الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصب سلوك متطرف يقصي العقل ويغيب الحوار الهادئ

خالد ديمال

2007 / 7 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد أصبحنا مجتمعيا أمام مصطلح تداولي للحس العام، يتم ترويحه في الغالب بكيفية قدحية ، وبأحكام قيمة سلبية، تصنيفية، نمطية في اتجاه الآخر:" العصبي أو المتعصب"، ورغم أن هذا الإصطلاح ذو مضمون اجتماعي في الإستعمال العامي خاصة، فإن هناك استعمالا نفسيا – يمر في الخطاب التداولي ( الإجتماعي) - عبر شخصنة وتصنيف الآخر بكونه" عصبي أو متعصب" ، وهو مؤشر يوحي بأن هناك تعصبا في المواقف والآراء والقناعات والسلوكيات، وبالضبط تلك المرتبطة بموضوع ما ، والتي من خلالها نستحضر مؤشرات الحدة والتكرارية والإستمرارية لهذه المواقف والتصرفات وردود الفعل التعصبية داخل الزمان والمكان.
إننا سيكولوجيا أمام أشخاص يعانون من الشعور بالنقص، وعدم الثقة في النفس، وفي كفاءاتهم التحاورية، والحجاجية ، والإقناعية، شديدي الحساسية والإندفاعية والمزاجية، أي أننا نكون أمام أشخاص يفتقدون القدرة على التنظيم والتدبير الذاتي والوجداني والمعرفي ، وفي القدرة على ضبط الذات ، مما يجعلهم سريعي التوتر والإنفعالية، ويفتقدون القدرة على التفكير والحوار والنقاش المرن والمفتوح داخل الزمان، والقدرة على التفاعل إيجابيا مع مستجدات الواقع وتقبل الإختلاف في الرأي وتعدديته.
كما أن التعصب كسلوك مجتمعي وتواصلي، وكسمة سائدة لدى شخص ما على مستوى التفاعلات الإجتماعية ، عادة ما يشير إلى شخص يفتقد إلى آليات حسن التواصل والتصرف في المواقف والأوضاع الإجتماعية المختلفة،الشيء الذي يفسر عدم النضج الإجتماعي على مستوى التفاعلات والتبادلات وأسلوب التواصل والحوار المتميزة بالتعصب والمزاجية، فنكون أمام سلوك انحرافي عن المألوف والمتعارف عليه والمرغوب فيه علائقيا وتواصليا.
إذن التعصب كسلوك هو سمة وآلية نفسانية تعويضية ودفاعية لمشاعر عدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص والنزعة إلى الإنغلاق على الذات والتمركز حولها، بمواقف إستراتيجية دفاعية غالبا ما تأخذ شكل الإنفعالية والإندفاعية والهجوم على الآخر والرغبة في إقصائه.
كما أن المقاربة الإجتماعية التواصلية تحيلنا، في سلوك التعصب، إلى مواقف وأساليب التواصل والهوية المغلقة واليقينية المطلقة والمواقف والقناعات والحقيقة غير القابلة للنقاش والحوار والإختلاف والإجتهاد والتجديد.
كما أن كبح حرية التفكير والتعبير وإبداء الرأي، وتغييب أسلوب ومنهجية الحوار والحجج والإقناع والإقتناع داخل الوسط الأسري ، من خلال هيمنة أسلوب سلطوي واستبدادي، يؤدي إلى غياب الثقة بالنفس لدى الطفل ، وإلى غياب الفكر والتفكير التعددي ومرونة الأنساق الذهنية،لأن من سلبيات العقلية والثقافة الأسرية والسلطوية ، الإستبدادية في الأسلوب والتدبير والقرار، عبر قيمها ومعاملاتها وتعاليمها المغلقة وممارساتها وغلظتها، التي تنبذ أو تغيب قيم وممارسات إبداء الرأي والحوار والإنصات المتبادل ومنهجية الحجج والإقناع والإقتناع.
وهذه كلها مشاعر ومواقف وسلوكيات وانتماءات يمكن أن نصفها بالمتطرفة،أي الفاقدة لكل مرونة واعتدال وانفتاح وتفاعل إيجابي مع الآخرين ، فهذا التعصب والتطرف من شأنهما أن يدرجانا داخل دينامية سالبة تبعدنا عن عقلية وثقافة وممارسات المجتمع الديمقراطي المفتوح والمتحاور والمتحاجج والمتساكن بهويته الوطنية المشتركة وبخصوصياته وروافده المتعددة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال