الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحم البشر و آداب المائدة

أوزجان يشار

2007 / 7 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من آداب المائدة ألا تذكر شيئا يشمئز منه أي من الجالسين حولها . وأما أن يفتح موضوع أكلة لحوم البشر على المائدة فمن الجرائم التي لا تغتفر . ولكن عالم الأدب الرحب يتسع لهذه وتلك , والافظع منهما . ورأيت أن أسرد شيئا عن الروائي الفرنسي جوستاف فلوبير.
كان فلوبير يكتب أشهر رواياته ( مدام بوفاري ) و كان انفعاله بما يكتب كبيرا, فكأنه قلد جحا في تصديق كذبته, ففي أحدى الاساطير عن جحا, فقد قد قال جحا لأبنائة كاذباً بأن في قصر الوالي مأدبة عشاء و حفل كبير, فذهب الاطفال نحو قصر الوالي و ارتاح جحا من الضجيج و الصراخ و لكن جحا بعد ساعات من الهدوء و لأنهم لم يعودوا سريعاً, صدق كذبته ولحقهم .
و عندما كان فلوبير يصف في الفصل الأخير تناول بطلة الرواية السم , ويروي قصة الساعات الأخيرة من عمرها .. كانت تقيء باستمرار .. وكان فلوبير يكتب اسطرا ويذهب إلى المرحاض .. لكي يتقيء .
ولا أرى بأسا في أن أقص قصتي مع رواية ( مدام بوفاري ) . فرغم أنني أتناول الموضوع بخفة غير خافية فأنني لم أكد أضع الرواية من يدي حتى انتابني انقباض أخذ بمجامعي , وقد مضى علي بعد ذلك نحو سنة لم اقرأ فيها رواية أخرى خشية معاناة اعراض مشابهة . وإمعانا في الاستطراد سأروي ما حدث بعد انقضاء هذه السنة .
لقد قررت أن أعود إلى قراءة الروايات ورأيت أن أبدأ بالروايات العربية فكان أول ماوقع بين يدي رواية شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف . وهي رواية مشحونة : فيها سجون وتعذيب واعتقالات سياسية . نظام الحكم يتكيء على حياة بطل الرواية فيخربها تخريبا , وتعيش الشخصية عشرات الصفحات مشوهة محترقة من الداخل لقد حرمتني هذه الرواية من العودة إلى قراءة الروايات أشهرا عديدة , وعندما عدت بدأت أقرأ قصصا قصيرة وروايات لأديب انجليزي يقتصد في عرض انفعالات أبطاله . وق دتسكعت في رواياته وقصصه طويلا لأنه كان مريحا , وأما القيمة الأدبية لكتابته فأمر فيه خلاف شديد بين النقاد . وهو بالمناسبة سومرست موم الذي مات قبل 26 سنة .
العجيب أنني عندما قرأت شيئا عن لحوم البشر وأكلها لأديب آخر من الجزر البريطانية لم أشعر بأي انقباض . ذلك الأديب هو جوناثان سويفت الأيرلندي الأصل وصاحب " رحلات جاليفر " في بلاد الأقزام ثم في بلاد العمالقة .
كتب سويفت مقالا بصحيفة أنجليزية يقول فيه إن من الأجدى على الانجليز أن يأكلوا لحم الأطفال الأيرلنديين عوضا عن أكل لحم الخراف . فلماذا لا ينشئ السادة في لندن مزارع في ايرلندا لتربية الأطفال بغرض ذبحهم والانتفاع بلحومهم ! كان سويفت يعرض هذا المشروع ببرود ويحاول أبراز الجدوى الاقتصادية له , ولكن لم يغب عن بال احد أنه أنما يعبر عن وجهة نظر ساسية . كان يدافع بطريقته الخاصة عن شعب أيرلندا ومعاناته من الحكم الأنجليزي ومن سيطرة الإقطاعيين الأنجليز .
وقد زعم الرواة أن عمرو بن قعاس وهو شاعر " جاهلي " سكر يوما فذبح ابنه وشوى لحمه وأكل منه على جوع وقال : ولحم لم يناله الناس قبلي أكلت على خواء و آشتويت
و ورد في أساطير العرب القدماء أن معد بن نزار جد العرب العدنانية ( لعل الأصح نزار بن معد ولكن الكتاب الذي بيدي وهو" الصاهل و الشاجح" عكسها ) نزل به ضيوف في السنة مجدية فلم يجد سوى أبنه فذبحه وقدمه لهم ( لم يذكر الكاتب إن كان قدمه مشويا او مقليا بالدهن او مطبوخا بالماء) , ولم يكتف الرجل بذلك بل قال في المناسبة :
نعم إدام الضيف و الرفيق لحم غلام ماجد عريق يلت بالأحساب لا السويق
إذن فقد قدم الرجل لضيوفه لحم ابنه غير ملتوت بالسويق , وهو عصيدة كانوا يصنعونها من الدقيق , ولكن ملتوتا بالحسب والنسب .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال