الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الرأي و التعبير

سحر حويجة

2007 / 8 / 1
المجتمع المدني


الغاية القصوى من كفاح الإنسانية هي امتلاك الحرية بما تعنيه الحرية من قدرة الإنسان على تحقيق الذات البشرية ، عبر سيطرة البشر على حاضرهم ومستقبلهم وعلى ما يدور حولهم في الطبيعة والحياة، الحرية تعني كسر القيود التي تكبل العقل واللسان والسلوك من أجل الحياة، والتطور إلى الأمام ، ضد قوى الظلام ، التي تقيد البشر بقوة في أسفل القاع، مشدودين حول من يعيش في العلا، عميان وطرشان، عاجزين.
أساس الحضارة الحديثة كانت مجموعة الحريات التي أعتقت البشرية من ظلام القرون الوسطى، وقيودها المانعة لممارسة الناس حرياتهم، ساد العلم والعقل، والقانون الذي لا يفرق في الحقوق بين حاكم ومحكوم، تحت ضربات الناس وحلمهم بمجتمع آخر، تم كسر القيود، التي فصلت المجتمع الحديث عن المجتمع القديم ، لولا حرية التعبير، والاحتجاج ، والتظاهر ، لولا النقد للموروث والقائم لا بل إزاحته ، لما كان العصر الحديث ، حق التعبير تم انتزاعه بالقوة في سياق بناء مجتمع جديد، في مواجهة أنواع التخلف والقيود، أخذ المجتمع ينمو ويبني عمارته، وحرية الرأي و التعبير ترافق كل بناء جديد.
اختلطت الحرية بالفوضى في لحظة تاريخية ما، ولكن قدرة البشر في السيطرة على تاريخهم وتوجيهه وضمان الأفضل، استطاعوا تقنين جوانب من الحرية ليس وفق منظور مصالح سلطة أو فئة خاصة، بل وفق الصالح العام بما يخدم جميع أفراد المجتمع ، في سبيل صون حرية الأفراد والجماعات المختلفة، حتى لا يتم الانتقاص من حرية الأفراد، فكان إن قيدت القوانين المعاصرة، حرية التعبير التي يقصد منها الإساءة، لما فيها افتئات على الحرية نفسها، مثلاً تم منع الإساءة للأديان ، كونها تمس المشاعر وتحرك العصبيات والغرائز، ضماناً لحرية المعتقد، الذي يعود إلى قائمة الحريات الشخصية كان معيار التقييد للحرية عدم الإضرار والإساءة للغير ، وعدم التعدي على حرية الآخرين.
أما بما يخص النشاط العام، الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فحرية الرأي غير مقيدة إلا بالأمانة والدقة في نقل المعلومة ، لأنها جزء من رقابة المجتمع على السلطات المختلفة، تقوم الصحافة بوصفها سلطة رابعة بدور أساسي في النقد والرقابة إضافة لدورها في نقل وتبادل المعلومات ، وصيانة حريتها ، وتسهيل هذا الدور وضمانة الوصول للمعلومة. تساهم الشفافية التي تسود في المجتمع المعاصر بدور كبير لما تقدمه من معطيات وأدلة تساعد على تحقيق الرقابة وفعاليتها ، ويكون للنقد دوره البناء. الشفافية ضرورة لممارسة حرية الرأي والتعبير.
حرية الرأي والتعبير، حق من حقوق الإنسان المكفول بالأعراف والمواثيق الدولية مثل ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، وحق تكفله الدساتير الحديثة، والقوانين القائمة في بلد ما: حق الرأي والتعبير وحرية الصحافة ، وقضايا لصيقة بها مثل حرية الاعتقاد، إنشاء أحزاب، حق الاجتماع، والتظاهر.
