائفية. ان الاقرار بوجود احزاب متعددة للشيعة، واحزاب متعددة للسنة، واحزاب متعددة للاكراد. بل حتى المجموعات الاثنية، او الطائفية، او القومية الصغيرة تتقاسمها احزاب، ومنظمات عديدة. فعليكم الاقرار اذن ان هناك مصالح، وافكار، وتطلعات مختلفة داخل اتباع كل طائفة، او دين، او قومية. فلماذا لاننتخب الناس على اساس برامج احزابهم، وليس بسبب انتمائاتهم القومية، او الطائفية، او الدينية؟

مهما طال الزمن، ومهما تفرعت الخنادق، وتعمقت الانفاق فان الاحزاب، او الجبهات، او التجمعات، حتى الدينية منها، ذات الطابع العراقي العام الذي يتجاوز ويتخطى الحدود الدينية، والطائفية، والقومية، والمناطقية، والعشائرية هي الاحزاب ذات المستقبل في العراق. وهي التي ستقوده الى بر الامان، ونعود لنسمي انفسنا عراقيين، وليس سنه، او شيعة، او اكراد. عندما يكون لنا برلمان واحد، ورئيس واحد، وحكومة اغلبية واحدة، ووزارات وطنية يقودها، ويدخلها، ويعمل فيها الجميع مثلما كان سائدا حتى في عهد الديكتاتورية البغيضية، او الحكم الملكي العميل. كان الشعور الوطني موحدنا. اختلفنا سياسيا، بل تقاتلنا لكننا لم نختلف على الانتماء الى الوطن بل اضطرت الديكتاتورية الى تسمية المعارضين لها بالعملاء كما اطلق على الحزب الشيوعي العراقي، وحزب الدعوة، او كما سميت الحركة الكردية بالجيب العميل. وكما اسقطت الحكومات الملكية الجنسية العراقية عن المعارضين، واسقطها صدام عن الاكراد الفيلية، وبعض الشخصيات الوطنية كالجواهري الكبير. فبماذا تختلفون عن نوري السعيد، او صدام حسين، وقد اتهمتم كل من وقف ضد الطائفية، وتقسيم العراق، والعراقيين بالتامر، والعمالة، واسقطتم عنه هويته الوطنية. لكن المثل يقول المجرم اول من يلقي الناس بحجر .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. لماذا يرفض اليهود الحريديم الخدمة العسكرية؟