الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا العلمانية ترتدي الحجاب

غازي الجبوري

2007 / 8 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية التركية التي جرت الأحد (22نموز 2007) أن حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حصل على نسبة أكثر من 47 بالمائة من الأصوات وهو ما أتاح له الحصول على حق تشكيل حكومة أحادية الحزب. أن فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات بهذا الحجم يرجع إلى ثقة المواطنين بقدرته القوية في الأداء السياسي والى منجزاته البارزة خلال فترة حكمه وأهمها:
1- ظهور مؤشرات واضحة على تطور الاقتصاد التركي فقد تجاوز حالة النمو البطيء وحقق نموا بمعدل 7% سنويا مسجلا بذلك رقما قياسيا. وهو ما أتاح للحزب العمل على تحسين ظروف معيشة الشعب التركي ورفع ميزانية الحكومة في مجال الضمان الاجتماعي مثل دعم المحتاجين والدعم الطبي والتعليمي . وخاصة في مناطق البلاد الوسطى والشرقية الفقيرة.
2- حافظ الحزب على علاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي ولم يوقف مساعيه لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وأصبحت تركيا دولة مرشحة لعضوية الاتحاد في أكتوبر عام 2005، الأمر الذي يعتبر تطورا تاريخيا خلال مسيرة سعيها للانضمام إليه . كما طور الحزب علاقات تركيا مع كل من سوريا وإيران وغيرهما من الدول المجاورة بشكل إيجابي ، ساعيا إلى إزالة أحقاد الماضي مع هذه الدول، مما رفع المكانة الدولية لتركيا. ونال حزب العدالة والتنمية إشادة واسعة من المواطنين بقدراته الدبلوماسية.
3- إن حزب العدالة والتنمية عكس نموذجا ايجابيا للتيارات السياسية الدينية المعتدلة من خلال قدرته على التكيف مع المتغيرات السياسية في الساحة التركية.
يتألف حزب العدالة و التنمية بزعامة رجب طيب اردوغان الذي يثير جدلا في تركيا حول توجهاته الإسلامية من ثلاث تيارات رئيسية ، التيار الأقوى فيهم و صاحب المبادرة هو التيار الإسلامي المنشق عن حركة أربكان ، و التيار الثاني هو التيار القومي المنشق عن حزب الحركة القومية ، و التيار الثالث وهو التيار العلماني اللبرالي المنشق عن أحزاب علمانية مختلفة ، و ما يجمع هذه التيارات الثلاثة هو الرفض غير المعلن لقدسية الأيديولوجية الكمالية ( نسبة إلى الرئيس التركي الراحل كمال أتاتورك )و هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي ، و يتوضّح هذا من خلال تركيز هذا الحزب على عملية الإصلاح السياسي و العمل على تجذ ير الديمقراطية و تحويلها إلى ثقافة شعبية ، و تفعيل مفهوم دولة المؤسسات و عدم التراجع عن مشروع تركيا للانضمام للاتحاد الأوربي الذي يعتبره حزب العدالة و التنمية الحاكم اليوم صمّام الأمان لإصلاحاته السياسية الهادفة أيضا لتقليص هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي .
وكان حزب العدالة و التنمية ، قد حصل على نسبة 34 بالمائة من أصوات الناخبين ليحقق الأغلبية المطلقة في البرلمان بحصوله على 365 مقعدا في انتخابات 3 نوفمبر 2002 برغم أنه أسس قبل وقت وجيز جدا من موعد الانتخابات ، بالإضافة إلى حصوله على نسبة 42 بالمائة في الانتخابات البلدية ليتولى إدارة 12 بلدية كبرى من مجموع 16 بلدية . والسبب يعود للنجاحات التي حققها رجب طيب اردوغان في إدارته لبلدية اسطنبول في سنوات سابقة ، و لرفض الناخب التركي لأداء الأحزاب التقليدية وتفضيله إعطاء الفرصة لجيل جديد من السياسيين الأتراك .