المجتمعات العربية الأوضاع فيها مختلفة وتختلف من دولة إلى أخرى، أرى أنه من المناسب، استخدام حرية الرأي و التعبير مقياس أساسي للدرجة التي وصلت إليها كل دولة، في سلم التحول الديمقراطي، بل مقاساً للشكل الديمقراطي الخاص التي تتبعه هذه الدول ، من حيث المبدأ لا مجال لوجود ديمقراطية ، من دون حرية التعبير، من جهة نجد إن حرية التعبير مذكورة بأغلب الدساتير العربية، لكنها حبر على ورق، تلغيها القوانين الاستثنائية مثل قوانين الطوارئ، ورقابة السلطة التنفيذية، وسيطرتها على وسائل الإعلام، الإعلام الموجود في أغلبه إعلام سلطة ، بل يعبر عن المصالح الخاصة للأنظمة أو الفئات المتنفذة، حرية التعبير الممنوعة تنتهك بالاعتقال والتوقيف والمحاصرة .
لكن رغم أنف الأنظمة العربية الاستبدادية، وجدت بعض أشكال حرية التعبير منافذ لها، عبر الصحافة الإلكترونية، والإعلام الفضائي، لكن الرقابة تمتد لها بقوة عبر استخدام وسيلة حجب المواقع الإلكترونية، أو من خلال توقيف كتاب يكتبون عبر الشبكة الإلكترونية، أو بسبب لقاء تم عبر فضائية، حالات من لجم حرية التعبير وتقييدها.
تسيطر المؤسسات الدينية التقليدية على السياسة في الدولة العربية، سواء في مغازلة الأنظمة لها حتى لو كانت تدعي العلمانية، أو من خلال قوة المد الأصولي، في الحالتين يتم الحد من حرية الرأي حتى في الدول التي تتمتع بهامش ديمقراطي، حتى إنه يوجد ما يسمى رقابة شعبية ضد حرية الرأي ، الذي بدوره يحد من الحريات الشخصية الأخرى. مازالت التقاليد والعادات والمد الأصولي يدعم الاستبداد في تقييده لحرية التعبير، مثل سياسة التكفير القائمة في بعض الدول، أو التشهير والإساءة لبعض الكتاب في دول أخرى. يعود السبب الأساسي في ذلك إلى انتماء الكثير من المثقفين إلى هذه الفئة من المجتمع.
يساهم العنف السائد في بعض الدول العربية من التقليل من أهمية حرية التعبير وإضعافه حتى لو لم يوجد ما يعيقه قانوناً ، لصعوبة رقابة الاعلام، للسلطات المختلفة، بسبب تعطيل العمل في المؤسسات الاقتصادية ، وبسبب الخوف الذي يسيطر على رجل الإعلام أثناء القيام بدوره، خاصة ما يتعرض له الصحفيين من الضغوط و التهديد والقتل، إضافة إلى صعوبة كل أشكال الاجتماع والتظاهر في هذه الظروف. لذلك كثيراً، ما ينتشر الفساد في الدول التي يدور بها العنف، وتضعف مظاهر الاحتجاج والتظاهر، وحرية التعبير المختلفة. مما يعطي السمات الاستبدادية للقوى المسيطرة والنافذة.
حرية الرأي و التعبير قوة محركة أساسية في اتجاه التغيير ، يعطي الديمقراطية معناها القائم على حق الاختلاف، وحق الاختيار . تعمد الأنظمة التي تعرقل التحول الديمقراطي، إلى تقييد حرية الرأي والتعبير ، لتصل في بعض الدول إلى منع أي تعبير حر ومستقل. لأن الأنظمة تعتبر أن حرية الرأي ، هو معول يتم بواسطته تقويض أسس ودعائم الاستبداد، و الدكتاتورية ، وتقوم ادعاءات الأنظمة إن أشكال الحرية هذه مهددة للوطن، على أساس أن النظام هو الوطن، نجد التهم تلاحق كل من يعبر بحرية تتجاوز الخطوط المرسومة، عندما يمتلك الناس القدرة على التعبير ، ويقولون رأيهم، يكون حاجز الخوف الذي بنته الأنظمة عبر عقود قد انكسر .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار