الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.-في تحليل السلوك الإرهابي: - العنف الفردي بين الدين والعلم

خالد ديمال

2007 / 7 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إذا كان الإنسان نوع عضوي ( بيولوجي) ينتمي إلى عالم الأحياء ، فإنه أيضا كائن سوسيولوجي ، نزاع للإجتماع بطبعه ، كميزة أساس فيه ، بوعي، أو من دون وعي أحيانا..
ولا يمكن استثناء عامل الإدراك كمؤشر حافز على التماسك والشدة ، باستثمار من الذاكرة القائمة بدور الموازن بين العقل والجسد ، بارتباط ومراحل التطور العمري بخاصة، تشكل فيه مرحلة الطفولة نقطة ارتكاز التكوين الذهني، وفي مقابلها أحكام القيمة حول الذات أولا ، ثم المؤثرات الخارجية ، ومنها المحيط الإجتماعي.
وإذا كانت الطفولة هي ما يتحقق منها، كمرحلة التشكل البعدي لملكات الإدراك حتى في شكلها البسيط، فإن مجموع الديناميات الأخرى الإجتماعية، تسلك نفس المنحى تقريبا،وإن بشكل متغير،"تتحقق فيه الطفرة كدينامية للتحفيز"،فإن العامل النفسي يلعب هوالآخر دورا كبيرا في هذه العملية، والمرتبط أساسا بشحنة العواطف الذاتية المفرزة عبر كيمياء الدماغ والجهاز العصبي كموجه للسلوك، من خلال التأثير والتأثر ، خاصة إذا اعتبرنا أن تبدل أنواع السلوكات المحرزة،هي محصلة لمجموعة من العوامل البيو/ سوسيولوجية..
إن البوادر الأولى التي يتشكل منها الإنحراف ، خاصة الإفراز الميال إلى العنف ، هي محصلة اختلال في النفسية ، تحت طائلة غياب التوجيه المركزي المرتبط بالمنهج التربوي أساسا، والذي يعني الضرب بالممنوع الإجتماعي عرض الحائط، كدليل قبول بالمجازفة، وعدم الإكتراث بالقيم الإجتماعية، بل وتحلل من سلطة الضبط المجتمعي.
هنا، في تحليل السلوك العنفي ، لن أتحدث عن الصراع الطبقي ، كصراع أساسي، وعن الوعي الطبقي، بل عما نعتته الماركسية بالصراع الثانوي، وهو صراع موجود في البنية الإجتماعية ، كسلوك ممارس بقوة الدوافع في محيط اجتماعي معين، لكن ميزته الأساس أنه عنف ممارس بقوة الأفراد، يقحم حتى الرمزي منه، باستعمالات متعددة،غالبا ما تتحدد في آليتين ، اللغة أولا، كسلطة تواصلية مطلقة القوة والتأثير، ثم أسلوب المخاطبة الإيمائي، ولو كان غامضا أحيانا، وبأكثر من دافع، إما لإبراز الذات، وإظهار الشخصية، أو االتحسيس بالوجود، وربما تكون دوافعا أخرى غير هاته أو تلك، كالإنتقام ورد الإعتبار، أو دوافعا لا تفسير لها سوى أنها حمولة مرضية متراكبة عبر المراحل العمرية المختلفة..
وتوصيف الواقع الإجتماعي، وتحليله في الجوهر، ربما يكونان أدوات العلاج ، ففي التعبير النفسي، تحضرنا المقولة التالية:" أن تعرف المرض، وتشخصه ، فذلك نصف العلاج، وباقي العلاج هوإرادتك".
ودون مداورات قيمية أخرى، قد تنصرف هي الأخرى سلوكا اجتماعيا، فبالإمكان لتقريب المعنى أكثر في تفكيك المضمون الداخلي لمفهوم العنف، وضع رموز التخاطب تحت المجهر، والبحث في الظواهر، حتى الشاذة منها، والتي تبعث على طرح التساؤل الآتي : "هل الدين كابح للسلوك العنفي، خاصة في المجتمعات التي تعتبر الدين كل شيء في تفسير الظواهر ،وشرحها، حتى الإجتماعية؟..أم على العكس من ذلك ، هو الدافع إليها ، من خلال تسييد السلوك العنفي ، والدعوة إليه؟"..
أسئلة لابد من طرحها ، خاصة وأن النسق الإجتماعي الذي يميز سلوك البشر، وبمقياسين متناقضين ، البناء ومضاده الهدم، وبمنحيين متباعدين ،الخير في مقابل الشر، يبقى داخلا في المنظومة الدينية ، بمنطق مغاير للتفسير الطبقي في الصراع الإجتماعي ، هي عبارة عن تبريرات مستخلصة من تبعات الجنوح الفردي ، خصوصا وأن التوصيف يقتصر على استخلاص نتائج العنف ، دون الحديث في الأسباب ، وذلك من خلال اعتبار الشر من النفس ، بينما الخير من الله "من عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساء فعليها ، وما ربك بظلام للعبيد". كذلك "إن النفس لأمارة بالسوء، إلا من رحم ربي"..وفي قول آخر "....إنه كان ظلوما جهولا.."ويقصد به الإنسان...وفي آية أخرى " أتنزل فيها من يفسد فيها، ويسفك الدماء"..
إذن ،هي صورة غير واضحة لنفس غاضبة ومندفعة دون رقيب ،لا تردعها إلا قوة الإرادة، وهي في عمومها عصارة التعبير الديني الذي يجمل الحياة في خلاصة واحدة"كل شيء مسطر من الله ، حتى الهفوات والنقائص"، بمعنى أن الحياة قضاء وقدر ، ومعطى النزوع بالتالي نحو التدمير والتحطيم لا يخرج عن هذا السياق ،أي ذلك السلوك الداخل في التركيب الفطري في الإنسان.
لكن ، هل الأمور تبقى عند هذا الحد ، بخاصة عند اعتماد التفسير المادي للظواهر الإجتماعية؟..
إن تحليل السلوك العنفي يتطور عندما نقف عند الأسباب الدافعة إليه، وبالضبط لما نجد أن الشخص العنيف هو مجرد صورة ضبابية لإنسان محروم ، مغضوب عليه ، ناقم ، منحدر من أحد الأحياء الهامشية، وبصورة أوضح، حالة نفسية تعرض صاحبها للعزل ، ومختلف أشكال التمييز الإجتماعيين ، لدرجة إحساسه بالضيق المؤدي إلى الإحباط، وبالتالي عدم الإستقرار النسبي ، هذا دون أن ننسى الحوافز الأخرى ، والمتعلقة أساسا بدرجات النجاح والفشل في الحياة، مضافا إليها إفرازات المحيط الإجتماعي والوضع الأسري،درجات التحصيل العلمي/والمعرفي،وعي الأسرة ودورها في التوجيهه، خاصة وأن انحراف السلوك غالبا ما يكون له ارتباط بأسلوب التربية.
إذن ، انتهاج السلوك العنفي ، المادي/أو الرمزي، هو بحث في إبراز مكامن القوة في الشخصية في المستوى الخارجي، وبالضبط في العلاقات الإجتماعية كرد فعل مضاد لحالات الغياب والإحباط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح