الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية العلاقة بين الحكومة والمواطن

يحيى الشيخ زامل

2007 / 7 / 21
المجتمع المدني


بين الحكومة والمواطن علاقة طولية تمتد إلى بناء الإنسان الأول ونشوء أول قيادة تاريخية تحكم الأرض أو جزء منه ، كما أن عملية ممارسة الحكم ليست باليسيرة لما تصاحبها من نوازع إنسانية متباينة ، لما يراه كل واحد منا أنه أحق بالحكم ، بغض النظر عن أهليتنا وكفاءتنا وما نمثل من مجموعة بشرية وقيادتنا لها نحو الأمن والسلام .
والحكومة كما يراها المراقبون ( أبو الشعب الشرعي ) والمخول لرعاية أموره السياسية والاقتصادية والخدماتية ، ولا تكون الحضارات والأمم ولا تنمو الشعوب بدون حكومات ترعى مصالحها وتنظم حياتها ، كما أن في غيابها سيادة للغة القوة والعنف .
وكما يقول الشاعر : لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** ولا سراة أن جهّالم سادوا .
وفي ظل الظروف التي تمر بها بلادنا وتدعايات الموقف السياسي الحرج لحجم المؤامرات التي تحاك ضدها من قبل قوى الشر والظلام ، دعا السيد نورى المالكي أمين حزب الدعوة الإسلامية ورئيس الوزراء مؤخراً إلى : ( أن الحفاظ على الأمن هو مسؤولية تضامنية تشارك فيها الحكومة مع الكتل السياسية بالتعاون مع المواطنين جميعاً ، وأن التفريط بهذا الواجب مدعاة إلى إدخال البلاد نفقاً من التشتت والتمزق والضياع ).
وتصب هذه الدعوة إلى المشاركة التفاعلية بين الحكومة والكتل السياسية المشاركة في الحكومة وضرورة تعاون المواطن معها ، وتقوية أواصر العلاقة بينهما لإنقاذ البلاد من التمزق الطائفي والأثني الذي بدأ يستشري في البلاد بعد الإطاحة بالحكومة السابقة التي قتلت روح المواطنة في نفوس العراقيين .
وهي دعوة واضحة وصريحة لكل مكونات الشعب من نخب وكوادر سياسية واجتماعية ودينية ومواطنين على العموم ، لرأب الصدع الذي أحدثه الفراغ الأمني للسقوط السريع وغير المتوقع للنظام البعثي الذي فقد بظلمه واستبداده البعد الجماهيري والقاعدة الشعبية له ، فخلف إرباكا أمنياً نشطت فيه العصابات الإجرامية التابعة لدول الجوار خوفاً على كراسيهم المتهالكة من التدحرج في مهب الريح كما حدث للحكومة السابقة .
كما أن المراقب لكل الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق يرى أنها جاءت نتيجة للانقلابات العسكرية وأن سمّت نفسها بالثورة لتجميل صورتها البشعة ، ولكن الحكومات الحقيقة هي التي تأتي نتيجة الأنتخبات الحرة والنزيهة ، لا التي تأتي بالاستفتاءات ذات النسبة ( 99.9 % ) والتي يعجز الحصول عليها حتى الأنبياء والرسل (عليهم السلام ) فكيف بأي إنسان وصل إلى الحكم بغفلة من الزمن لينصب نفسه حاكماً أبدياً ليعدم أبناء شعبه في الزنازين السرية والعلنية تحت يافطة التآمر وخيانة الوطن ...... نعم خيانة الوطن فكم باسم الوطن ما حدثت من جرائم ، وما صفيّ من خصوم ، وما أبيدت من شعوب وأمم ، وباسم الوطن وباسم الشعب حكموا البلاد بالسجن المؤبد على الرئيس الذي نصبته السماء حاكما وراعيا حفيد النبي الخاتم (ص)الذي بُشّر به في كل الكتب السماوية والمخطوطات الأثرية، ووريث كل الحضارات التاريخية لبابل وسومر وأكد .
ولعل هذه الصناعة السياسية المزيفة للحاكم هي من أبرز العوامل التي سارعت بإسقاط النظام السابق ، للشرخ الكبير الذي أحدثته عبر عقود من الظلم والاضطهاد ، ليتخلل معيار الوطن والمواطنة لدى الشارع العراقي من خلال ذلك .
ولكن بعد الأنتقالة التاريخية في مسار الحياة السياسية للعراق أصبح من الضروري الألتفات إلى بعث روح المواطنة وحب الوطن ، وإعادة بناء النسيج لذلك الحب ، الذي يعد في الدين الإسلامي من الإيمان ، وحب الوطن والانتماء له ليس فقط من الإيمان، بل من الفطرة السليمة، التي جبل عليها الإنسان...... بل الأحياء عموما ، والمواطنة والوطن كلمتان كبيرتان، تلتصقان بالإنسان منذ مولده، لأنه بالفعل ولد مواطنا، وينتمي إلى وطن، والوطن ليس قطعة ارض نقيم عليها ولكنه تاريخ، وروابط اجتماعية، ومعنوية، ومادية تشدنا إلى مكان ما وتجعلنا على استعداد للدفاع عنه بكل ما نستطيع من قوة .
ويبقى دور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والجهات الحكومية والسياسية المعنية بتنمية أو إضعاف روح المواطنة والانتماء داخل المواطن ، ولعل هذه الدعوة الأخيرة من رئيس الوزراء هي من أهم البوادر لإذكاء الروح العراقية الأصيلة بوجوب حب الوطن الذي يستحق منا كل الحب والتضحيات، وضرورة تعزيز مفاهيم الانتماء والمواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال العلاقة الجدية والمثمرة ، ضمن منظور تربوي وحياتي شامل ، انطلاقا من انتمائنا العربي والإسلامي وهويتنا الحضارية وانفتاحنا على العالم والتعاون من اجل الخير والسلام، وعلى الولاء الكامل للعراق والالتزام بالنظام البرلماني و الدستوري الديمقراطي، ونبذ العنف والتعصب، مع اعتماد العقلانية في تحليل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و إلى ضرورة التنشئة على الوعي بالمسئولية الاجتماعية وتقديرها والحرص على أداء الواجب واحترام قيم العمل المنتج والرأي الآخر .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط