الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الثقافة والتعليم في تعميق وترسيخ الازمة الانسانية

محمود نزال

2007 / 7 / 28
التربية والتعليم والبحث العلمي


عنوان غريب.. أليس كذلك؟! ربما.. ولكن لا تستغرب فقد حيرني هذا العنوان واستوقفني وذلك لأسباب كثيرة منها مثلا عندما أرى كثيرا من المثقفين، وكثيرا ممن يتهمون زورا ويعتبرون صناع قرار، وكثيرا ممن يوصفون بالمثقفين والمتعلمين وحملة الكراتين العليا (كراتين تسمى ظلما شهادات) ليسوا سوى عراة، لأنهم خلعوا منذ زمن رسالة المثقف، رسالته التي تجري في عروقه وتسكنه، رسالته في التحديث واستقلاليته الفكرية والثقافية، مهمته وحماسه للتغيير والتطوير ونزعته للتخلص من الجمود والتأييد الأعمى الشعبوي والأيديولوجي (الحزبي والتنظيمي مثلا).
هرول بعض المتثاقفين واندثروا بالهواء حيث أصبح هواء صحراءهم ملوثا ومشوها تماما كأحشاء جماجمهم التي أتحفظ وارفض تسميتها عقولا، طلبوا الأثمان البخسة والدنيئة أمثال نفوسهم سريعا، منصبا أو شهرة وجماهيرية مستمدة من كلام ليس وراءه فعل، فيه فتات حداثة وفتات تقليد. ماذا كانت إسهامات فلاسفتنا على كثرتهم منذ ثمانية قرون للإنسانية؟! عندما تستمع إلى احد الفلاسفة وما أكثرهم!!!! تظن نفسك انك أمام أفلاطون أو ارسطوا أو ستالين أو أي من عظماء التاريخ بكافة الحقول والجوانب، ومن المؤسف حقا أن أزمتهم (متنوعة الأبعاد) وخطابها سواء على الصعيد القومي أو القطري، يأتي في أصله من أزمة ما يسمى بالنخب المثقفة، التي يمكن تجسيدها بالأسئلة التالية: كم من دارس للفلسفة كافر بها؟! وكم من واع ومؤيد للتسامح وحق الاختلاف هو رمز للتعصب؟! وكم من رافع للواء الديمقراطية، لا يجف قلمه عن الكتابة فيها والتنظير لها على استعداد دائم لاغتيالها؟! وكم من دارس للإدارة هو أكثر الناس جهلا بها ويسيء استخدامها؟‍‍‍‌‍‍‍‍! وكم من رمز للأخلاق مجرد منها؟! وكم من متشدق باليسار والاشتراكية يسيء لليسار وتسكن في داخله الرغبة والميول في أن يصبح برجوازيا عفنا عند اقرب فرصة ممكنة؟! أيها المسيئون لليسار والاشتراكية، اليسار ليس كما تفهموه انتم، انتم ومن يدعون بأنهم يساريون اليسار بريء منكم، اليسار لا يتشرف بالأصنام والببغاوات التي تدعي اليسار، اليسار الحقيقي والواعي يعتبر المتبرجزين الذين يدعون بأنهم يساريون مجرد مرتزقة ليس أكثر، وكم من كبار نصبوا أنفسهم أو نصبوا أمراء بيان وأصحاب أقلام لا ينظرون إلا إلى مصالحهم الشخصية والقبلية والحزبية والتنظيمية الضيقة؟! وكم من مرتزق وساقط أخلاقيا يدعي الوطنية هو من قام بتدمير الوطن والمواطن سواء؟! أنا لا اقصد جزء معين أو شخص معين أو حزب معين من هذه البادية والصحراء والمنفى والمقبرة للإنسان والإنسانية، ولكن من يظن أن فيما أقوله ما يسيء لشخصه الكريم فليتذكر انه كاد المريب أن يقول خذوني أو من الأفضل أن يتذكر المثل الشعبي القائل( اللي على راسه.........)، هنا أستطيع كتابة المجلدات عن الأمراض الاجتماعية، النفسية والأخلاقية والتناقضات التي تستوطن وتتجسد بالعربان وأماكن تواجدهم.
أزمة التنمية الإنسانية هي أكثر ما يهمني، وذلك لان اغلب متثاقفينا ومجتمعاتهم يعانون من ظاهرة الانومية (Anomie ) حيث تحولوا إلى مجتمعات منهارة في قيمها ومتهافتة في بنيانها، تسود فيها فوضى غريبة تخلط الايجابي بالسلبي والصحيح بالخطأ مما يؤدي إلى انعكاسات سلبية في العمل والسلوك. ولهذا قررت الكتابة عن التنمية الإنسانية وذلك من منظور وظائف التعليم فيها حيث من المفترض أن يمارس وظائف متكاملة مثل التثقيف، التمهين، التأهيل، والاهم من كل هذا هو التربية السلوكية التي تعمل على تكوين راس المال البشري، حيث يفوق في أهميته راس المال النقدي (الملموس)، لأنه هو الأداة والصانع لقوة العمل وأدواتها، وهو الذي ينتج ويزيد من الإنتاجية بقدر ما يمتلك من المعرفة والمهارات.
يقول فرنسيس بيكون بان المعرفة قوة knowledge is power أي أنها مصدر قوة وهذا لا يعني في جانب معين فقط مثل الجانب الثقافي دون الجوانب الأخرى، بل تمتد لتطال جوانب الحياة الأخرى بكافة أشكالها وأهمها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، ولكن للأسف فلم يستطع التعليم الجامعي وداخل ثقافته الحديثة التي من المفترض أن تصبو به إلى أن يهز كثيرا من القيم المحافظة (المتخلفة) التي جمدت الحياة باسم الدين أو العرف أو التراث مما رسخت رجعية فكرية سايرت قيم التخلف وجعلت مجتمعاتنا يسيطر عليها العقلية الريفية، العقلية القبلية والعقلية الديماغوجية للاميين، من المفترض أن يقوم التعليم باجتثاث الآفات انفة الذكر ويستبدلها بقيم الحداثة التي من المفترض أن تكون الجامعات هي مصدرها وتعمل على إشاعتها، وان تخرج المثقفين الحقيقيين القادرين على تبني إحداث هذه الحداثة العصرية والضرورية لشعوب الكهنوت والطاغوت. لا أريد أن أسوق دول أوروبا أو أميركا أو العالم المتطور كمثال لأن الدول النايمة أو النامية والحمد لله في ظل المعطيات والأبعاد الحالية نحتاج إلى قرون وأجيال لنحذو حذو هذه الدول، واعتبرها جرما أخلاقيا إذا ما سمحت لنفسي أن أقزم وأحقر تلك الدول وتضحيات وعطاءات ابناءها بمقارنتها بمجتمعات الكهنوت والطاغية والطاغوت وشيخ العشيرة واله الحزب والهة العرش. ولذلك سأختار إفريقيا السوداء حيث كانت جامعاتها قادرة على إدخال القيم الثقافية التي كان لها دور كبير في العمل والتنمية قائمة على العلم، الكفاءة، الامتياز، الديمقراطية، المنافسة والتعاون المتكامل والمنظم لتحسين حياة تلك البلدان والنهوض بها.
ونظرا لأهمية التعليم والتربية ودوريهما في إحداث نقلة نوعية في مجال الاجتماع والاقتصاد وإحداث تغير نوعي كبير للارتفاع بالثقافة والحياة على صعيد التقدم والتمدين والتنمية سأقوم بكتابة سلسلة من الموضوعات في هذا الخصوص في الأيام القليلة القادمة تبرز أهمية التربية في جانبها الاجتماعي والاقتصادي والإنساني من اجل التنمية والاستمرار في التطور والتقدم ولعل متثقفيا يتذكرون أن من ربى ماله ولم يرب عريبه أي ولده، سيضيع الولد والثروة معا كما هو حاصل الآن.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع