الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أستاذ الجامعة الذى لا يعرفونه

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2007 / 7 / 25
التربية والتعليم والبحث العلمي


نهدف جميعا إلى إصلاح التعليم بكل مستوياته وبدون التعليم تتخلف الأمم عن ركب الحضارة ولا تحتل مكانتها بين الأمم. ولا يمكن بأى حال من الأحوال إصلاح أو تطوير التعليم دون النظر إلى القائمين على شئونه ودراسة الظروف التى يعملون فى ظلها. لقد أدركت الحكومة مؤخرا أن المعلمين فى المدارس الحكومية فى حاجة إلى تحسين مستوى معيشتهم ورفع مرتباتهم حتى يتفرغوا للتدريس. ولم ينس المسئولون الإشارة إلى أهمية الجامعات فى تطوير التعليم والتأكيد على أن أساتذة الجامعات يقودون قاطرة التعليم حيث يتخرج على أيديهم كافة كوادر المجتمع من معلمين وأطباء ومهندسين وقضاة بيد أن أحدا لم يلتفت إلى ضرورة توفير المناخ الملائم لتحقيق التطوير المنشود ولم يلتفت أحد إلى تلك الظروف والمعوقات التى تحاصر الأساتذة وتقوض جهودهم نحو إصلاح مسيرة التعليم فى بلادنا، وهى بلا شك ظروف تدفع إلى الإحباط واليأس وتبدد كل الآمال نحو مجتمع أفضل.

والجديرة بالإشارة أن بعض الكتاب والإعلاميين يتسابقون فى خلق صورة سيئة عن أستاذ الجامعة حيث نقرأ بين الفينة والفينة فى الصحف القومية أو المستقلة أن أستاذ الجامعة ما إلا رجل انتهازى يستغل طلابه أسوأ استغلال ليحصل على اكبر قدر من حصيلة بيع الكتب ويسخر طلاب الدراسات العليا والمعيدين لتحقيق أهدافه الخاصة ويعمل لتعيين أبنائه فى الجامعة بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة. وهذه الصورة النمطية لأستاذ الجامعة باتت سائدة فى وسائل الإعلام وزاد حجمها لتطغى على الصورة الحقيقية التى قد لا يعرفها— أو لا يريد أن يعرفها— مروجو الإشاعات من ذوى الذمم الخربة.

فمن المعروف أن قلة قليلة هى التى تتحدث عن الظروف التى يعمل الأساتذة فى ظلها والمصاعب التى يواجهونها طوال العام، وهى ظروف تحول دون تحقيق التطور الذى ننشده فى التعليم الجامعى ومن ثم فى التعليم بشكل عام. قد لا يعرف البعض أن أستاذ الجامعة يتولى إلقاء المحاضرات النظرية والدروس العملية طوال العام وأحيانا يتنقل بين كليات مترامية الأطراف حاملا حقيبته من محطة قطار إلى محطة أخرى ثم يأتى موسم الامتحانات بنواتها التى صارت بعبعا ليس فقط للطلاب وأولياء الأمور ولكن أيضا للأساتذة حيث الخوف والتوجس من تسرب الامتحانات وتصيد الأخطاء وتصفية الحسابات. قد يجد أحدهم ضالته فى ورقة أسئلة نسيها زميل له أثناء الطباعة، فبدلا من الاتصال بهذا الزميل لتحذيره وتنبيهه بالأمر فإذا به يرسلها للعميد أو رئيس الجامعة أو يرسلها لصحيفة. وإذا انتهت مرحلة وضع الأسئلة على خير فإن الأستاذ يدرك انه لم يجتز بعد مرحلة الخطر فهناك مرحلة تتعلق باستلام كراسات الإجابة وتصحيحها فعليه أن يحصر هذه الكراسات قبل تسلمها والتأكد من الأختام التى تزيين الغلاف الخارجى. وقد ينشط البعض فى تلك المرحلة بهدف إلحاق الضرر والأذى بزملائه لتصل الأمور إلى حد السرقة المتعمدة لحفنة من كراسات الإجابة وإرسالها لرئيس الجامعة لتبدأ مسيرة تحقيقات تقضى على ما تبقى من شهور الصيف التى ينتظرها الأستاذ بفارغ الصبر ليقضيها مع أسرته وقد يحالف الحظ الأستاذ ليخرج سالما من هذه المرحلة معتقدا بأنه فى سبيله إلى قضاء أجازه خالية من التحقيقات إلا أنه سرعان ما يقع فى شرك آخر يتعلق بأعمال الكنترول والتى تتطلب الدقة وصفاء الذهن وهى صفات استنزفها الأستاذ فى المراحل السابقة. ومن المعروف أن أى خطأ مادى— كأن يخطئ فى جمع الدرجات— قد يفتح باب الجحيم أمام أعضاء الكنترول وتدفعهم لشد الرحال إلى المصيف فى معية المحقق القانونى. وقبل أن تنتهى التحقيقات الصيفية يدرك الأستاذ أن عليه أن يبدأ عاما دراسيا جديدا قديما. أرى القارئ ملوحا مستنكرا ما يحدث ومعبرا عن دهشته البالغة، إذ كيف آلت الأمور إلى هذا الحد فى الجامعات وربما يتساءل قائلا: هل سنرقى بالتعليم الجامعى فى ظل هذه الظروف السيئة وهذه الأجواء المسمومة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد سنوات من القطيعة.. اجتماع سوري تركي مرتقب في بغداد| #غرف


.. إيران تهدد بتدمير إسرائيل.. وتل أبيب تتوعد طهران بسلاح -يوم




.. وفاة طفل متأثرا بسوء التغذية ووصوله إلى مستشفى شهداء الأقصى


.. مدرسة متنقلة في غزة.. مبادرة لمقاومة الاحتلال عبر التعلم




.. شهداء وجرحى بينهم أطفال في استهداف الاحتلال مجموعة من المواط