و خلال ثلاث سنوات من عمر حكومة حزب العدالة و التنمية في تركيا نجح في الرفع من حجم التجارة الخارجية عام 2005 إلى ما يقارب من 200 مليار دولار ، و حجم الصادرات التركية إلى 70 مليار دولار ، و استطاعت أن ترفع احتياطي البنك المركزي التركي إلى 58 مليار دولار في حين انه كان لا يتجاوز 26 مليار دولار قبل تسلم اردوغان السلطة .
و على المستوى السياسي نجح أردوغان في تحقيق حدّ أدنى من التوازن بين حكومته و مراكز النفوذ العلمانية و خاصة المؤسسة العسكرية ، و استطاع لأول مرّة أن يعدّل توجهات السياسة الخارجية لتركيا ليوازن بين مشروعها الأوروبي و بين مصالحها مع بقية الأطراف الدولية .
أما خصوم حكومة العدالة و التنمية فيعيبون عليها الإعلان عن نفسها كشريك استراتيجي في مشروع الشرق الأوسط الكبير و يستغربون حماس حكومة اردوغان لتمرير مشروع القرار لفتح القواعد التركية أمام القوات الأمريكية إبان التدخل العسكري الأمريكي في العراق ، و الذي رفضه البرلمان التركي برغم إصرار حكومة اردوغان آنذاك ، و يعتبرونها أيضا قد فشلت رغم الأغلبية التي تحظى بها في التوصل إلى حلّ لقضية الحجاب التي لا تزال مطروحة و التي وعد أردوغان بحلّها في حملته الانتخابية ، و تراجعت حكومته أيضا عن سنّ قانون يجرّم الزنا ..
وعلى الرغم من ذلك فان مثل هذه الطروحات تعكس التوجهات الإسلامية لحزب العدالة والتنمية لان الأحزاب في تركيا تصنف إسلامية من خلال الشعارات التي ترفعها أو من خلال تديّن قادتها و أنصارها و أيضا من خلال الأنشطة و المشروعات التي تطرحها و ليس من خلال مشروع التأسيس للحزب أو الأدبيات لأن الدستور التركي يمنع تأسيس أحزاب ذات مرجعيات دينية أو عرقية .
أما مسألة أسلمة الدولة فإنها غير مطروحة كشعار أو مشروع لدى التيار الإسلامي التركي لكنهم يتفقون جميعا على العمل من أجل أسلمة المجتمع دون التصريح بذلك تجنبا للعقبات التي قد تضعها المؤسسة العسكرية والتيارات السياسية العلمانية الكمالية.
ويبقى التساؤل قائما حول قدرة هذا الحزب على أسلمة المجتمع التركي في ظل الظروف السياسية التركية والأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة من خلال التوفيق بين الإسلام والعلمانية.
فالتيار الإسلامي التركي قوة اقتصادية و يكفي أنه يمتلك ما يزيد عن خمس فضائيات و العشرات من المحطات الأرضية ، بالإضافة إلى المئات من الإذاعات وعدد من الصحف اليومية و الأسبوعية و المجلات و مراكز أبحاث متخصصة ، و نشط أيضا في تأسيس المدارس الخاصة و الجامعات و دور النشر ، و تحول إلى قوة اقتصادية هائلة حيث تمتلك بعض الجماعات مصارف إسلامية ، و استثمارات في مجال الصناعة و السياحة و الفندقة ، و توجد للتيار الإسلامي ما يزيد عن خمس جمعيات لرجال الأعمال ، و التنظيمات المهنية كالنقابات ، كما يدير التيار الإسلامي آلاف من الأوقاف الخيرية و التعليمية و الصحية و جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان و المرأة و الطفل و البيئة و غير ذلك .. ومن هنا فان فرص نجاح المشروع الإسلامي في تركيا باتت اقرب إلى الإنجاز والتحقق اكثر من اي وقت اخر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تضييقات الاحتلال.. فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في ال


.. دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس تعلن عن تأدية 40 ألف فلسطيني




.. خطيب المسجد الحرام: فرحة العيد لا تنسي المسلمين مآسي ما يتعر


.. مراسل العربية أسامة القاسم: نحو 1.5 مليون مليون حاج يصلون إل




.. مبعدون عن المسجد الأقصى يؤدون صلاتهم عند باب الأسباط